خاطرة
عبدالرحمن فلاح
الوصية الجامعة!
يقول تعالى بعد ذكر وصايا كثيرة لو عمل بمقتضاها المسلمون لارتقوا في مدارج الكمال الإنساني، ولاقتربوا من المراتب العليا من الأخلاق، أو كادوا أن يقاربونها.
يقول تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الأنعام / 153.
هذه هي الوصية الجامعة المانعة التي جمع الله تعالى فيها كل الوصايا التي ذكرتها سورة الأنعام في الآيتين (151، 152)، وهذه الوصايا هي منهاج عمل للمسلم في ليله ونهاره.. في حركته وسكونه، ولو حققوا ذلك لعز المسلمون، ولأصبحوا سادة الدنيا من جديد كما كانوا في فجر الدعوة الإسلامية المباركة وقبل أن يدهمهم التخلف، ويلقي على كواهلهم مواريث القرون الوسطى المتخلفة.
إذًا، فالوصية الجامعة التي ختم الله تعالى بها وصاياه هي بمثابة دستور عمل يتحرى الإبداع والكمال الإنساني المقدر في وقت درجت الأمم على تتبع سبل الرقي، والبحث عن المراتب العليا في كل نشاط يقومون به، أو يلزمون أنفسهم بالتفرد فيه، وحري بأمة جاء في كتابها الدعوة إلى الإحسان والإتقان أن تسعى جاهدة قدر الإمكان، وفي كل شأن من شؤونها أن تبذل قصارى جهدها في إتقان كل ما تقدمه إلى البشرية من أقوالها وأفعالها عملًا بقوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تَمُّرُ مَرَّ السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون) النمل / 88.
الحق سبحانه وتعالى يضرب مثالًا على دقة الصنع، وتمامه بالجبال التي جعلها الله تعالى أوتادًا للأرض، فمن يراها يحسبها جامدة من دقة صنعها، وكمال هيئتها لكنها في الحقيقة هي تتحرك وإن ظنها الناس أنها جامدة، إنها تتحرك تبعًا لحركة الأرض، فحركتها ليست ذاتية، بل هي تتحرك لأنها مغروسة في شيء يتحرك حركة ذاتية، ولقد استدل العلماء بهذه الآية الجليلة على إثبات حركة الأرض ردًا على من يقول بثباتها، فالجبال من دقة الصنع تبدو وكأنها ساكنة جامدة لكنها في حقيقتها تتحرك، وصدق الله العظيم: (صنع الله الذي أتقن كل شيء) النمل/88.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك