تصوير- روي ماثيوس
أكد الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية «أيوفي» أن قطاع الصيرفة الإسلامية ليس بمأمن من التحديات الاقتصادية العالمية، بسبب أن القيادة المالية متكدسة في الغرب وبالتالي تتأثر جميع القطاعات بشكل أو بآخر.
وأضاف على هامش انطلاق مؤتمر «أيوفي» السنوي الحادي والعشرين للهيئات الشرعية، «أن سبب سقوط عدد من البنوك العالمية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وانهيار أسعار السندات حيث قام المودعون بسحب ودائعهم، وبالتالي يجب على المصارف الإسلامية تنويع استثماراتها وتمويلاتها والابتعاد عن تركيزها المفرط في الودائع لدى المؤسسات المالية والحكومات وإدارة الموجودات، والتحول نحو قطاعات الاقتصاد الحقيقي مثل التصنيع والبنية التحتية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والزراعة».
ولفت إلى أنه منذ أن أبصرت المالية الإسلامية النور قبل نحو خمسين عاماً، أثبتت الصناعة باستمرار قدرتها على الصمود في وجه التحديات، وفي الوقت نفسه تحقيق التوسع بمعدلات استثنائية من حيث الحجم والنمو والانتشار والأثر.
وأوضح الشيخ إبراهيم بن خليفة، أن الصناعة استطاعت التغلب على عديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية، بما في ذلك وباء كوفيد-19 والأزمة المالية العالمية عام 2007. ومن حيث الحجم والنمو، تقدر قيمة موجودات الصناعة الإجمالية على مستوى العالم بنحو 3.374 مليارات دولار، ويتوقع أن يرتفع هذا الرقم عام 2025 ليصل إلى 4.94 مليارات دولار، بمعدل وسطي قدره 8%.
وتحدث رئيس مجلس أمناء «أيوفي» حول ممارسات الاقتراض لدى حكومات الدول ذات الأغلبية المسلمة، وقال: «إن الحكومات تصدر سندات تقليدية لتأمين التمويل الذي لا يستخدم دائماً في أغراض إنتاجية، أو يقتصر استخدامه على تمويل الواردات، ما يؤدي إلى مشاكل في إعادة سداد قيمة تلك السندات، وميزان مدفوعات سالب يؤدي إلى تراجع قيمة عملاتها». واسترسل: «من الجدير بالذكر أن الإفراط في الاقتراض وخاصة لأجل تمويل الإنفاق التشغيلي والاستهلاك الكمالي وتمويل العجز يتسبب دائماً في المشكلات الاقتصادية. ولعل الخيار الأفضل لهذه الحكومات هو إصدار الصكوك، بدلاً من السندات».
وأضاف الشيخ إبراهيم بن خليفة، «إن مما يبعث على الارتياح أن نرى اليوم عدد الجهات الرقابية التي تطبق معايير أيوفي يناهز السبعين من حوالي خمسين دولة، بمختلف صور التطبيق والاعتماد، ومن ذلك تلك التي أعلنت عزمها تطبيق هذه المعايير، وهذا يمثل توجهاً إيجابياً على مستوى الصناعة، إذ يعكس العدد المتزايد للجهات الرقابية التي تعترف بمعايير أيوفي القيمة المضافة العالية لهذه المعايير».
وأشار إلى أن تعزيز متطلبات رقمنة الصناعة المالية الإسلامية يبشر بعدد من المزايا الجوهرية للبنوك الإسلامية نفسها والاقتصاد وقطاع العملاء، وإن تعزيز الجانب الرقمي لا يؤدي فقط إلى تحسين كفاءة العمليات وسرعتها، وتقليل التكاليف ورفع مستوى الربحية، وإنما يمكِّن المؤسسات من تقديم طيف واسع من المنتجات والخدمات التي ستجذب قاعدة متنوعة من العملاء والمستثمرين وتكسب ولاءهم في خضم أسواق اليوم التي ترتفع فيها حدة المنافسة وتتصاعد.
من جانبه، أكد محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج أن المصرف يهتم بتطبيق المعايير الشرعية الصادرة عن الهيئة حيث أصبحت هذه المعايير جزءا من المتطلبات الرقابية على المؤسسات المرخص لها من قبل المصرف وهذا يعني إلزامية تطبيق تلك المعايير في المعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وأضاف، من المواضيع التي يوليها المصرف اهتماما كبيرا ويحرص على تطبيق ممارسات سليمة لها هو الإنصاف في معاملة أصحاب حسابات الاستثمار. لقد كانت ولا تزال الممارسات في أغلب البنوك الإسلامية برأي يشوبها خلل يحتاج إلى معالجة.
ولفت إلى أن أحد الاختلافات الجوهرية بين الخدمات المصرفية الإسلامية والتقليدية هو وجود أصحاب حسابات الاستثمار مقابل المودعين في البنوك التقليدية، فبينما تصنف معايير الأيوفي أصحاب حسابات الاستثمار على أنها شبه حقوق ملكية وليست مطلوبات، تحتاج الصناعة إلى اتخاذ خطوات عملية لحماية مصالح أصحاب حسابات الاستثمار ومعاملتهم بشكل مختلف عن المودعين حيث يسهم أصحاب حسابات الاستثمار بأكبر جزء من الأموال في أي بنك إسلامي وتتحمل هذه الحسابات نفس المخاطر التي يتحملها المساهمون وربما أكثر، ومع ذلك فإن العائد على هذه الأموال غالباً ما يكون أقل بكثير من العائد للمساهمين كما أن هذه الحسابات ليس لها دور في كيفية منهجية وإدارة الأموال، ناهيك عن نقص في الشفافية في كيفية احتساب العائد.
وأضاف المعراج: «نظراً إلى التطورات الأخيرة حول إخفاق بعض البنوك الأمريكية والطريقة التي صاحبت المعالجات التي تمت بخصوص المودعين والمساهمين فإنه من الأهمية أن تأخذ الأيوفي المبادرة في معالجة الموضوع ووضع المعايير المناسبة لها في الجوانب الشرعية والمحاسبية والحوكمة».
وختم: «لقد كنت قلقًا منذ فترة طويلة بشأن الاستخدام غير الضروري وغير المبرر لمبدأ الضرورة في السماح لهياكل المنتجات المشكوك فيها عبر صناعة التمويل الإسلامي، ويسعدني أن أرى هذا الموضوع من ضمن جدول أعمال مؤتمركم اليوم. وستكون خدمة كبيرة للصناعة إذا قدم أصحاب الفضيلة العلماء إرشادات أكثر تفصيلاً حول ما يجب وما لا يجب في مبدأ الضرورة بما في ذلك إطار زمني يجب بعده انتهاء صلاحية الموافقات الصادرة لبعض المنتجات أو إعادة النظر فيها».
ويناقش المؤتمر على مدى يومين من خلال ست حلقات نقاشية مع المشايخ العلماء والقادة والخبراء في الصناعة المالية الإسلامية، وكبار مسؤولي البنوك المركزية والسلطات الرقابية والإشرافية، الجوانب الشرعية المتعلقة بالصناعة المالية الإسلامية في إطار حوكمة الشريعة لمؤسساتها، ويشهد المؤتمر عدة جلسات حوارية مباشرة وافتراضية، يقدم فيها مجموعة من أهم قيادات الصناعة المالية الإسلامية، تصوراتهم لتطوير الصيرفة الإسلامية ومواجهة التحديات والحفاظ على الجوانب الشرعية للمعاملات في إطار القضايا المطروحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك