حين رددت بيت المتنبي (1) معه قبل أسبوعين، لم أعلم أن الإصابة ستسرقه مني!
أخي الوحيد، حبيب والدتي وبناتي، وصديق الشعر والأبيات التي رددناها معاً، معه قرأت ناجي وتنافسنا في حفظ ملحمته الأطلال وعلى الديوان القديم الذي آل إلى محاولات منه لنظم الشعر، أبيات بخط يده أحفظها عنه ولا أدري لمن كتبها؟
وفي الفقد الأليم تتعذر الكتابة، وتفرّ الحروف ويحضرني ما قاله أستاذنا الكبير إبراهيم العريض، حين سألته في زمن الانتفاضة الأولى 1987، هل كتبت شعراً وأنت من نشرت ديواناً كاملاً عن فلسطين؟ (2)
فرد عليّ: «يا ابنتي هل سمعتِ بقصة النوّاحة؟ هذه النوّاحة التي يأتون بها في كل مأتم لتبكي فقيدهم ويبكي أهل البيت معها، حين فقدت ابنتها لم تسقط منها دمعه! أنا مثل هذه المرأة، فلسطين ابنتي ولهول المصاب لم أكتب»!
هكذا نحن حين يكون الفقد لمن هو أقرب إلى القلب، يفاجئنا الموت، وإن كانت علاماته بادية لنا في سلوك من أحببناه، وفي زهده وفي خذلان جسده.
توقف قلبه عن النبض بعد ساعات، كنت فيها على الخط معه ولا توجد مؤشرات لذلك!
يوم الأربعاء العاشر من مايو (شهر الفقد في العائلة) كنت أذكره بلقاء يوم الجمعة الذي لم يخلفه على مدي سنوات.. غاب عنا وجاءت الجمعة حزينة لفقده.
عزاؤنا أن من أحببناه رحل بسلام، من دون تعقيد المستشفيات التي لم يقبلها..
رحم الله أخي وصديقي سلمان بن محمد
مي آل خليفة
1-غدرت يا موت كم أفنيت من عدد
بمن أصبت وكم أسكت من لجب
من مرثية المتنبي لخولة أخت سيف الدولة
2- راية الشهداء ديوان الشاعر إبراهيم العريض
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك