أكد عدنان أحمد يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين أهمية تأسيس وكالة تصنيف ائتماني عربية لتقييم مناخ الاستثمار في المنطقة العربية، آخذة بالاعتبار الظروف الخاصة بالدول العربية، وتعمل بحيادية وشفافية وموثوقية بعيدا عن الأهواء والمصالح الدولية التي وجدناها لدى بعض وكالات التصنيف الدولية المعروفة، والتي تسبب عدم دقة التصنيفات التي تصدرها بأزمات المالية المتتالية، آخرها ما تشهده بعض البنوك الأمريكية والغربية من انهيارات في الآونة الأخيرة.
وخلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي الذي أقيم مؤخرا في العاصمة الإمارتية أبو ظبي، قال عدنان «كنت من أوائل الداعين لتأسيس وكالات تصنيف عربية تكون لها مكانتها العالمية المعترف بها، وقد كتبت عدة مرات في هذا الموضوع، ووجهت العديد من الرسائل للمعنيين، حيث لا أرى أي مشكلة في تأسيس مثل هذه الوكالة، مع إيماني بتوفر الكوادر العربية المتخصصة وعالية المستوى التي يمكن أن تقوم بالتقييم والتصنيف الموثوق المعتمد».
وأوضح أن وكالات التصنيف الغربية تصنف البلدان باستخدام خمسة عوامل تصنيف أساسية وهي أولا الفعالية المؤسسية والحوكمية أي استقرار المؤسسات السياسية، والشفافية، والأمن الخارجي، وغيرها، وثانيا الهيكل الاقتصادي وآفاق النمو أي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونموه، والتنوع الاقتصادي، وما إلى ذلك. وثالثا مجموع النقاط المتعلقة بالوضع الخارجي للبلد (السيولة الخارجية والموقف الخارجي بشكل عام)، ورابعا الوضع المالي أي المرونة المالية وعبء وهيكل الديون. وأخيرا الوضع النقدي أي دور السلطة النقدية والتنسيق المشترك للسياسة النقدية مع السياسة المالية.
وتابع عدنان: «لكن هذه المنهجية أظهرت إخفاقات في محطات كثيرة على مدى العقود الماضية كما ذكرنا. والسبب في ذلك هو لكونها تعمد إلى استخدام البنى الاجتماعية والاقتصادية الغربية كمعيار لإعطاء الدرجات العالية. فعلى سبيل المثال تعتبر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر أساسي للمتانة الاقتصادية لدولة ما بينما هذا المؤشر لا يعكس مستوى التنمية الاقتصادية والفوارق الكبيرة في توزيع الدخل. كما يتجاهل هذا المؤشر حقيقة أنه إذا كان الوضع المالي للبلد وآفاق نموه الاقتصادي مواتية للغاية فأن قدرته على الاقتراض والسداد يجب أن تعتبر قوية حتى لو أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منخفضة نسبيا».
وأشار أيضا إلى أن التصنيفات الغربية تعتمد القدرة على إعادة التمويل لسداد الديون القائمة هي عامل أساسي في التصنيف بدلا من التدفقات النقدية الجديدة، لافتا إلى أن هذه المنهجية تدعم بصورة رئيسية الدول الغربية باعتبار أن أكثر من 90% من مجموع الديون في العالم هي في البلدان المتقدمة و8% فقط في البلدان النامية، وكذلك أن المديونية الخارجية للبلدان المتقدمة يصل في بعضها إلى 130% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما هي البلدان النامية تترازح ما بين 20 إلى 80%.
وأكد أنه آن الأوان لقيام الجهات المعنية في المنطقة العربية بالتحرك بصورة مشتركة لإيجاد بديل معترف به دولية لتصنيفات ديونها السيادية تكون أكثر واقعية وإنصاف لما تتمتع به من أوضاع مالية قوية.
وأعرب عن اعتقاده أن الدول العربية عليها إما أن تعمل على تقوية دور واعتمادية الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف التي تتخذ من البحرين مقرا لها، وخصوصا أن هذه الوكالة باتت تمتلك قدرات وإمكانيات فنية كبيرة وهي تقوم حاليا بالفعل بإصدار التصنيفات الائتمانية للحكومات والشركات، أو أن تقوم بتأسيس شركات تصنيف مشتركة تكون أكثر تخصصا في شئون دول المنطقة وتعتمد منهجيات للتصنيف تأخذ بالاعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الخاصة بهذه الدول ولا تعمم منهجياتها الغربية عليها.
واعتبر عدنان أن نجاح مثل هذه الخطوات يعتمد على شرطين رئيسيين. الشرط الأول هو أن تتبنى الحكومات والبنوك المركزية العربية هذه المؤسسات وتعطيها حق التصنيف والاعتراف بتصنيفاتها الائتمانية لكي تعطي مصداقية واعتمادية للتصنيفات التي تصدرها. والشرط الثاني هو أن تقدم هذه الحكومات والبنوك الدعم لهذه المؤسسات وترعاها خاصة في السنوات الأولى من تأسيسها. ولا ننسى أن مؤسسات التصنيف العالمية مثل ستاندرد أن بورز مضى على تأسيسها 150 عاما وهي حاليا متواجدة في 26 بلدا ويعمل لديها 1400 موظف وأصدرت نحو 1.2 تصنيف ائتماني بقيمة إجمالية تعادل 47 تريليون دولار بينما تفوق عائدات الشركة الملياري دولار.
وأكد أن الدعوة لتأسيس مؤسسات تصنيف بديلة تعتمد منهجيات في التصنيف تأخذ بالاعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الخاصة بالمنطقة العربية، لا تنفي الحاجة لأن تكون هذه المؤسسات قوية وتتمتع بكل القدرات والإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها مؤسسات التصنيف العالمية وأن تحقق ذلك بشكل تدريجي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك