ضرورة إجراء دراسة متأنية ومستفيضة حول إيجابيات وسلبيات تطبيق الضريبة
لاقى اقتراحان بقانون نيابيين بشأن فرض ضريبة 2% على المبالغ النقدية التي يقوم الأجانب بتحويلها خارج البحرين رفضا من جميع الجهات المعنية التي طلبت مالية النواب مرئياتها، حيث رأت وزارة المالية والاقتصاد الوطني إعادة النظر في المقترح نظرا إلى أن استحداث هذا النوع من الضرائب يتطلب إجراء دراسة شاملة ومستفيضة، للنظر في الآثار المترتبة عند تطبيقه على دخول الأفراد الأجانب العاملين في المملكة، وأن فرض ضريبة التحويلات المالية الخارجية يتطلب إصدار قانون مُفصل يحتوي على كافة النواحي الفنية والتقنية للضريبة، مضيفة ان الاكتفاء بإصدار قانون موجز من شأنه أن يؤدي إلى حدوث فراغ تشريعي كبير يحول دون إمكانية تطبيق الضريبة من الناحية العملية.
كما رأى مصرف البحرين المركزي ان فرض ضريبة على الأموال المحولة إلى الخارج من قبل العمالة الأجنبية سيكون له أضرار على هذه العمالة، مما قد يؤدي إلى خلق قنوات غير شرعية لتحويل تلك الأموال خارج النطاق الرسمي المعمول به حالياً، مبينا أنه من المتوقع أن يترتب على فرض ضريبة على التحويلات المالية تحميل صاحب العمل هذه التكلفة والتي ستنعكس على المواطن وأصحاب الأعمال.
وأشار الى ان فرض مثل هذه الضريبة سيشمل أيضا الموظفين الأجانب الذين يشغلون وظائف قيادية في شركات أو مصارف أجنبية تتخذ مملكة البحرين مقراً لها، مما سيكون له آثار سلبية من حيث تراجع جاذبية البحرين لاستقطاب هذه المؤسسات مقارنة بالدول المجاورة التي لا تفرض أية ضرائب أو رسوم مماثلة.
كما أنه سيترتب على تطبيق الضريبة إشكاليات فنية من حيث القدرة على تحديد طبيعة التحويلات المالية إلى الخارج، ونظراً إلى وجود مصارف ومؤسسات مالية دولية وإقليمية تقوم بعمليات مالية يومية، تستوجب تحويلات مالية من وإلى مراكزهم في مملكة البحرين، فإن الاقتراح بقانون سيعرضهم لإمكانية فرض الضريبة، مما سيؤدي إلى الامتناع عن إجراء هذه العمليات محلياً وبالتالي تراجع جاذبية مملكة البحرين كمركز لهذه المؤسسات.
وطالبت غرفة التجارة والصناعة بإجراء دراسة متأنية ومستفيضة حول إيجابيات وسلبيات تطبيق تلك الضريبة، وإجراء مشاورات مع أصحاب الشأن والقطاع الخاص حول الاقتراح بقانون، حتى لا يؤثر تطبيقه بشكل عاجل على مكانة مملكة البحرين ومركزها التجاري والاستثماري، كما رأت جمعية رجال الاعمال البحرينية أن المقترح سيسبب أضرارا سلبية على اقتصاد البحرين جرّاء تطبيقه، بالإضافة إلى تعارضه مع الجهود الحكومية لتنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسية المملكة بالمنطقة كبيئة حاضنة للأعمال ومحفزة للنمو.
وأوصى مجلس التنمية الاقتصادية بعدم المضي في إقرار الاقتراح بقانون محل الدراسة، حيث يرى ضرورة دراسة الاقتراح للنظر فيما إذا كان ينطوي على وجود شبهة عدم دستورية في فرض ضريبة على محدودي الدخل من العمال الوافدين، وذلك بناءً على نصوص الفقرة (أ) والفقرة (ب) من المادة (15) من دستور مملكة البحرين، حيث إن الاقتراح بقانون يفرض ضريبة على جميع تحويلات الوافدين مهما كانت صغيرة ودون استثناء، علماً بأن الاحصائيات الصادرة عن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي للربع الآخر من 2022 تبين أن نسبة كبيرة جداً من مجموع الوافدين تعادل 72% هم ممن يتقاضى ما يقل عن 200 دينار شهرياً، علماً بأن هذه النسبة لا تشمل خدم المنازل ومن في حكمهم، والذين لا يسري عليهم قانون التأمين الاجتماعي، وجلّهم كما هو معروف يتقاضى رواتب لا تجاوز 200 دينار.
وقد أورد المجلس مرئياته ذات الطابع الاقتصادي على الاقتراح بقانون، والتي بينت بعض الآثار التي ستترتب على فرض ضرائب على تحويلات العمال الوافدين، أهمها:
1- أهمية إعداد دراسة شاملة ووافية بشأن جدوى فرض الضريبة وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني والعائد الذي سوف يتم تحصيله من هذه الضريبة.
2- الإضرار بتنافسية المملكة في استقطاب احتياجاتها من العمالة الأجنبية المطلوبة.
3- المساس بوجه خاص بالقطاعات الاقتصادية التي تعتمد على العمالة الأجنبية بدرجة كبيرة مثل قطاع الإنشاءات.
4- سيؤدي إلى اللجوء إلى التحويلات من خلال القنوات غير المشروعة مما قد يؤدي إلى تبعات غير محمودة على الأمن الوطني ويحول دون إمكانية مراقبة التحويلات ورصدها من قبل الجهات المختصة.
5- صعوبة إدارة نظام فرض الضرائب على التحويلات المالية لأن فرض الضريبة سوف يؤدي إلى اللجوء إلى طرق أخرى خلافاً للتحويل من المؤسسات المالية.
6- بعض الصعوبات العملية في فرض الضرائب المقترحة، حيث إن بعض التحويلات قد لا تكون بالضرورة عبارة عن تحويلات من خلال المؤسسات المالية.
7- العزوف عن إجراء التحويلات من خلال القنوات المشروعة لتجنب سداد الضريبة سوف يؤدي إلى نقص في حجم أعمال المؤسسات المالية المرخصة التي تسدد للدولة رسوما عن تراخيصها وتوفر فرص عمل لعدد من المواطنين.
8- محدودية العائد المتوقع من الضرائب مقارنة بتكلفة إدارة نظام التحصيل والرقابة عليه، نظراً إلى أن نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية في المملكة تتقاضى رواتب لا تتجاوز 200 دينار شهرياً.
9- فرض نسبة مئوية متصاعدة تبعاً لمقدار التحويل سوف يؤدي إلى اللجوء إلى طرق إتمام التحويل من خلال تجزئة المبلغ إلى أجزاء صغيرة يدفع عن كل جزء النسبة الدنيا المقررة عن المبالغ التي تقل عن 200 دينار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك