العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

بطالة الشباب

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢١ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭..‬

في‭ ‬الآية‭ (‬70‭) ‬من‭ ‬سورة‭ ‬الإسراء‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬‮«‬ولقد‭ ‬كرّمنا‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬وحملناهم‭ ‬في‭ ‬البرّ‭ ‬والبحر‭ ‬ورزقناهم‭ ‬من‭ ‬الطيبات‭ ‬وفضلناهم‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬ممن‭ ‬خلقنا‭ ‬تفضيلا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يُعوّل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬القرآني‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬وكفالة‭ ‬وصون‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬وحتى‭ ‬حين‭ ‬ابتغت‭ ‬الأمم‭ ‬تحقيق‭ ‬عالم‭ ‬يسوده‭ ‬السلام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬أوزارها،‭ ‬حيث‭ ‬أعقبتها‭ ‬باعتماد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬1945‭ ‬وإقرار‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬1948،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬أهم‭ ‬أهدافها‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬لذا‭ ‬بدأت‭ ‬ديباجته‭ ‬بالنص‭ ‬الآتي‭: (‬لما‭ ‬كان‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالكرامة‭ ‬المتأصلة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬الأسرة‭ ‬البشرية‭ ‬وبحقوقهم‭ ‬المتساوية‭ ‬الثابتة‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬الحرية‭ ‬والعدل‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭).‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬الأصل‭ ‬والهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬كفالة‭ ‬وتعزيز‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬صون‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان،‭ ‬باعتباره‭ ‬التزاماً‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬وحكوماتها،‭ ‬لأن‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الأساس،‭ ‬ولأن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بطبيعتها‭ ‬البشرية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بخَلقه‭ ‬وسابقة‭ ‬على‭ ‬نشوء‭ ‬الدول‭ ‬والقوانين‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬وُجد‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬وجدت‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬المجاميع‭ ‬البشرية‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬واحدة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الأساسي‭ ‬بكفالة‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مواطنيها‭.‬

وتتحقق‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬بصورة‭ ‬أوليّة‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬تمتع‭ ‬بحرياته‭ ‬الأساسية‭ ‬ونال‭ ‬حقوقه‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬وتحقق‭ ‬له‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬الفاقة‭ ‬والعوز‭ ‬والجهل‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى،‭ ‬لذا‭ ‬يُعد‭ ‬العمل‭ ‬وكسب‭ ‬الرزق‭ ‬والأجر‭ ‬الكاف‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬اللازمة‭ ‬لبقاء‭ ‬الإنسان‭ ‬وبقاء‭ ‬أسرته‭ ‬والضامن‭ ‬لوصوله‭ ‬إلى‭ ‬حقوق‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬به،‭ ‬فهو‭ ‬السبيل‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬كرامته‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتمنحه‭ ‬الاستقلال‭ ‬المادي‭ ‬وتمنع‭ ‬عنه‭ ‬الاقصاء‭ ‬المجتمعي‭.‬

ولهذا‭ ‬تكون‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬بطالة‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬الخصبة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬حلّها،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ (‬البطالة‭) ‬كانت‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬البرامج‭ ‬الانتخابية‭ ‬لجميع‭ ‬المرشحين‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬والأكيد‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المواضيع‭ ‬المطروحة‭ ‬حالياً‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.‬

وقد‭ ‬استخدمت‭ ‬مفردة‭ (‬بطالة‭ ‬الشباب‭) ‬لأعني‭ ‬بها‭ ‬فئة‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬والمدارس‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬المتقاعدين‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬أغراهم‭ ‬مشروع‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬الذي‭ ‬خلّف‭ ‬وراءه‭ ‬بطالة‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬الذين‭ ‬غادروا‭ ‬مواقع‭ ‬عملهم‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬المرحلة‭ ‬العمرية‭ ‬للعطاء‭ ‬وكسب‭ ‬الخبرة‭.‬

ولطالما‭ ‬تكرر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمواطن‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬حلّه‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬بإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لمسألة‭ ‬البطالة،‭ ‬فإن‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬حلّ‭ ‬موضوع‭ ‬بطالة‭ ‬الشباب‭ ‬هي‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للمواطن‭ ‬وإحلاله‭ ‬محل‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الوظائف،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬عمل‭ ‬الأبناء‭ ‬سيرفع‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬العبء‭ ‬الملقى‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬باستقلال‭ ‬الأبناء‭ ‬العاطلين‭ ‬مادياً‭ ‬واستبعادهم‭ ‬من‭ ‬بند‭ ‬المصروفات‭ ‬في‭ ‬موازنة‭ ‬الأسرة‭ ‬وإضافتهم‭ ‬إلى‭ ‬بند‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬لها‭.‬

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬لتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فتتحقق‭ ‬حين‭ ‬بلوغ‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬من‭ ‬كفالة‭ ‬وصون‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬تحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬المدني‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬للإنسان،‭ ‬ولا‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بكفالة‭ ‬الحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬وضمان‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬لتحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياته‭ ‬بكفالة‭ ‬حقوقه‭ ‬الأساسية‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرته‭ ‬المادة‭ ‬13‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬واجبا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن،‭ ‬تقتضيه‭ ‬الكرامة‭ ‬ويستوجبه‭ ‬الخير‭ ‬العام،‭ ‬وحقا‭ ‬لكل‭ ‬مواطن،‭ ‬وألزمت‭ ‬الدولة‭ ‬بأن‭ ‬تكفل‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬وفق‭ ‬شروط‭ ‬عادلة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتراعي‭ ‬قواعد‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وقصر‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬تطبيقاً‭ ‬لنص‭ ‬المادة‭ ‬16‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬المواطنين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬وفقا‭ ‬لشروط‭ ‬التي‭ ‬يقررها‭ ‬القانون،‭ ‬واعتبرت‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬خدمة‭ ‬وطنية‭ ‬تناط‭ ‬بالقائمين‭ ‬بها،‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭. ‬وأكدت‭ ‬ألا‭ ‬يولى‭ ‬الأجانب‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الأحوال‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون،‭ ‬أي‭ ‬بشكل‭ ‬استثنائي‭ ‬وبضوابط‭ ‬تقتضيه‭.‬

وسأترككم‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نضع‭ ‬نصب‭ ‬أعيننا‭ ‬هدفاً‭ ‬نبيلاً‭ ‬بأن‭ ‬تُحقق‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مؤشراً‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬أفضل‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمواطن؟‭ ‬ونعكس‭ ‬بذلك‭ ‬مؤشر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬بلد‭ ‬يستقطب‭ ‬الأجانب‭ ‬للعيش‭ ‬فيه،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬وستبقى‭ ‬دائما‭ ‬أفضل‭ ‬بلد‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬أولاً‭. ‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا