لقد أتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي لإلقاء كلمة في جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي بشأن فلسطين. وقد تم توجيه الدعوة أيضا إلى السيدة لانا نسيبة سفيرة الإمارات ومندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة بصفتها رئيسة مجلس الأمن.
ركزت في إحاطتي، التي افتتحت بها الجلسة، على أهمية معالجة حقوق الإنسان الفلسطيني. لم يُتخذ أي إجراء ملموس لكبح جماح السلوك الإسرائيلي خلال 56 عامًا من الاحتلال، ما أدى إلى تشوهات مأساوية غيرت الثقافتين السياسيتين الإسرائيلية والفلسطينية.
لقد أصبحت إسرائيل متشددة بشكل متزايد تجاه فلسطين. في غضون ذلك، يرفض الفلسطينيون القيادة المعتدلة، وقد زاد منسوب يأسهم من إمكانية إيجاد حل سلمي، وهم يدعمون بشكل متزايد العنف باعتباره السبيل للمضي إلى الأمام. إن الحث على ضبط النفس من جميع الأطراف، والدعوة إلى المفاوضات، وإعادة التأكيد على دعم حل الدولتين لم يكن كافياً ولم يعد كافيا.
اقترحت بعد ذلك عدة إجراءات محددة يمكن أن تتخذها الدول الأعضاء، حيث قلت في مداخلتي ما يلي:
«الإجراءات، وليس التصريحات، هي اللي ستساهم في استعادة الأمل الفلسطيني، وإنهاء إحساس إسرائيل بالإفلات من العقاب، وتمكين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يسعون إلى مستقبل سلمي... يحتاج الإسرائيليون إلى معرفة أن هناك خطوطًا حمراء إذا تم تجاوزها فسيكون لها عواقب. ويحتاج الفلسطينيون إلى معرفة أنهم ليسوا وحدهم، وأن العنف ليس هو الحل... فقط بعد أن نغير الديناميكية السياسية التي تساعد على علاج التشوهات السياسية التي تصيب كلا المجتمعين يمكن أن يحدث أفق سياسي».
بعد ملاحظاتي، تحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، وكذلك فعل السفراء الذين يمثلون جميع الدول الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن.
ظهرت عدة موضوعات مشتركة في ملاحظاتهم: الإدانة الموحدة لإعلان إسرائيل التوسع الاستيطاني الهائل وهجمات المستوطنين الهمجية على القرى الفلسطينية، والتي وصفها كثيرون بأنها أعمال إرهابية وتحريضية.
كما لفت العديد من المبعوثين الانتباه إلى النقص المالي الحاد الذي تعاني منه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين التابعة (الأونروا) ودعوا إلى زيادة التمويل للاجئين الفلسطينيين.
كانت بعض مداخلات السفراء جديرة بالملاحظة بشكل خاص. كانت تصريحات السفير الأمريكي روبرت وود أكثر مباشرة مما كان متوقعا وانتقدت بشدة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الهائل الذي أعلنته إسرائيل مؤخرا والتصعيد الأخير لعنف المستوطنين.
بدلاً من البدء في سرد أحداث العنف الحالية مع هجوم 20 يونيو الفلسطيني الذي أدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين، أشار مبعوثون من فرنسا وسويسرا وموزمبيق إلى الغارات الإسرائيلية التي حدثت في 19 يونيو2023 على جنين والتي قُتل فيها تسعة فلسطينيين، بينهم طفلان. وأشاروا وآخرون إلى أن هذا الاعتداء ينتهك القانون الدولي ومبدأ التناسب في القوة.
إلى حد بعيد، كان التدخل الأكثر قوة من قبل السيدة لانا نسيبة التي تحدت بشكل مباشر المسؤولين الإسرائيليين الذين دعوا إلى بناء المزيد من المستوطنات وقتل الفلسطينيين، مشيرة إلى هذه الإجراءات والتعليقات على أنها «تحريض خطير وغير مسؤول على العنف».
ثم بعد الإشارة إلى القلق من التوغلات الإسرائيلية في المدن الفلسطينية والقصف الجوي الأخير في الضفة الغربية - الأول منذ 20 عامًا - صرح السفير الإماراتي بأن «العنف يولد العنف والأمن سريع الزوال في غياب العدالة وسيادة القانون والمسؤولية».
بعد حديث سفراء مجلس الأمن، كان من الواضح أن إسرائيل معزولة بسبب سلوكها وتصرفات المستوطنين المتطرفين. حاول سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان الدفاع والرد على ما قيل.
بدأ إردان بقصة شخصية مقنعة لفتاة إسرائيلية شابة قُتلت في هجوم جد مؤخرا، مشيرًا إلى أنه لم يذكرها أحد في الغرفة، مما يعني أن التركيز على الفلسطينيين كان بطريقة ما إهانة للإسرائيليين.
ثم طعن المبعوث الإسرائيلي في القضية التي قدمها السفراء الآخرون بأن المستوطنات هي انتهاك للقانون الدولي وعقبة أمام السلام وتحريض على العنف.
وزعم أن الأرض ليست «مناطق محتلة» ولكنها «متنازع عليها»، حيث لم تكن هناك سيادة فلسطينية على تلك الأرض. على أي حال، فإن الأرض المعنية هي «يهودا والسامرة»، المكان القديم للشعب اليهودي الذي يتمتع بالتالي بحق قانوني وأخلاقي في العيش هناك.
وزعم أن الفلسطينيين لا يكرهوننا لأننا نبني على هذه الأرض. إنهم يكرهوننا لأنهم تعلموا أن يكرهونا منذ الولادة ويريدون تدميرنا.
وأصر على أن مصدر الصراع ليس ما فعله الإسرائيليون بالفلسطينيين - إن «الكراهية الوجودية التي سممت عقولهم هي أصل الصراع». (كان هذا، بالمناسبة، أوضح مثال على التشوهات السياسية للإفلات من العقاب والتعصب التي أشرت إليها في ملاحظاتي الافتتاحية).
ثم، في محاولة أخيرة للتهرب مما قيل، حاول المبعوث الإسرائيلي تحويل المناقشة إلى إيران بحجة أن هذا البلد، وليس إسرائيل، هو ما يجب أن يناقشه المجلس باعتباره «التهديد الأكثر إلحاحًا الذي يمثل خطرا على الأمن العالمي».
ردا على السفير الإسرائيلي فإننا نقول الخطر الذي تشكله إيران والمليشيات المتحالفة معها على المنطقة هو بالطبع حقيقي غير أن ذلك لا يمثل مبررا لتحويل الأنظار عن الفلسطينيين وما تقوم به إسرائيل.
إن التحدي الذي يواجه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واضح. إن فهمهم لعدم شرعية الأفعال الإسرائيلية والخطر الذي يشكله المستوطنون المتطرفون يجب معالجته بأكثر من الكلمات. وكما أشار سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، يجب أن تكون هناك عدالة وسيادة القانون والمساءلة. يتطلب ذلك أكثر من مجرد بيانات عن القلق. يتطلب ذلك العمل الدؤوب.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك