كتب: أحمد عبدالحميد ووليد دياب
أثارت دعوة جمال فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى إلى أعضاء مجلس النواب لتقديم مقترحات لتوفير مصادر دخل لتمويل مطالبهم لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، تفاعلا كبيرا عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، سواء من النواب أنفسهم أو من المواطنين.
وكتب فخرو عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: الزملاء الأعزاء في مجلس النواب، شكرا على نواياكم وتطلعاتكم لتحسين رواتب الموظفين والمتقاعدين ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، ستبقى أمنيات وتطلعات ولن تتحقق إلا بإعادة تبويب أولويات أبواب الصرف في الميزانية أو اقتراح مصادر دخل لتمويل هذه الزيادات.. هل من مقترحات؟
وفي رده على إحدى التغريدات أكد فخرو أن الأهم الآن هو توظيف العاطلين وتدريب خريجي الجامعات والتأكد من أن رواتبهم تتناسب مع مؤهلاتهم وخبرتهم إن وجدت وتوفير التدريب المستمر لهم لتحسين إنتاجيتهم.
وعقب أحمد قراطة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب على التغريدة قائلا: «تحسين المستوى المعيشي هو مطلب نيابي وشعبي وليس مجرد أمنيات وتطلعات»، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين سعر النفط الموضوع في الميزانية وسعره في الأسواق العالمية، داعيا إلى دخول جميع الإيرادات في الميزانية من الهيئات والوزارات والشركات التابعة للحكومة في الدولة، بعد تجنب الاحتياط القانوني، مع الإبقاء على التوازن المالي، مضيفا نحن نتكلم عن نقطة في بحر، ويوجد عديد وكثير من المقترحات التي تدر موارد مالية في الميزانية العامة للدولة.
وعلق جمال فخرو على تغريدة قراطة قائلا: «الأخ أحمد شكرا على اقتراحاتك، وأتمنى أن تربط تحقيق الزيادات لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين مع تحقيق هذه المقترحات وغيرها من المقترحات، إذا لم يتم توفير مصادر لزيادة الدخل سوف نضطر إلى الاقتراض وبالتالي تأجيل تحقيق التوازن المالي».
وفي تصريح خاص لـ«أخبار الخليج» قال جمال فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى: «إن الهدف الأساسي من التغريدة ليس التقليل من مطالب الأخوة النواب، ولكن تأكيد أهمية أن تطرح حلولٌ موضوعية قابلة للتطبيق لما يتم طرحه من مطالب خلال فترة النقاشات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية حول مشروع اعتماد الميزانية الجديدة للدولة».
وأضاف أن النواب وهم يقدمون مرئياتهم حول الميزانية عليهم أن يقوموا بتحليل الوضع المالي والاقتصادي للدولة وأن يكونوا على دراية بالأعباء المالية المترتبة على أية مقترحات يطالبون بها، وذلك يكون من خلال تقديم حلول عملية لتمويل مطالبهم من السلطة التنفيذية.
وأشار فخرو إلى أن على النواب أن يدرسوا إعادة تنظيم أولويات أبواب الصرف في الميزانية، أو أن يضغطوا على الحكومة لفرض ضرائب على أرباح الشركات، والتي أرى أنها أحد الحلول التي يجب أن تعمل السلطة التنفيذية على دراستها بشكل جدي لزيادة إيراداتها غير النفطية، حيث لا يمكن العيش على مداخيل الموارد الطبيعية أو النفطية، مشيرا إلى أن دولة مثل النرويج التي لديها أكبر صندوق سيادي في العالم توجه كل دخل النفط لديها إلى الاستثمار.
وأوضح النائب الأول لرئيس مجلس الشورى أن النوايا الطيبة التي يطرحها البعض يجب أن تقترن بالعمل، وذلك من خلال تبني حلولا تتناسب مع الأوضاع الراهنة، معبرا عن تقديره لكل المطالب التي تنادي بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، والتي يتفق مع ضرورته، ولكن ذلك يكون من خلال مساعدة الدولة على زيادة إيراداتها المختلفة حتى نصل إلى تحقيق هذا الهدف المنشود.
الضرائب أقل ضررا
وحول ما إذا البعض قد يعترض على الضرائب، قال فخرو: «إن الضرائب أقل ضررا من الرسوم، حيث إن الضرائب ستكون على أرباح الشركات، أما الرسوم فإن الشركات الرابحة والخاسرة تتحملها في الوقت نفسه، وهو ما قد يشكل عبئا متزايدا عليها».
واختتم فخرو تصريحه مؤكدا احترامه لجميع التعليقات على تغريدته طالما أنها لم تخرج عن سياق مبادئ الحوار السليمة، مشيرا إلى أن الحديث عبر الميكروفون سهل ولكن الأهم هو بذل الجهود في المناقشات لتحقيق أفضل النتائج.
بدوره أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالنبي سلمان أن الميزانية العامة لا تدرس كأرقام فقط بل تدرس كواقع وتوجه سياسي واجتماعي، لافتا إلى أنه يرى أن هناك استعدادا حقيقيا من الحكومة وتوجها جادا من النواب لتحقيق تعديل رفع للوضع المعيشي، مؤكدا أن الحاجة إلى هذا التعديل هي من منطلق حكومي وليس نيابيا فقط، وأصبح ضرورة وليس ترفا.
وأوضح أن الزيادات التي يسعى النواب إليها سواء للمتقاعدين أو الرواتب في القطاع الحكومي تنطلق من أن الأجور تجمدت منذ 2012 وحتى الآن في ظل ارتفاع مستويات التضخم، لافتا إلى أن الواقع أصبح يلح على الجميع إجراء شيء ما لتحسين الوضع المعيشي في ظل انحدار شريحة مهمة في المجتمع إلى مستويات خط الفقر.
ولفت إلى أن هناك نقاشات تتم خارج إطار اللجنة المالية، وأن تلك النقاشات تؤكد جدية الحكومة في هذا التحسين بما تتيحه الميزانية والموارد المتاحة بها، مضيفا أن هذه المقترحات ليست ترفا ولا لعبا على العواطف وخاصة أن النواب أقرب إلى أوضاع الناس وظروفهم المعيشية، مثمنا التجاوب الحكومي مع النواب، مشيدا أيضا بالدور الذي يلعبه وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة في خلق هذا النوع من التوافق بين الحكومة والنواب حول تحسين الوضع المعيشي للمواطنين.
مرحلة التوازن المالي
من جانبه قال النائب أحمد السلوم في تصريح لـ«أخبار الخليج»: إننا مازلنا في مرحلة التوازن المالي وأن الميزانية العامة للدولة مازالت تحقق عجزا بسبب أعباء الدين العام، وبالتالي يجب أولا التفكير في تصفير هذا العجز وتحقيق فوائض بالميزانية قبل تحميلها بأعباء أخرى إضافية.
ورأى السلوم ضرورة التركيز على تحسين رواتب القطاع الخاص باعتبارهم العدد الأكبر ويشغلون الوظائف الأكثر، مضيفا أنه يجب أيضا استحداث علاوة جديدة ترتبط بتحسين الرواتب، بحيث يحصل على العلاوة كل مواطن يعمل ويقل راتبه عن 600 دينار وبالتالي ستكون تلك العلاوة دافعا للمواطنين للعمل، بدلا من العلاوات الأخرى التي تصرف من دون شرط العمل وبالتالي لا تحفز الناس على العمل.
وأكد السلوم أنه قبل التفكير في رفع الرواتب يجب أولا تأكيد الحفاظ على الخدمات المقدمة للمواطنين من خدمات إسكانية وتعليمية وصحية، موضحا أنه في حال العمل على زيادة الرواتب وإهمال تقديم الخدمات سيؤدي ذلك إلى تحميل المواطنين أعباء الحصول على تلك الخدمات من القطاع الخاص وبالتالي ستكفل فروقات الأسعار لتلك الخدمات أعباء كبيرة على رواتب المواطن.
واعتبر أن زيادة الرواتب سيتبعه زيادة في الأسعار والسلع وخاصة أننا ليس لدينا قانون وتشريع يثبت أسعار السلع وبالتالي أي زيادة في الرواتب لن يشعر بها المواطنون.
وحول إيجاد موارد إضافية للميزانية قال السلوم: إن الميزانية الحالية لمسنا تغيرا كبيرا فيها مثل إضافة موارد من هيئة السياحة والمعارض وأيضا إضافة موارد من هيئة تنظيم سوق العمل وضخ ممتلكات مبالغ أكبر مما كانت عليه في الميزانيات السابقة، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة أن تكون مساهمة ممتلكات أكبر من ذلك وأن تكون على الأقل 50% من صافي أرباحها، موضحا أن ممتلكات ضخت 40 مليون دينار في الميزانية الحالية على الرغم من أنها حققت صافي أرباح تقدر بنحو 400 مليون دينار وبالتالي لم تضخ سوى 10% فقط من أرباحها في الميزانية وهذا مبلغ قليل ويجب زيادته، مشيرا أيضا إلى ضرورة أن يكون هناك مبلغ محدد من القابضة للنفط والغاز تضخه في الميزانية.
وتفاعل بعض النواب مع تغريدة جمال فخرو، كتبوا على حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب النائب حمد الدوي: «الأخ العزيز جمال فخرو، بغض النظر عن تشاؤمك وسلبيتك الدائمة وتحطيم آمال المواطنين، أحب أقولك إن كل ما يحتاجه الموضوع هو تنظيم آلية تقسيم الميزانية ووضع تحسين المعيشة من ضمن أولويات هذه الميزانية، وبهذه الطريقة تكون حليت أزمة يعاني منها أغلب الشعب».
الاجتماعات المشتركة
ومن المنتظر أن تتواصل اليوم الأحد الاجتماعات المشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حول مشروع قانون اعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2023 و2024.
ومن المقرر أن يشهد الاجتماع استعراض مشاريع وزارة الإسكان خلال عامي 2023 و2024، بعد أن تم استعراض المشاريع الخدمية خلال الاجتماع السابق للجنة المشتركة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك