اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
كبسولات الحب
كتبت إحداهن وهن من الشهيرات الناشطات على وسائل التواصل تويته طرحت فيها عدة تساؤلات ألا وهي:
من الذي يصنع الكراهية؟
من الذي يغذيها؟
ولماذا؟
ومن المستفيد من الإنتاج اليومي والغزير لهذه السلعة الضارة؟
أما سؤالي شخصيا فهو:
من أين لنا الحصول على إجابة محددة شافية على تلك الأسئلة؟؟
لعل أجمل ما قرأت عن شعور الكراهية البغيض هو أنه الإحساس الأطول أمدا على الاطلاق، حيث يقع الناس في الحب في لحظة خاطفة، ولكنهم يكرهون بتمهل، وعلى روية، حتى أن سنوات من الحب قد تنسى وتمحى في لحظة من الكراهية، مع أن الحب هو الأقرب إلى قلب الإنسان.
نعم، وكما قال د. مصطفى محمود: «الكراهية تكلف أكثر من الحب.. لأنها إحساس غير طبيعي.. عكسي.. مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض.. تحتاج إلى قوة إضافية.. وتستهلك طاقة ووقودا أكثر»!.
الكراهية مثلها مثل الفيروس الكامن، الذي يسكن كافة الأجساد البشرية، وهو يستيقظ فجأة حين تنخفض مناعة الحب بداخلها، فينشط ويشعلها بغضا وحقدا، وقد تكلف من يشعرون بها حياتهم، لأنها كالنار الذي يحرق الأولي والتالي.
الكراهية من الشيطان، والتحريض عليها أصبح سلعة رائجة في عالمنا اليوم، تهدد السلم الاجتماعي، وربما يحدث ذلك على نحو واع ومخطط له من قبل البعض أفرادا كانوا أم دولا.
يتساءل كيرت فونجوت في روايته جالد باجوس:
ما المصدر الخفي للشرور التي نشاهدها ونسمع عنها في كل مكان؟
إنه غياب الوازع الأخلاقي، الذي تحدثت عنه عالمة النفس والأعصاب بجامعة أكسفورد كاثلين تايلور، حيث أكدت على أنه لن يكون لهذا الوازع صوتا في اللجان العصبية ما لم تكن الأنماط القامعة نشطة أثناء تكون الحافز في مرحلة الاستعداد، لذلك يصبح لا جدوى للتعاليم الأخلاقية إذا لم يتم تفعيلها والعمل بها عند اتخاذ قرار الفعل.
واليوم يتم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتكريس تغييب هذا الوازع بشدة بهدف نشر الكراهية لتحقيق مكاسب من أي نوع، وذلك على حساب إنسانيتنا وتماسكنا وقيمنا واستقرارنا وتنميتنا، صحيح أن هناك قوانين وإجراءات رادعة في كثير من الأحيان، ولكن يبقى العامل الأساسي المساعد على التعافي هو تناول جرعة من كبسولات الحب، لأنها المضاد الحيوي الفعال لمحاربة وقتل فيروس الكراهية.
إن ثقافة المحبة تنتج واقعا مسالما متسامحا مع الآخر ومتقبلا له، فتنقية القلب من الأحقاد والضغائن التي تسببها مشاعر الكراهية هي التي تخلق نوعا من السعادة الكفيلة بإثراء علاقاتنا الشخصية، ومن ثم نشر السلام والارتقاء بمجتمعاتنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك