القراء الأعزاء
يُقال في الأمثال الشعبية «ما تعرف قديري إلا لين جربت غيري»، والمثل مرتبط بتقدير قيمة وأهمية النعم التي بين يدي الانسان، والأكيد أن جذور هذا المثل تمتد لتنبثق من إشكالية إلف النعمة، فالإنسان مع الدوام والاعتياد يألف النعمة التي بين يديه حتى يكاد لا يراها ولا يستشعرها، فتصبح بالنسبة إليه أمراً واقعاً مسلما به لا يشعر بقيمته ولا أهميته مع التعود عليه، لذلك اختصّ القرآن الكريم مثل هذا السلوك بسورة أنزلت خصيصاً في أهل قريش تنبيها لهم بقوله تعالى «لإيلاف قريش، إيلافهم، رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف».
قد يتساءل البعض: وماذا بعد؟ ما الهدف من هذه المقدمة؟
أريد بهذه المقدمة التطرق إلى نعمة بين أيدينا كمواطنين وهي نعمة البحرين، هذا الوطن الجميل بكل تفاصيله الطبيعية جغرافياً كدولة محاطة بالماء من جميع جهاتها، وأرض مُباركة بالخِصب والحياة، مليئة بالكنوز والثروات برّاً وبحراً، وبكل السمات الجميلة الظاهرة والباطنة منه، وتفاصيله الإنسانية كشعب مثقّف، معطاء، شهم، متعاون، مُحبّ، مُتسامح، متعايش طيّب، كريم ومضياف.
والوقوف على نعمة البحرين كدولة متقدمة نهضت واستوفت بُناها التحتية والفوقية، بحيث يستطيع المواطن والمقيم أن يلمس حرص حكومتها على إبراز جمالها منذ الحضارات الأولى حتى المرحلة المعاصرة، وعلى ضمان رغد المعيشة فيها.
وتستطيع أن تستشعر هذا الجمال في كل مرة تعود إلى أرض البحرين بعد زيارة لأي دولة أخرى في الأرض، حيث يكون الشعور بهذا الجمال دائما في استقبالك منذ أول خطوة تخطوها على أرضها، وتُحييك منذ الوهلة الأولى نسمات الانشراح، الطمأنينة، الأمن، الاستقرار، النظام، الرُقيّ، النظافة والوجوه الباسمة، حتى إنك تجد البحرين مختلفة عن أي مكان آخر، فلا يضاهيها في سحرها وخصوصيتها التي تتمتع بها أي بلد، ولا شك أن كل الدول جميلة ولكن تبقى دائماً (البحرين غير).
لذلك نجد أن حبّ البحريني لبلاده لا يخفى على الناظر والسامع، فالرابطة الشعورية عميقة ومتجذّرة، حتى وإن تذمر واشتكى من ضيق الحال مع المتغيرات الاقتصادية والتشريعية، إلا أن شكواه تتلاشى إن قالت البحرين: آه، ويكون لها عوناً بالفعل لا بالكلمات فقط، وفي المواقف والمناسبات الوطنية المختلفة شاهد على ذلك.
وتُعدّ من الشواهد الجميلة على هذا الحب مقاطع الفيديو التي انتشرت مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي عبارة عن لقطات من حفل المايسترو الهولندي قائد الأوركسترا (أندريه ليو) الذي أقيم ضمن فعاليات ربيع الثقافة 2023 على مسرح الدانة، لحظة صدح الفنان البحريني فيصل الأنصاري مغنياً: (تبين عيني؟؟، لج عيوني، أنا وكل ما أملك.. فدا أرضك يا شوقي اللي إذا أبعدت يناديني) حينها اعتلت وجوه البحرينيين شباباً وشيباً ملامح واحدة وردود فعل متشابهة تُنبئ عن العشق الاصيل وتؤكد أن البحريني مستعد أن يبذل للبحرين الغالي والنفيس حُباّ وكرامة.
وبقدر الحب الذي يكنّه كل بحريني مخلص للبحرين ولقيادتها، فإننا كمواطنين صالحين نريد البحرين أن تكون أيضاً غير في العناية بالشأن المعيشي للمواطن، فالبحريني كما أسلفت يثق بقيادته ويعوّل كثيراً على ما قاله مليكه الغالي ذات تصريح أكد فيه أنه هو السند والعضد لكل بحريني، حيث أقسم جلالته صادقاً بالله العظيم بأنه لن يُنصف البحريني إنسان أكثر منه، لأنه أحن وأرأف بالإنسان البحريني من غيره، ولن يقبل باستغلاله أو استخدامه، وبأن جلالته سيعالج أمره ووضعه بكل كرامة له ولأسرته ولشخصه، ونحن نثق بهذا الوعد لأننا نثق بمصداقية النهج الإصلاحي الذي ارتكز على كفالة وتعزيز واحترام حقوق الانسان والحفاظ على كرامته الإنسانية.
فالحمد لله على نعمة البحرين، ونسأل الله أن يُعين قيادتها الحكيمة على حفظ الوعد وتحقيق الرفاه للمواطنين بدءاً من تحسين المستوى المعيشي للجميع.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك