الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ستصبح مجرد «زول» مغمض عيونه..!!
ذات مرة شاهدت مقطع فيديو لمحاضر سوداني، يتهكم فيه على أسلوب بعض المحاضرين والمدربين عن الطاقة الإيجابية والتنمية البشرية، وكيف يقول المدرب للمشاركين: «أغمض عينيك وتخيل أنك أسد، وستشعر بأنك أصبحت إيجابيا وقويا كالأسد».. فعلق المحاضر السوداني قائلا: «هذا الكلام غير صحيح، فأنت كشخص سوداني مثلا، عندما تغمض عينيك، ستصبح مجرد «زول» مغمض عيونه فقط.. وليس أسدا ولا هم يحزنون..!!».
ومؤخرا، وبعد حادثة قتل أحد السياح الأجانب من سمك القرش في البحر، ظهرت لنا نصائح وإرشادات كيف تتعامل عندما يهاجمك سمك القرش.. وكيف تضبط نفسك ومشاعرك وأنفاسك ولا تجعل سمك القرش يهاجمك.. ولا أدري أي تفكير وهدوء سيصاب به الإنسان عندما يشاهد سمك القرش يقترب منه ويوشك أن يلتهمه ويمزقه إربا..؟؟
مناسبة هذا الحديث، إن النصائح والإرشادات، والمحاضرات والدورات، والورش والجلسات، المتعلق منها بالطاقة الإيجابية والتنمية البشرية، والسكون الذاتي والصحة النفسية وغيرها، إن لم ترتبط بالإيمان والإرادة والواقعية، فهي مجرد كلام و«دردشة»، مع بعض التمارين التي تأخذ المال من المشاركين، وتنظر إلى الربحية التجارية فقط لا غير، وأي كلام غير ذلك فهو ضحك على الذقون.. وحتى لا يزعل «كل» المدربين والمحاضرين، سنقول إننا نقصد «معظمهم» وليس «جميعهم».
كيف تصبح مليونيرا..؟ هل تريد أن تكون موظفا ناجحا..؟ متى تقول «لا» ومتى تقول «نعم»..؟ إدارة الوقت والتحكم في الضغوطات.. مهارات التواصل والتفاوض.. الذكاء العاطفي.. سمات الإيجابية والإنتاجية.. وغيرها كثير من العناوين البراقة للدورات التدريبية، التي أتصور أن أثرها وفائدتها لا تتجاوز مدة المشاركة في الدورة والجلسة.. حينما يكتشف المتدرب أن الكلام النظري شيء والواقع شيء آخر.. وعندما يصطدم المشارك بقوانين وإجراءات العمل والمهنة والإدارة ومعاييرها، التي لا تعترف أصلا بالكفاءة وما تم تعلمه في تلك الدورات، بقدر إيمانها بأمور أخرى..!!
لا أعرف فقيرا قرأ كتاب «كيف تصبح مليونيرا؟»، وأصبح مليونيرا فعلا.. ولا أعلم عن موظف دخل دورة في الإنتاجية والذكاء الوظيفي، وتحول إلى موظف متميز ونال الترقيات.. ولم أسمع عن زوجة شاركت في ورشة عمل عن تطوير الحياة الأسرية، وتحول بيتها إلى جنة، وزوجها إلى شخص مثالي، وأبناؤها إلى ملائكة.. والقائمة طويلة.
هي «موضة» ثقافية نقلناها من الغرب، وحاولنا أن نسقطها على مجتمعاتنا العربية، وأصبحنا مثل الغراب الذي أراد أن يكون مثل الطاووس في مشيته وألوان ريشه، فأضاع المشيتين.. وأصبح لون ريشه منفرا لا يناسب شكله.
عن نفسي دخلت عشرات الدورات.. وشاركت في عشرات الجلسات.. وقرأت عشرات الكتب.. واستمعت إلى عشرات المحاضرات في تلك المجالات.. ولم أستفد منها سوى استفادة «الزول» حينما يغمض عينيه ويتخيل أنه أسد..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك