العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عروس والمهر منها

بوصفي‭ ‬فاعل‭ ‬خير،‭ ‬لديّ‭ ‬اليوم‭ ‬عرض‭ ‬لا‭ ‬يقاوم‭ ‬أودّ‭ ‬أن‭ ‬أخصّ‭ ‬به‭ ‬عرب‭ ‬المهاجر‭ ‬الغربية‭ ‬والشتات،‭ ‬فبعكس‭ ‬ما‭ ‬يحسب‭ ‬الكثيرون‭ ‬فإن‭ ‬حال‭ ‬معظم‭ ‬العرب‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬ليس‭ ‬بأفضل‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬العرب‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬المكانين‭ ‬قططاً‭ ‬مترهلة‭ ‬ولكن‭ ‬الشاذ‭ ‬لا‭ ‬حكم‭ ‬له،‭ ‬فعرب‭ ‬أوروبا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬القحط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والجدب‭ ‬العاطفي‭. ‬بعضهم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الشخصي،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬معظمهم‭ ‬يسبّون‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬يقيمون‭ ‬فيها‭.. ‬يا‭ ‬للجحود‭.. ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬الحياء‭ ‬أن‭ ‬يشتم‭ ‬الانسان‭ ‬العربي‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بلده‭ ‬لا‭ ‬يعامله‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تعامل‭ ‬بها‭ ‬السلاحف‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

وإلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬أقدم‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬السخي‭: ‬أعلن‭ ‬رجل‭ ‬هندي‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬استعداده‭ ‬لدفع‭ ‬مهر‭ ‬يعادل‭ ‬227‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لمن‭ ‬يتزوج‭ ‬بابنته‭. ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬تظنوا‭ ‬بالفتاة‭ ‬الظنون،‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬عمرها‭ ‬20‭ ‬سنة،‭ ‬وهي‭ ‬جميلة‭ ‬جداً‭. ‬صحيح‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أرها‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة،‭ ‬ولكن‭ ‬فتاة‭ ‬يستطيع‭ ‬أبوها‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬فيها‭ ‬مهراً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جميلة‭ ‬للغاية‭. ‬والشروط‭ ‬المطلوب‭ ‬توافرها‭ ‬في‭ ‬العريس‭ ‬بسيطة‭ ‬للغاية،‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جامعياً،‭ ‬والعرب‭ ‬بحمد‭ ‬الله‭ ‬جميعاً‭ ‬جامعيون‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بحكم‭ ‬انتمائهم‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬لأن‭ ‬جامعاتهم‭ ‬تخرّج‭ ‬مئات‭ ‬الالاف‭ ‬من‭ ‬العباقرة‭ ‬سنوياً،‭ ‬ولأن‭ ‬للعرب‭ ‬علاقات‭ ‬حميمة‭ ‬مع‭ ‬جامعات‭ ‬غربية‭ ‬تبيع‭ ‬الدرجات‭ ‬بسعر‭ ‬التكلفة‭. ‬

وهناك‭ ‬شرط‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العريس‭ ‬طبيباً‭ ‬أو‭ ‬مهندساً،‭ ‬وهذا‭ ‬الشرط‭ ‬أكد‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬والد‭ ‬العروس‭ ‬متخلف‭ ‬عقلياً،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الاقتران‭ ‬بابنته‭ ‬أكثر‭ ‬إغراء‭! ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬عاقلاً‭ ‬لما‭ ‬قبل‭ ‬لابنته‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬بطبيب‭. ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬صاحبنا‭ ‬أن‭ ‬الأطباء‭ (‬راحت‭ ‬عليهم‭) ‬وأن‭ ‬معظمهم‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬مستحقي‭ ‬الزكاة،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يجد‭ ‬عملاً‭ ‬منهم‭ ‬يجده‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحوال‭ ‬بنظام‭ ‬السخرة‭ ‬فيعمل‭ ‬36‭ ‬ساعة‭ ‬متواصلة‭ ‬فيصبح‭ ‬من‭ ‬مستحقي‭ ‬العلاج‭ ‬الطبيعي‭. ‬والأخطر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الطبيب‭ ‬يملك‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬عذراً‭ ‬شرعياً‭ ‬للبقاء‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬البيت‭: ‬‮«‬عندي‭ ‬مناوبة‭.. ‬استدعاء‭ ‬طارئ‭.. ‬جراحة‭ ‬مستعجلة‭.. ‬المدير‭ ‬مات‭.. ‬المرضى‭ ‬أضربوا‭ ‬عن‭ ‬الشفاء‮»‬‭.. ‬وتتوالى‭ ‬الأعذار‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬زوجة‭ ‬الطبيب‭ ‬أن‭ ‬تشكو‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تشُكّ‮»‬‭.. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬بدّ،‭ ‬فليكن‭ ‬أخصائي‭ ‬أمراض‭ ‬جلدية‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬عرضة‭ ‬للاستدعاء‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬الطارئ،‭ ‬وهو‭ ‬أكثر‭ ‬أجناس‭ ‬الأطباء‭ ‬هدوء‭ ‬أعصاب‭ ‬لأن‭ ‬مرضاه‭ ‬لا‭ ‬يموتون‭ ‬عادة‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬أثناء‭ ‬العلاج‭.‬

المهندسون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬أفضل‭ ‬حالاً‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬المهنيين،‭ ‬ولكن‭ ‬صاحبنا‭ ‬الهندي‭ ‬يخطئ‭ ‬إذا‭ ‬اختار‭ ‬لابنته‭ ‬مهندساً‭ ‬عربياً‭ ‬لأنه‭ ‬سيلهف‭ ‬تلك‭ ‬الدولارات‭ ‬ثم‭ ‬يطعمها‭ ‬بقية‭ ‬العمر‭ ‬وعوداً‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬معظمها‭.. ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬المهندسين،‭ ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬عندنا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هندسة‭ ‬أو‭ ‬صيانة‭ ‬أو‭ ‬تخطيط‭.. ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يسير‭ ‬بالبركة‭.. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تجد‭ ‬المهندسين‭ ‬العرب‭ ‬منتشرين‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬يبتغون‭ ‬من‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬وترتبط‭ ‬أسماؤهم‭ ‬بمشاريع‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬ضخمة‭ ‬لا‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬الطفيليون‭.‬

شرط‭ ‬آخر‭ ‬وضعه‭ ‬والد‭ ‬العروس،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الانجاب،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فالعقم‭ ‬الرجالي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مشكلة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكن‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬كريستي‭ ‬في‭ ‬مانشستر‭ ‬من‭ ‬إتقان‭ ‬جراحة‭ ‬نقل‭ ‬الخصية‭ ‬ونجحت‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬لعشرات‭ ‬فقدوا‭ ‬خصوبتهم‭ ‬مثلا‭ ‬بسبب‭ ‬التداوي‭ ‬كيميائياً‭ ‬من‭ ‬السرطان،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬فمن‭ ‬يخضع‭ ‬لمثل‭ ‬تلك‭ ‬الجراحة‭ ‬ينجب‭ ‬أطفالاً‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬كامل‭ ‬جيناته‭.‬

المهم‭: ‬شرط‭ ‬الإنجاب‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬المليونير‭ ‬الهندي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التحقق‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭.. ‬خذ‭ ‬المائتين‭ ‬وكذا‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭.. ‬ثم‭ ‬طلق‭ ‬ابنته‭ ‬بمعروف‭.. ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬تتزوج‭ ‬أبداً‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬زمن‭ ‬النعجة‭ ‬دوللي‭ ‬وقلوب‭ ‬الخنازير‭ ‬التي‭ ‬تزرع‭ ‬في‭ ‬صدور‭ ‬الآدميين‭ ‬فإن‭ ‬عواقب‭ ‬الزواج‭ ‬باتت‭ ‬غير‭ ‬مضمونة،‭ ‬ثم‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تنتهي‭ ‬30‭%‬‭ ‬من‭ ‬الزيجات‭ ‬بالطلاق‭ ‬و70‭%‬‭ ‬بالوفاة‭ (‬لا‭ ‬تخف‭ ‬فالزيجات‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بالوفاة‭ ‬هي‭ ‬الناجحة‭).‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا