أحياناً نشعر أن أطفالنا لا يأكلون القدر الكافي من الطعام، ومن الطبيعي أن نتدخل في محاولات لضمان صحتهم وسلامتهم.
ولكن العلم الحديث أثبت أن أطفالنا بين عمر السنتين إلى خمس سنوات لديهم قدرة خارقة على تناول احتياجهم الكامل من السعرات والقيمة الغذائية بدقة عالية تصل إلى مقدار سعرة واحدة! كيف؟ هذا ما بدأت به كلامها وستشرحه بالتفصيل في المقال التالي أخصائية التغذية العلاجية مريم حاجي ومؤسس مركز تقدر للتغذية.
قام عدد من العلماء بجمع عدد كبير من الأطفال، وقاموا بحساب احتياجهم من السعرات باستخدام أحدث التقنيات وتسجيلها لديهم. ومن ثم أخذوا الأطفال إلى غرفة كبيرة، وضعوا فيها عددا كبيرا من الطاولات التي تحتوي على كل ما لذ وطاب من الأطعمة. وأعطي الأطفال الحرية التامة في اختيار الأصناف والكميات بدون أي تدخل خارجي. ولكن كان الباحثون متواجدين ويسجلون لديهم كمية وأنواع الطعام التي يتناولها كل طفل. ثم قاموا بحساب عدد السعرات في الأطعمة ووجدوا أن الأطفال دائماً اختاروا وتناولوا الطعام بناء على احتياجهم من السعرات بالضبط!
في اليوم الثاني، أخذوا الأطفال إلى نفس الغرفة ذات الطعام. ولكن هذه المرة طلبوا من أولياء أمورهم أن يتناولوا الطعام مع أبنائهم ويتدخلوا في الأصناف والكميات التي يختارها الأطفال. وقاموا مرةً أخرى بقياس الكمية النهائية التي تناولها الأطفال من الطعام. وهنا كانت الصدمة، وجدوا أن بعض الأطفال تناولوا أقل من احتياجهم، ومعظمهم تناولوا أكثر من احتياجهم! حيث أن تدخل أولياء الأمور أدى إلى اضطراب تلك الآلية الطبيعية التي أوجدت لدى الأطفال التي تسمح لهم بتناول ما يحتاجونه بدون زيادة أو نقصان.
العبرة من هذه الدراسة أن طفلك قادر على تقييم احتياجه، الدراسات تثبت لنا أنه يستحيل أن يصاب طفل بسوء تغذية حاد طالما يتوفر الطعام حوله، وطالما لا يجبر أولياء الأمور الأطفال على تناول او عدم تناول الطعام. عبارات مثل: «أكمل صحنك»، «يجب أن تأكل»، «شبعت؟» وغيرها تؤدي إلى اضطراب بوصلة الطفل الطبيعية التي تجعله يتناول الكمية الصحيحة.
وهنا يسأل الآباء: ولكن كمية الطعام التي يتناولها طفلي قليلة! أو في أيام يأكل الكثير، وأيام أخرى يأكل أقل. أو كان يأكل الكثير قبل عمر السنتين ولكن بعدها قل معدل تناوله للطعام بشكل محير! والجواب هنا بسيط: احتياج طفلك في أول سنتين من حياته أعلى بكثير من احتياجه بعد ذلك، لأن معدل نمو الطفل يقل بشكل تدريجي. في أول سنة من عمره يتضاعف وزن وحجم الطفل 3 أضعاف، في ثاني سنة يقل ذلك المعدل إلى أقل من ضعفين، ومن السنة الثالثة ينخفض إلى ربع ذلك. غير أن احتياج الطفل غير ثابت بشكل يومي، حيث نمو الأطفال عشوائي جداً.. في يوم واحد قد ينمو الطفل سنتيمترين، ثم لا ينمو إطلاقاً لعدة أسابيع. ومع عشوائية معدل النمو اليومي سنجد أن احتياج الطفل أيضاً عشوائي بين يومٍ وآخر.
الحل السليم للمحافظة على قدرة الطفل على تحديد احتياجه وتناوله هو توفير الطعام الصحي لطفلك، عدم توفير خيارات غير صحية إلا نادراً وبكميات بسيطة، وترك الطفل يختار بحرية كمياته من هذه الأصناف التي اخترتها أنت مسبقاً. تذكر دائماً أن تتحكم في الأصناف المتوفرة في المنزل، وليس في اختيار طفلك ضمن هذه الأصناف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك