العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

أخطأ المواطن الخليجي مرة.. وأصاب مرتين

اعتدنا‭ ‬كدول‭ ‬وشعوب‭ ‬خليجية‭ ‬أن‭ ‬نتقبل‭ ‬الإشادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬النقد،‭ ‬وأن‭ ‬نسعد‭ ‬بالمدح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الذم،‭ ‬وأن‭ ‬نتناقل‭ ‬التقدير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تناقلنا‭ ‬الأخطاء‭ ‬والملاحظات‭.. ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬صدرت‭ ‬الإشادة‭ ‬أو‭ ‬المدح‭ ‬أو‭ ‬التقدير‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬خارج‭ ‬دولنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭.‬

الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬عموما،‭ ‬والخليجية‭ ‬خصوصا،‭ ‬لديها‭ ‬حساسية‭ ‬مفرطة،‭ ‬وثقافة‭ ‬متوارثة،‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬أي‭ ‬زائر‭ ‬وضيف‭ ‬يزور‭ ‬بلادها،‭ ‬ثم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬ملاحظة‭ ‬موجودة،‭ ‬أو‭ ‬ينتقد‭ ‬سلوكيات‭ ‬غير‭ ‬سليمة،‭ ‬أو‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ممارسات‭ ‬غير‭ ‬حضارية‭ ‬وقانونية،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬موثقة‭ ‬ومصورة،‭ ‬مسجلة‭ ‬ومثبتة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬الملاحظات‭ ‬والسلوكيات‭ ‬والممارسات،‭ ‬ولكن‭ ‬الشعور‭ ‬العاطفي‭ ‬الوطني،‭ ‬يطغى‭ ‬عند‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف،‭ ‬ويتحول‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬للملاحظة،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالتقصير،‭ ‬والسعي‭ ‬للتصحيح،‭ ‬إلى‭ ‬شعور‭ ‬إنكار‭ ‬الملاحظة،‭ ‬ثم‭ ‬نقد‭ ‬ذات‭ ‬الشخص‭ ‬وفعله،‭ ‬وربما‭ ‬دولته‭.. ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المثل‭ ‬المعروف‭: ‬‮»‬لا‭ ‬تعايرني‭ ‬وعايرك‭.. ‬والهم‭ ‬طايلني‭ ‬وطايلك‮«‬‭.. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أمثال‭ ‬شعبية‭ ‬دارجة،‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬خارجة‭ ‬ومسيئة‭..!!‬

حكاية‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬البلاد،‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬المنامة،‭ ‬ثم‭ ‬شاهد‭ ‬وصور‭ ‬التجاوزات‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البيع‭ ‬في‭ ‬‮«‬البسطات‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للقانون‭ ‬ولا‭ ‬السلامة،‭ ‬ولا‭ ‬الصحة‭ ‬ولا‭ ‬البيئة،‭ ‬ثم‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬بتصويره‭.. ‬نقول‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬أخطأ‭ ‬مرة‭ ‬ثم‭ ‬أصاب‭ ‬مرتين‭.‬

أخطأ‭ ‬مرة‭.. ‬لأن‭ ‬الثقافة‭ ‬الخليجية‭ ‬المتوارثة‭ ‬تجاه‭ ‬الزوار‭ ‬والسياح‭ ‬والضيوف،‭ ‬ترى‭ ‬أنهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحدثوا‭ ‬عن‭ ‬الإيجابيات‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬ينقلوا‭ ‬السلبيات،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يصوروا‭ ‬ويسجلوا‭ ‬الإنجازات‭ ‬لا‭ ‬الملاحظات،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يراعوا‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬والحساسية‭.. ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬ثمة‭ ‬أخطاء‭ ‬أو‭ ‬ملاحظات‭ ‬فقنوات‭ ‬التواصل‭ ‬معروفة،‭ ‬ويمكن‭ ‬السؤال‭ ‬عنها،‭ ‬وإيصال‭ ‬الملاحظات‭ ‬لها‭.‬

وأصاب‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬مرتين‭.. ‬مرة‭ ‬حينما‭ ‬حرّك‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لمعالجة‭ ‬الملاحظة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬معها‭.. ‬ومرة‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬بنقل‭ ‬ونشر‭ ‬شكره‭ ‬وتقديره‭ ‬وإشادته‭ ‬لسرعة‭ ‬تجاوب‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬مع‭ ‬الملاحظة‭ ‬ومعالجتها،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬حيالها‭. ‬

النائب‭ ‬محمد‭ ‬جناحي‭ ‬نشر‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬لتحذيره‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬ذات‭ ‬الملاحظة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬ولا‭ ‬تجاوب‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬بنشر‭ ‬ذات‭ ‬الملاحظة‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬تم‭ ‬التواجب‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ساعات‭ ‬قليلة‭..!! ‬

لذلك‭ ‬نقول،‭ ‬أننا‭ ‬لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬لأن‭ ‬نحرج‭ ‬أنفسنا‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬والرأي‭ ‬العام،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قمنا‭ ‬بمسؤولياتنا‭ ‬وواجباتنا‭ ‬والمتابعة‭ ‬المستمرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬بيع‭ ‬‮«‬البسطات‮»‬،‭ ‬والبيع‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬آمنة‭ ‬وصحية،‭ ‬ظاهرة‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محافظات‭ ‬البلاد،‭ ‬ونراها‭ ‬يوميا،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬معها،‭ ‬سوى‭ ‬عند‭ ‬الحملات‭ ‬الدورية‭.‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي،‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نقترح‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ -‬ربما‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭- ‬بأن‭ ‬تقوم‭ ‬بتوزيع‭ ‬بطاقة‭ ‬بكافة‭ ‬اللغات‭ ‬على‭ ‬السياح‭ ‬عند‭ ‬وصولهم‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬تتضمن‭ ‬معلومات‭ ‬أساسية‭ ‬عن‭ ‬البلاد،‭ ‬والمناطق‭ ‬السياحية،‭ ‬بجانب‭ ‬رقم‭ ‬هاتفي‭ ‬وعنوان‭ ‬إلكتروني‭ ‬لإيصال‭ ‬أي‭ ‬ملاحظة‭ ‬أو‭ ‬شكوى‭ ‬أو‭ ‬مقترح‭.. ‬وكان‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬العون‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا