القراء الأعزاء..
في الآية (70) من سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى «ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا»، حيث يُعوّل على هذا النص القرآني في تعزيز وكفالة وصون حقوق الانسان، وحتى حين ابتغت الأمم تحقيق عالم يسوده السلام بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث أعقبتها باعتماد ميثاق الأمم المتحدة 1945 وإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، وقد كان أهم أهدافها هو حماية وتعزيز حقوق الانسان لذا بدأت ديباجته بالنص الآتي: (لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم).
لذا فإن الأصل والهدف الأساسي من كفالة وتعزيز واحترام حقوق الإنسان هو صون كرامة الإنسان، باعتباره التزاماً على جميع الدول وحكوماتها، لأن الإنسان هو الأساس، ولأن حقوق الإنسان بطبيعتها البشرية مرتبطة بخَلقه وسابقة على نشوء الدول والقوانين باعتبار أن الإنسان وُجد قبل الدولة وأن الدولة وجدت لتحقيق مصلحة المجاميع البشرية الموجودة على رقعة جغرافية واحدة، كما أن التزام الدول الأساسي بكفالة هذه الحقوق يكون في مواجهة مواطنيها.
وتتحقق كرامة الإنسان بصورة أوليّة متى ما تمتع بحرياته الأساسية ونال حقوقه على أسس من مبدأ المساواة وتحقق له الخلاص من الفاقة والعوز والجهل وتلك هي المرحلة الأولى، لذا يُعد العمل وكسب الرزق والأجر الكاف من الحقوق الأساسية اللازمة لبقاء الإنسان وبقاء أسرته والضامن لوصوله إلى حقوق أخرى مرتبطة به، فهو السبيل إلى تحقيق كرامته الإنسانية وتمنحه الاستقلال المادي وتمنع عنه الاقصاء المجتمعي.
ولهذا تكون الكتابة عن موضوع بطالة الشباب من المواضيع الخصبة التي يجب تسليط الضوء عليها إلى أن يتم حلّها، حيث إنه من المعلوم أن (البطالة) كانت أحد أهم عناصر البرامج الانتخابية لجميع المرشحين منذ بدء الانتخابات النيابية عام 2002، والأكيد أنها من أهم المواضيع المطروحة حالياً أمام مجلس النواب.
وقد استخدمت مفردة (بطالة الشباب) لأعني بها فئة العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات والمدارس بالإضافة إلى فئة المتقاعدين الشباب الذين أغراهم مشروع التقاعد الاختياري الذي خلّف وراءه بطالة شريحة من الموظفين الذين غادروا مواقع عملهم وهم في أوج المرحلة العمرية للعطاء وكسب الخبرة.
ولطالما تكرر الحديث عن تحسين المستوى المعيشي للمواطن الذي يرتبط حلّه بشكل وثيق بإيجاد حلول لمسألة البطالة، فإن الخطوة الأولى نحو حلّ موضوع بطالة الشباب هي توفير فرص العمل للمواطن وإحلاله محل الأجنبي في جميع الوظائف، ذلك أن عمل الأبناء سيرفع جانبا من العبء الملقى على عاتق رب الأسرة باستقلال الأبناء العاطلين مادياً واستبعادهم من بند المصروفات في موازنة الأسرة وإضافتهم إلى بند الموارد المالية لها.
أما المرحلة الثانية لتعزيز حقوق الإنسان فتتحقق حين بلوغ الهدف الأسمى من كفالة وصون حقوق الإنسان، وهو تحقيق الرفاه المدني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للإنسان، ولا يتحقق ذلك إلا بكفالة الحريات الأساسية وضمان التنمية المستدامة لتحسين جودة حياته بكفالة حقوقه الأساسية بدءاً من حقه في العمل الذي اعتبرته المادة 13 من الدستور واجبا على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، وحقا لكل مواطن، وألزمت الدولة بأن تكفل توفير فرص العمل للمواطنين وفق شروط عادلة ترتكز على أسس اقتصادية وتراعي قواعد العدالة الاجتماعية، وقصر الوظائف العامة على المواطنين تطبيقاً لنص المادة 16 من الدستور التي أكدت أن المواطنين سواء في تولي الوظائف العامة وفقا لشروط التي يقررها القانون، واعتبرت الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، لتحقيق المصلحة العامة. وأكدت ألا يولى الأجانب الوظائف العامة إلا في الأحوال التي يبينها القانون، أي بشكل استثنائي وبضوابط تقتضيه.
وسأترككم مع هذا السؤال: لماذا لا نضع نصب أعيننا هدفاً نبيلاً بأن تُحقق مملكة البحرين مؤشراً عالمياً في كونها أفضل دولة في المستوى المعيشي للمواطن؟ ونعكس بذلك مؤشر أن تكون أفضل بلد يستقطب الأجانب للعيش فيه، لأنها كانت وستبقى دائما أفضل بلد يعيش فيه الإنسان، ولكن من الضرورة أن المواطن أولاً.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك