الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الحل الأمثل لمشكلة هواتف الأطفال
فرضت منظمة الصحة العالمية وكذلك التجارة، بجانب الدول في كل أنحاء العالم، إلزام الشركات المصنعة للسجائر وضع علامات تحذيرية بأن التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة.. وذلك من منطلق التوعية، وإن كان هذا الأمر لم ينجح، ولم يحد من المشكلة والأمراض.
ومؤخرا منعت ولاية مونتانا الأمريكية استخدام تطبيق «تيك توك» على أراضيها، فيما عملت ولايات أمريكية أخرى على حظر التطبيق من على الأجهزة الحكومية فقط، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، تماما كما جرى حظر تنزيل تطبيق «تيك توك» على الأجهزة المملوكة للحكومة في بريطانيا وكندا وبلجيكا وتايوان.. وعلى الرغم من كل تلك القوانين، فإن الناس هناك لا تزال تستخدم التطبيق وتتحايل على القانون والإجراءات الرقابية.
بالأمس القريب أبلغني أحد أولياء الأمور أنه يخشى على أبنائه الصغار في العطلة الصيفية الإفراط في استخدام الهواتف والأجهزة الذكية، فقد حاول جاهدا خلال العام الدراسي أن يقلل من استخدام أبنائه لتلك الأجهزة، مع انشغالهم بالدراسة والمراجعة والواجبات والامتحانات، وفق جدول زمني وساعات محددة، ونومهم المبكر للذهاب إلى المدرسة، ولكن في العطلة الصيفية يكون الفراغ أكبر وأكثر.
فقلت له إن هذه مشكلة معظم الناس وأولياء الأمور مع الأبناء والأطفال، ولا أرى أن أي أسلوب صارم أو تهديد أو وعيد سوف ينجح مع الأطفال، طالما أن الطفل يرى أمه وأباه وأشقاءه الأكبر سنا يستخدمون الهاتف ليل نهار، حتى عند الوجبات واللقاءات الأسرية، لأنهم هم القدوة بالنسبة إلى الطفل.
كما لا أرى التشدد في منع الأطفال من استخدام الأجهزة هو الأسلوب الأمثل، ولا أنصح بتكرار المقارنات بين زمن الآباء وزمن الأطفال، فذلك زمن وهذا زمن مختلف، بل إن هذه الأجهزة لو كانت موجودة ومخترعة في ذلك الزمان، لأقبل عليها الآباء والأمهات أنفسهم وأدمنوها..!
أعرف أولياء أمور وأمهات لا ينامون إلا والهواتف والأجهزة الذكية في أيديهم وعلى فرشهم، وبالقرب من أطفالهم على سرير واحد أو في غرفة واحدة.. وأعرف أشخاصا يتعمدون استخدام الهواتف حتى خلال سياقة السيارة، وإخفاء الجهاز عند المرور بالقرب من كاميرا تصوير أمنية في الشارع خشية المخالفة، وكل ذلك يتم أمام الأطفال..!! وأعرف أناسا يستخدمون الهواتف حتى عند دخولهم الحمام ودورات المياه، وهذا سلوك أصبح يقلده الأطفال كذلك..!!
إشغال الأطفال بأمور مفيدة ومحببة لهم، مع السماح لهم باستخدام الأجهزة الذكية في فترات زمنية محددة، بجانب تقليل استخدام أولياء الأمور للهواتف والأجهزة الذكية أمامهم هو الحل الأفضل والأنجح، والأنسب والمجرب لدى العديد من الناس، وهذا ما تنصح به الدراسات والتقارير التربوية والنفسية.
مهما قيل من كلام وتحذير عن مخاطر الإفراط في استخدام الهواتف والأجهزة النقالة على صحة الأطفال العامة والجسدية، والتأثير على القدرة البصرية والعقلية.. فإن القدوة في البيت هي الأساس، والمتابعة والرقابة بأسلوب إيجابي تشجيعي هي الأفضل، وما عدا ذلك من أساليب في الصراخ والعين الحمراء وغيرها، فهي مضيعة للوقت والجهد، ومدعاة للجوء الأطفال إلى استخدام الهواتف والأجهزة الذكية بطرق ملتوية من وراء آبائهم وأمهاتهم، ولن تفلح معهم أي أساليب.. تماما كأساليب علب السجائر وغيرها التي لم تفلح مع الكبار.. فكيف بالأطفال الصغار..!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك