كتب أحمد عبدالحميد:
وافقت لجنـة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى على مشروع قانون بإلغاء المادة (353) من قانون العقوبات والتي تنص على أنه «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة - المتعلقة بالاغتصاب والاعتداء على العرض - إذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية».
ويهدف المشروع إلى تحقيق الحماية التي أقرتها اتفاقية جنيف الرابعة للنساء بصفةٍ خاصة، ضد الاعتداء على شرفهن، ولاسيما ضد الاغتصاب، والقضاء على دوافع وأسباب جريمة الاغتصاب، إذ أن المادة (353) من قانون العقوبات المقترح إلغاؤها لا تعالج قضية الاغتصاب ولا تؤمن الحماية الملاءمة للمرأة من هذه الجريمة.
وأكدت اللجنة أن نص المادة (353) من قانون العقوبات يخالف سياسة التجريم والعقاب التي تهدف إلى تحقيق القوة الرادعة للعقوبة، حيث وضع قانون العقوبات جزاءات على كافة جرائم هتك العرض والاغتصاب، وذلك في الفصل الثاني من الباب الثامن من قانون العقوبات، إلا أن نص المادة (353) جاء متعارضًا مع هذه السياسة، وذلك بإعفاء الجاني من العقاب حال زواجه من المجني عليها.
واتفقت اللجنة مع رأي الحكومة في أن هذه المادة بوضعها الحالي يترتب على تطبيقها إشكالية عملية حال تعدد الجناة، إذ كيف وعلى أي أساس يتم اختيار أحد الجناة من قبل المجني عليها للزواج به، كما أنه من غير المتصور أن تسقط العقوبة عن أحدهم بسبب زواجه من المجني عليها زواجًا صحيحًا، في حين يحكم على باقي الجناة بالعقوبة رغم انقضاء أثرها بالزواج من أحد الجناة.
وأشارت إلى أن الإبقاء على نص المادة (353) يترتب عليه أن يكون وضع الجاني الذي ارتكب جريمة اختطاف أنثى فقط أسوأ من وضع الجاني الذي جمع بين جريمتي الاختطاف والاغتصاب، موضحة أن الشريعة الإسلامية قد اشترطت توافر ركن الرضا لصحة عقد الزواج، وأن يكون ذلك الرضا خاليًا من العيوب كالإكراه، وفي زواج المجني عليها في النص تكون الفتاة مرغمة على الزواج، مما يجعل رضاها مشوبًا بالإكراه الذي يُفسد العقد، ويؤكد ذلك رأي المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
ولفتت إلى أنه على المستوى الدولي فإن مشروع القانون بإلغاء نص المادة (353) عقوبات يتفق مع الاتجاه الدولي الذي تتبناه الاتفاقيات الدولية المعنية بشؤون المرأة والتي صادقت عليها مملكة البحرين، وعلى مستوى التشريعات المقارنة، فإن هذا الإعفاء لم تتبناه قوانين عدد من الدول ابتداءً، كما عدلت عن الأخذ به عدد من الدول، وفي المقابل ما زالت بعض الدول تطبقه، فالدول التي لا تطبقه في قوانينها ابتداء هي: سلطنة عمان، اليمن، مالي، الصومال، والدول التي كانت تطبقه وعدلت عن تطبيقه هي: المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة المغربية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية اللبنانية، دولة فلسطين، جمهورية العراق، والدول التي ما زالت تطبقه هي: دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الكويت، الجمهورية العربية الليبية، الجمهورية العربية السورية، الجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية.
ورأت اللجنة أن مملكة البحرين قد اتخذت مبادرات مهمة لحماية المرأة وضمان سلامتها ورفاهيتها، وعلى رأس تلك المبادرات «الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري» التي أطلقها المجلس الأعلى للمرأة»، تحقيقًا للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة وهو: «القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات في المجالات العامة والخاصة، بما في ذلك الاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي وأنواع الاستغلال الأخرى»، هذا فضلًا عن التزامها بأحكام القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري، وحرصها على تأمين وتعزيز حقوق المرأة البحرينية ومكافحة جميع أشكال العنف ضدها.
وأشارت اللجنة الى أنه من غير المناسب أن تضمن التعديلات التشريعية التي قدمها ميثاق العمل الوطني حصول المرأة على حقوقها السياسية الكاملة بحماية دستور مملكة البحرين لعام 2002، بما يشمل حق المرأة في الترشح للانتخابات النيابية والبلدية، ويبقى معه نص المادة (353) من قانون العقوبات محل تطبيق وفق الانتقادات المُشار إليها، الأمر الذي ترى معه اللجنة الموافقة على مشروع القانون بإلغاء نص المادة (353) من قانون العقوبات، توافقًا مع قرار مجلس النواب الموقر، وكافة الجهات المؤيدة لمشروع القانون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك