خاطرة
عبدالرحمن فلاح
المعالم.. والوفاء!
الوفاء بالعهود والمواثيق من أعظم المبادئ التي نادى بها الإسلام، وطبقها في المجتمع الإسلامي، ولقد اشتهر الإسلام بهذا الخلق العظيم لما له من أثر عظيم، وعطاء عميم نادى به الإسلام، وحرص على التخلق به المسلمون، قال تعالى في الآية (152) من سورة الأنعام، وهو يعدد الوصايا التي يجب على المسلمين الًعمل بها، قال سبحانه وتعالى: (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسًا إلا وسعها..).
هذا الالتزام العظيم، والوفاء الكريم يحمي الأمة من التردي في مهاوي الرذيلًة، ويحصن المجتمع المسلم من أن تتداعى أركانه، وتتهاوى جدرانه، ويتولى أمره من لا يقيمون وزنًا لقيمه ومكارم أخلاقه.
والوفاء في المكاييل والموازين من أعظم الأمور في الأمة إذ يحفظ لها قيمها ويُعلي من شأنها لأنه حين تفسد العلاقات المالية في البيع والشراء يصاب المجتمع المسلم بالهزال ونقص المناعة الأخلاقية والقيمية، ويتهاوى المجتمع وتندك حصونه وتنتشر بين أهله القيم الفاسدة، والصفات الذميمة، ولقد شدد القرآن العظيم النكير على المطففين الذين يعبثون بالأوزان والمكاييل، قال تعالى: (ويلٌ للمطففين(1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون(2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون(3) ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم(5) يوم يقوم الناس لرب العالمين(6) سورة المطففين.
إنه يوم عظيم في هيبته.. يوم عظيم في جلاله.. يوم عظيم في حسابه وعذابه! إن الوفاء في المكاييل والموازين مصل وقاية للمجتمع المسلم من أن يتردى في هاوية المعاصي والآثام، وهو شامة في جبين الأمة يحفظ لها كرامتها، ويوطد لها عزتها، ويجعلها بين الأمم الحريصة على القيم، المدافعة عنها، الداعية إليها، وإذا حل الوفاء بأرض قوم حل معه الموازين القسط، وأمن الناس فيه على حقوقهم وأرزاقهم، وضمنوا ألا يعتدي عليها معتدٍ، ولا تمتد إليها يدٌ بالنهب والسلب، والميزان لا يعتدل إلا في أرض كان الوفاء فيها سيدًا مطاعًا، ومبدأ متبعًا، وشريعة سائدة.
ومعلوم أن الإسلام لا يكلف النفس ما لا تستطيع، بل إن دليل قدرتها على أداء التكاليف من أمر أو نهي أنها تؤمر به، أو تنهى عنه، ولو كانت غير قادرة عليهما، أو غير مؤهلة لهما لسقط عنها التكليف لذلك قال الله تعالى: (..لا نكلفُ نفسًا إلا وسعها..) الأنعام / 152. صدق الله العظيم، وبلغ رسوله الأمين، ونحن على ذلك من الشاهدين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك