الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
السويد.. والقرآن الكريم
في يناير الماضي، وحينما وقعت حادثة حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد، علق رئيس الوزراء السويدي قائلا: «إن حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أمر ملائم».
وبالأمس، حينما تكررت حادثة حرق نسخة من المصحف الشريف بالسويد، قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية كلاما مقاربا ومتشابها ومتطابقا: «إن حرق النصوص الدينية أمر غير محترم ومؤذٍ، وما قد يكون قانونيا بالتأكيد ليس مناسبًا بالضرورة».
ومع تلك التصريحات والتعليقات تردد الشعوب العربية والإسلامية بكل استغراب: «وماذا بعد؟ وماذا كسبنا من كلامكم المتقارب والمتشابه والمتطابق؟ وما هو الضمان لعدم تكرار تلك الجرائم؟».
تكرار حوادث حرق نسخ من القرآن الكريم، في السويد وغيرها، في ظل «رخاوة» ردود الفعل الغربية، واستمرار بيانات الإدانة العربية، وتصريحات الاستنكار الإسلامية، يستوجب التحرك الجماعي لإعادة الصياغة الدولية لمفهوم «التسامح والحرية.. والعنصرية والكراهية»، واتخاذ خطوات أكثر تأثيرا وفاعلية.
ربما كان للدول والحكومات علاقات وقوانين واتفاقيات، تلزمها التعامل والتعاون، والتبادل التجاري والنشاط الاقتصادي الاستثماري.. ولكن للشعوب حرية اتخاذ الممارسات القانونية، مع من يتجرأ على الإساءة للمقدسات الإسلامية.
تطبيق المقاطعة الشعبية على المنتجات السويدية جزء منها، وعدم السفر والسياحة هناك جزء آخر.. ولا تلام الشعوب الإسلامية إن أبدت التقدير والتعاطف مع روسيا تحديدا، بعدما أكد الرئيس الروسي: «إن روسيا تكن احتراما شديدا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة».
تزامن حرق نسخة من المصحف الشريف مع موسم الحج وعيد الأضحى المبارك استفزاز سافر لمشاعر المسلمين، وتحريض فاضح على الكراهية والعنف، ولكن هذا الأمر المسيء المتكرر لا يرتبط بمناسبة معينة، لأنه جريمة أساسا عند المسلمين، سواء كان خلال مناسبة دينية أو غيرها.
إننا كشعوب عربية إسلامية نأمل من الجهات والمنظمات الدينية، المسيحية تحديدا وغيرها، إعلان مواقفها صراحة، واتخاذ إجراءاتها في دولها، تأكيدا لحرصها على التسامح والتعايش، ورفضها كل ما يعكر صفو التقارب والحوار.. ذلك أن تلك القيم والمبادئ إن كانت مطلوبة من المسلمين فقط فهي ازدواجية واضحة، وتقلل وتقوض كل فرص وجهود ومساعي التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية.
يعد الدين الإسلامي ثاني أكبر ديانة في السويد، وعدد السكان المسلمين في السويد نسبتهم 8.1% من إجمالي عدد السكان البالغ 10 ملايين (حوالي 875 ألف شخص مسلم).. وعلى الرغم من كل ذلك فإن السويد التي تتحدث دائما عن المساواة والحقوق والعدالة، ويعتبرها البعض أنموذجا، تمارس الازدواجية والعنصرية وخاصة مع المسلمين، في ظل صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في الشأن السياسي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك