كتبت زينب إسماعيل:
يتحدث الباحث في التراث البحريني، يوسف النشابة عن دور البطولة الذي تقمصته المرأة في الحكاية الشعبية، رغم هيمنة الرجل على بطولات الحكاية، مبينا أن ممارستها لهذا الدور كان مرتبطا بالواقع المعاش.
ويبين الباحث في ورقته البحثية (دور البطولة للمرأة في الحكايات الشعبية) أن «الرجل كان له نصيب الأسد في أدوار البطولة إلا أنه لم يبرز ولم يكن موفقا في عديد من الأدوار التي شاركت فيها المرأة وخصوصا أدوار الشر وتدبير المكائد مستعينة بكل ما أوتيت من ذكاء ودهاء تارة وتارة أخرى مستعينة بالجنيات والساحرات».
ويوضح الباحث: «تحتل المرأة حيزا كبيرا في الحكاية الشعبية وذلك لما تتمتع به من دور كبير في الحياة الأسرية والعملية والاجتماعية والدينية في المجتمعات الخليجية المحافظة بطبيعتها الدينية والاجتماعية. ورغم أن المرأة الخليجية لم تحظ بأي حقوق أو دور بارز في الحياة الاجتماعية أو العملية في مجتمعها التقليدي، إلا أنها تقوم بمشاركة الرجل في بعض الأعمال مثل الفلاحة في القرى التي يكاد كل أفرادها تربطهم ببعض صلة القرابة ويمكن رصد أدوار المرأة في الحياة الأسرية، وتعد مصدر إلهام للجوانب العاطفية للرجل وهذا ما يجعل المرأة في الحكاية ملهم للكفاح».
وتمارس المرأة في أدوار الخير عبر الإصلاح الاجتماعي ومساعدة الضعفاء بتقمصها دور الملاك أو شبح يظهر للبطلة حين يتخلى عنها الجميع أو جارة طيبة تساعد البطلة بمساندة من ابنها والذي قد يكون البطل. أو عجوزا تسعى إلى الخير. أما في أدوار الشر فتظهر كعجوز شمطاء تسعى إلى خراب البيوت وتستخدم السموم للتخلص ممن تكنُّ لهن العداء أو تستأجر القتلة للتخلص من مكرهم.
كما لم تتطرق الحكاية الشعبية للمرأة المطلقة، لندرة وجودها في المجتمعات المترابطة، ولعدم لفت الشباب إلى فكرة التخلص من الزوجة بالطلاق، فهي لا تطلق لأنها إما بنت العم أو الخال أو العمة أو الخالة أو بنت الجيران والتي لها مكانتها المهمة في النظرة الاجتماعية والإسلامية. والزوجة التي لا تنجب يتم الزواج عليها بأخرى. كما أن تعدد الزوجات كان أحد أسباب عدم تفشي ظاهرة الطلاق.
وقال النشابة: «كان من بين أدوار المرأة في الحكاية، الجدة التي تمثل الآمر الناهي والكلمة المسموعة لكونها أكبر أفراد العائلة سنا ولما تتمتع به من خبرة أكسبتها الحكمة في اتخاذ القرارات التي تخص الشؤون الأسرية من زواج أو تربية الأطفال والصرف والادخار والبيع والشراء. وهذا ما تتمتع به من نفوذ في الحياة الواقعية وأن الرواة لم يسلبوها ذلك الدور القيادي في الحكاية الشعبية الذي وهبه لها المجتمع».
أما الأم، فتمثل الحنان والعطف والتضحية كما هو الحال في الحكاية التي يقدم الابن قلب أمه دواءً لزوجته وحين سقط على الأرض قال قلب الأم: اسم الله عليك. إلا أن غيرة الأم من زوجة ابنها التي حازت على الحب الذي كان يوليه لها ابنها قبل زواجه جعل منها مصدرا للشر.
وتمثل الزوجة نصف المجتمع ومصدر إلهام للجوانب العاطفية للرجل وهذا ما يجعلها في الحكاية ملهما للكفاح ومصدرا للخيانة الزوجية والتفنن في كسب حب الزوج مقابل حب أمه باستخدام الغيرة والانتقام للتخلص من أم الزوج وأخت الزوج.
وفي الحكاية أيضا، تفقد الحماة – أم الزوج - قسطا كبيرا من حب ابنها لها بعد زواجه، أن لم يكن كله فجزء كبير من حبه يذهب للفتاة الغريبة حتى لو كانت من الأهل حين تدخل زوجة لابنها، وكي تسترد الأم ذلك الحب تسعى جاهدةً إلى تشويه صورة (كنتها) في نظر ابنها بشتى الطرق وتنوع الحيل ومختلف التدابير. كما هو الحال في حكاية (أم لجريو تأكل جريوها).
وتسعى أم الزوجة للسيطرة على زوج ابنتها حفاظا من استغلال أهله ضد حرية ابنتها؛ وذلك بتقديم النصائح لابنتها كي لا تكون صيدا سهلا لأم الزوج وتحرص على حياة ابنتها الزوجية من أية هزات قد توصل للطلاق.
وتعتبر زوجة الأب مصدر الشر واختيار شتى أساليب التشريد والقتل للتخلص من بنت زوجها أو ابن زوجها كما هو الحال في حكاية «سفوف» أو زوجة الأب في الحكاية الفرنسية «سندريلا»، وكذلك في حكاية «بياض الثلج» حيث تستعين زوجة الأب بعجوز تقدم تفاحة مسمومة للتخلص من بياض الثلج البنت التي تفوقها جمالاً .
أما البنت فتكون عادةً في الحكاية الشعبية جميلة محبوبة صغيرة في السن وغالبا ما تكون بلا حظ في بداية الحكاية ويتيمة ومغلوبة على أمرها وحين تكون وحيدة تتعرض للظلم من زوجة أبيها. فهي إما فقيرةً مظلومة أو غنية تقدم هدية للزوج البطل من دون أن يكون لها قرار. ولكن في جميع الحالات تكون نهايتها سعيدة بالزواج من بطل الحكاية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك