جاسم الموسوي: منذ البداية عملت على تأسيس علامة تجارية بحرينية تتميز بتقديم باقات متكاملة من الخدمات
نصيحتي لرواد الاعمال: قبل الحصول على الدعم.. ادرس احتياجاتك وأهدافك وما ستضيفه للقطاع
تصوير: روي ماثيوس
بالفعل هي قصة نجاح بحرينية مشرفة. بدأت بمتجر صغير في سوق المنامة، وتطورت في أنشطتها واعمالها تدريجيا، حتى باتت اليوم مجموعة كبيرة تعمل في عدة قطاعات، وفي مقدمتها القطاع اللوجستي.
وخلال العقدين الاخرين، تدين الشركة بالكثير لقائدها، رائد العمل جاسم الموسوي الذي كان له الفضل في ان يجعل لها هوية مستقلة، وينقلها في سلسلة متتابعة من النجاحات والتطورات.
تأسست «الفاتح» كمشروع تجاري محدود عام 1946 على يد جد جاسم الموسوي. قبل ان يتخذ والده منعطفا آخر لتطوير المشروع من خلال الانتقال الى القطاع اللوجستي، مستفيدا في ذلك من خبرة جده في توصيل البضائع وتحميلها. واستمرت التطورات في الشركة حتى توسعت الأنشطة تدريجيا، وصولا الى عام 2002، حينما تسلم جاسم الموسوي دفة المسؤولية، وكان حينها يافعا حديث السن ولكن لم تنقصه الخبرة.
وحول ذلك يقول جاسم الموسوي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح، رئيس لجنة النقل والخدمات اللوجستية في غرفة البحرين:
كنت اعمل مع والدي وانا طالب في المدرسة، وحتى في أيام الاجازات كنت اداوم معه. ولم يسمح لم بأي إجازة. وهذا الضغط والعمل المتواصل هو ما صقل شخصيتي المهنية خاصة عندما كنت في المرحلة الثانوية.
وعندما استلمت الشركة، كانت أنشطتها محددة في خدمات معنية. وهنا سعيت الى تنويع الخدمات وجعلها أكثر شمولية من خلال تقديم باقات خدمية شاملة للشركات.
وبنفس الوقت عمدت الى تمييز الشركة من خلال إعطاء طابع خاص وهو اللون المميز (البنفسجي) مع العمل على تأسيس (علامة تجارية) بحرينية في القطاع اللوجستي. وهذا ما تعلمته من الشركات الأجنبية الكبرى مثل «ارامكس» و«دي اتش ال» و«فيديكس» وغيرها، حيث ان اللون يعتبر عامل جذب مميز للعلامة التجارية. وكنت أتساءل: لماذا تسيطر الشركات اللوجستية الأجنبية على السوق المحلي والإقليمي بشكل كبير؟ لماذا لا يكون لدينا شركات محلية تتولى هذه المسؤولية؟
هذا ما اخذته على عاتقي. فاتجهت كما اشرت الى توسيع نطاق الشركة من حيث الخدمات والرقعة الجغرافية، وأصبح لدينا اليوم أكثر من 400 وكيل منتشرين على النطاق المحلي والإقليمي والدولي، ولدينا اتفاقيات ومكاتب تمثيلية في بريطانيا ودول المنطقة لاسيما المملكة العربية السعودية التي تعتبر الشريك والمحرك الأكبر للقطاع اللوجستي في البحرين لاسيما من خلال جسر الملك فهد. كذلك الامر بالنسبة لدولة الامارات والكويت، ودولة قطر التي تمثل سوقا جديدة بالنسبة لنا.
شريان العمل الاقتصادي
* ما هي العلاقة بينك وبين القطاع اللوجستي؟ بمعنى لماذا اخترت ان تتخصص في هذا المجال على الرغم من وجود قطاعات أخرى ربما يكون الاستثمار فيها أكثر سهولة؟
** شخصيا اعتبر القطاع اللوجستي شريان الحياة لأي اقتصاد، وهو همزة الوصل بين جميع القطاعات الاقتصادية المختلفة بما فيها القطاع الطبي والعقاري والتجاري وغيرها. فأي مشروع تنشؤه يعتمد بشكل مباشر على خدمات القطاع اللوجستي والا تعرض لعرقلة في الإنجاز وتقديم الخدمات. لذلك انا أؤمن بأن أي مشروع اقتصادي يجب ان يكون القطاع اللوجستي القوي ذراعا رئيسيا فيه لضمان نجاحه.
ربما الكثير من الافراد لا يشعرون بأهمية هذا القطاع. ولكن يكفي ان تواجه اختناقا مروريا يؤخرك عن مواعيدك أو مصالحك، لتعرف أهمية توافر قطاع لوجستي قوي ومرن.
ومن الجميل ان ننوه هنا إلى اننا في البحرين والمنطقة على اعتاب مرحلة جديدة في هذا الجانب وهو انشاء المترو وسكة القطار سواء على المستوى المحلي أو الخليجي. وهذا ما ينعكس إيجابا على قوة وكلفة القطاع اللوجستي. فحاليا نعتمد على الشاحنات، ولكن وجود القطارات سيسهم في دعم القطاع اللوجستي بما في ذلك نقل المسافرين.
* أشرت الى ان القطاع اللوجستي هو شريان العمل الاقتصادي. وهذا القطاع كان من أكثر القطاعات تأثرا فترة الجائحة. الى أي مدى تأثر نشاطكم في تلك الفترة؟
** أزمة كورونا أسهمت كانت لها انعكاسات سلبية على شركات نقل، وانعكاسات إيجابية على شركات أخرى. وشركات النقل التي تأثرت سلبا كانت في الغالب تلك المتخصصة في النقل البري، لاسيما مع توقف الحركة في جسر الملك فهد الذي اغلق آنذاك، وبالتالي توقف اغلب نشاطها خارج المملكة. ولكن بالمقابل استفادت شركات النقل البحري بشكل كبير لأن الحركة تضاعفت في هذا القطاع.
ولكن بالنسبة لنا في مجموعة الفاتح يمكنني التأكيد على اننا لم نتأثر رغم توقف الحركة، وذلك لسبب مباشر هو التنوع في الخدمات والأنشطة التي تقدمها المجموعة.
خدمات متنوعة
* ما أبرز الخدمات التي تقدمها المجموعة الآن؟
** إلى جانب الخدمات في القطاع العقاري والخدمي والتخليص الجمركي والتنظيفات وغيرها، نركز على الخدمات اللوجستية، هذا ما يشمل: النقل الثقيل للبضائع، الرافعات الشوكية، تنزيل البضائع وتفريغ الحاويات ونقلها، نقل الماكولات والمواد المبردة، تفريغ وتحميل البضائع، الشحن المحلي والدولي. ولدينا أنواع متعددة من الرافعات الشوكية من 3 أطنان الى 10 أطنان، الى جانب رافعات (الكرين) الكبيرة والمتوسطة. كما نمتلك اليوم أكثر من 70 شاحنة مختلفة الاحجام ومتنوعة بين الشاحنات الثقيلة والخفيفة والمبردة.
ولدينا مكتب في جسر الملك فهد (رقم 20) يقدم كل خدمات النقل والتخليص الجمركي للبضائع وتنزيلها وتفريغها وشحنها وتخزينها. ونقدم كذلك خدمات تخليص معاملات السيارات المستوردة.
يضاف الى ذلك خدمات التخليص الجمركي في ميناء خليفة وفي مطار البحرين.
ومن الخدمات المميزة هي خدمة (من الباب الى الباب)، وهي تسلم البضاعة من باب العميل وتسليمها في الباب. وهذا ما يشمل حتى حقائب السفر، حيث نتسلم بضائع وحقائب الزبون الذي يود السفر الى لندن مثلا، ونوصلها قبل سفره الى الغرفة التي سيكن فيها بالفندق، بحيث يجد عندما يصل حاجياته وملابسه مرتبة ومكوية ومجهزة في الغرفة بالتنسيق مع الفنادق هناك.
وكل هذه الخدمات تقدم على مدار الساعة لضمان الجودة والسرعة والسعر التنافسي. حيث نحص على توفر باقة متكاملة من الخدمات للعميل، وهذا ما يوفر أسعارا تنافسية مميزة توفر على التاجر الكثير من الكلفة. فمن خلال دراستنا للسوق وجدنا ان اغلب الشركات تقدم خدمات مفردة في قطاعات مختلفة، مثل مكتب للتخليص الجمركي، وآخر للشحن وغيره للنقل. لذلك الفكرة التي أسهمت في نجاح أنشطة مجموعة الفاتح هي تقديم باقات متكاملة تشمل جميع الخدمات اللوجستية التي يحتاجها التاجر او العمل تحت سقف واحد. بمعنى ان العميل يحصل على خدمات متعددة ومتكاملة ومتسلسلة من فريق عمل واحد، وهذا ما يضمن الحصول على خدمات مريحة بأسرع وقت واقل تكلفة.
النقل البحري
* ألم تفكر في الدخول بمجال النقل البحري؟ وخاصة ان البحرين جزيرة.
** على مستوى الوطن العربي لا توجد شركات نقل بحري. ربما كانت الشركة العربية للملاحة سابقا تقوم بهذا الدور ولكنها أغلقت. وكانت شركة بين دول.
* ما السبب في عدم وجود شركات عربية من هذا النوع؟
** النقل البحري مكلف جدا ويتطلب بواخر وآليات بالملايين، وربما الحكومات مشتركة هي الاقدر على تأسيس مثل هذه الشركات. لذلك نجد على مستوى العالم ان الشركات الأوروبية والصين هم من يسيطرون على هذا القطاع مثل شركات «Hapag-Lloyd » و«MSC » و« Maersk Line» و«Ocean Network Express» وغيرها.
فيما نفتقر الى شركات عربية قوية. وهذا ما يجعلنا نطمح ان نجد مستقبلا شركات عربية وخاصة خليجية في مجال النقل البحري تمتلك اسطولا من البواخر بدلا من الاعتماد على الشركات الأجنبية في النقل البحري. ووجود مثل هذه الشركة يضمن استقرار الاسعار والأمن اللوجستي.
تمكين.. والنجاح
* قصة نجاح رسمتها منذ توليك مسؤولية الشركة، كيف تلخص عوامل هذا النجاح في نقاط؟
** بالطبع كان لوالدي الفضل الكبير في صقل شخصيتي وحبي للعمل وتركيزي على القطاع اللوجستي بشكل خاص. واجمالا يمكنني ان أقول ان أبرز ما اسهم في نجاح المجموعة كان: الإصرار، الحكمة في الاقتراض، الإدارة الناجحة، الاستشارة من ذوي الاختصاص، السعي للتميز في الخدمات، ويرافق ذلك كله الروح الإيجابية.
وطبعا لا أنكر هنا القاعدة الأساسية التي استندت عليها أيضا في تطوير وهي دعم تمكين.
* وما الدور الذي لعبته تمكين في هذا الجانب؟
** كما ذكرت أن صندوق العمل «تمكين» كان القاعدة التأسيسية لنجاح اهدافي في تطوير المجموعة سواء من خلال الدراسات والمشورة او الحصول على اليات او قروض مدعومة، وكذلك دعم رواتب البحرينيين وتحسين الأجور. وهذا بحد ذاته عنصر نجاح لأننا نؤمن بأن الشركات الناجحة هي تلك التي تعتمد على الكفاءات البحرينية.
واتذكر ان اول قرض حصلنا عليه كان في السنوات الأولى لإدارتي الشركة. وتوالى الدعم الذي وفرته تمكين لنا سواء كان ماديا او معنويا. وكنت في كل مرحلة ادرس الخيارات وباقات الدعم التي توفرها تمكين لاستثمارها بأفضل صورة لتنمية الشركة معنويا وماديا. وكنت أؤمن بأن الحصول على دعم غير مدروس لن يؤتي الثمار او يحقق الأهداف التي ننشدها. لذلك كنت احرص على دراسة المشروع أولا وافهم ماذا احتاج وماذا اريد تقديمه في القطاع الذي اعمل فيه. وهذه نصيحة اوجهها لكل رواد الاعمال الذين يرغبون في الحصول على دعم تمكين. فالجانب الهام هنا هو دراسة احتياجاتهم واهدافهم وما إذا كانوا يمتلكون فعلا فكرة مبتكرة رائدة تضيف لمجال العمل ام لا، حتى لو كان الابتكار مقلدا لنجاح سابق فلا مانع طالما كان فيه إضافات جديدة تضيف للنجاح السابق.
والأمر الآخر ان الحصول على الدعم ليس نهاية المطاف وانما بدايته، حيث يتطلب النجاح الإصرار والمتابعة والسهر والابتكار.
لذلك يمكن القول ان الدعم المعنوي والمادي الذي حصلت عليه من تمكين كان نقلة نوعية بالنسبة لنا في الشركة وساهم في تطويرها الى مجموعة متنوعة. ومنذ اول دعم وحتى الان نمت الشركة أضعافا كثيرة، لاسيما ان الدعم لم يقتصر على الجانب المادي فحسب، بل شمل التوجيه والدراسات والدعم المالي والمعنوي.
* ما الخطوات القادمة بالنسبة لكم في مجموعة الفاتح؟
** نعمل في المرحلة القادمة على مضاعفة اسطول النقل الى الضعف، مع تطوير الخدمات في النقل المثلج والمغلف والسريع، وكذلك النقل الثقيل للبضائع بما يدعم توجهنا الى تقديم خدمات سريعة ومميزة وبكلفة تنافسية. ونحن نؤمن ان تطوير القطاع اللوجستي يطور القطاعات الأخرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك