العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

ألوان

رغم هيمنة بطولات الرجل
المرأة في الحكاية الشعبية مارست دور البطولة اتصالا بالواقع

السبت ٠٦ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

كتبت‭ ‬زينب‭ ‬إسماعيل‭:‬

 

يتحدث‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬البحريني،‭ ‬يوسف‭ ‬النشابة‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬البطولة‭ ‬الذي‭ ‬تقمصته‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية،‭ ‬رغم‭ ‬هيمنة‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬بطولات‭ ‬الحكاية،‭ ‬مبينا‭ ‬أن‭ ‬ممارستها‭ ‬لهذا‭ ‬الدور‭ ‬كان‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالواقع‭ ‬المعاش‭.‬

ويبين‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ ‬البحثية‭ (‬دور‭ ‬البطولة‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬الحكايات‭ ‬الشعبية‭) ‬أن‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬أدوار‭ ‬البطولة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يبرز‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬موفقا‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأدوار‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬المرأة‭ ‬وخصوصا‭ ‬أدوار‭ ‬الشر‭ ‬وتدبير‭ ‬المكائد‭ ‬مستعينة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬من‭ ‬ذكاء‭ ‬ودهاء‭ ‬تارة‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬مستعينة‭ ‬بالجنيات‭ ‬والساحرات‮»‬‭.‬

ويوضح‭ ‬الباحث‭: ‬‮«‬تحتل‭ ‬المرأة‭ ‬حيزا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية‭ ‬والعملية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية‭ ‬المحافظة‭ ‬بطبيعتها‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بأي‭ ‬حقوق‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬مجتمعها‭ ‬التقليدي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬بمشاركة‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬مثل‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬التي‭ ‬يكاد‭ ‬كل‭ ‬أفرادها‭ ‬تربطهم‭ ‬ببعض‭ ‬صلة‭ ‬القرابة‭ ‬ويمكن‭ ‬رصد‭ ‬أدوار‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية،‭ ‬وتعد‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬للجوانب‭ ‬العاطفية‭ ‬للرجل‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬ملهم‭ ‬للكفاح‮»‬‭.‬

وتمارس‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أدوار‭ ‬الخير‭ ‬عبر‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومساعدة‭ ‬الضعفاء‭ ‬بتقمصها‭ ‬دور‭ ‬الملاك‭ ‬أو‭ ‬شبح‭ ‬يظهر‭ ‬للبطلة‭ ‬حين‭ ‬يتخلى‭ ‬عنها‭ ‬الجميع‭ ‬أو‭ ‬جارة‭ ‬طيبة‭ ‬تساعد‭ ‬البطلة‭ ‬بمساندة‭ ‬من‭ ‬ابنها‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬البطل‭. ‬أو‭ ‬عجوزا‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الخير‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬أدوار‭ ‬الشر‭ ‬فتظهر‭ ‬كعجوز‭ ‬شمطاء‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬خراب‭ ‬البيوت‭ ‬وتستخدم‭ ‬السموم‭ ‬للتخلص‭ ‬ممن‭ ‬تكنُّ‭ ‬لهن‭ ‬العداء‭ ‬أو‭ ‬تستأجر‭ ‬القتلة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬مكرهم‭.‬

كما‭ ‬لم‭ ‬تتطرق‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬للمرأة‭ ‬المطلقة،‭ ‬لندرة‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المترابطة،‭ ‬ولعدم‭ ‬لفت‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الزوجة‭ ‬بالطلاق،‭ ‬فهي‭  ‬لا‭ ‬تطلق‭ ‬لأنها‭ ‬إما‭ ‬بنت‭ ‬العم‭ ‬أو‭ ‬الخال‭ ‬أو‭ ‬العمة‭ ‬أو‭ ‬الخالة‭ ‬أو‭ ‬بنت‭ ‬الجيران‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬النظرة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والإسلامية‭. ‬والزوجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنجب‭ ‬يتم‭ ‬الزواج‭ ‬عليها‭ ‬بأخرى‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬عدم‭ ‬تفشي‭ ‬ظاهرة‭ ‬الطلاق‭. ‬

وقال‭ ‬النشابة‭: ‬‮«‬كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أدوار‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحكاية،‭ ‬الجدة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الآمر‭ ‬الناهي‭ ‬والكلمة‭ ‬المسموعة‭ ‬لكونها‭ ‬أكبر‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬سنا‭ ‬ولما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خبرة‭ ‬أكسبتها‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬الشؤون‭ ‬الأسرية‭ ‬من‭ ‬زواج‭ ‬أو‭ ‬تربية‭ ‬الأطفال‭ ‬والصرف‭ ‬والادخار‭ ‬والبيع‭ ‬والشراء‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الواقعية‭ ‬وأن‭ ‬الرواة‭ ‬لم‭ ‬يسلبوها‭ ‬ذلك‭ ‬الدور‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬الذي‭ ‬وهبه‭ ‬لها‭ ‬المجتمع‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الأم،‭ ‬فتمثل‭ ‬الحنان‭ ‬والعطف‭ ‬والتضحية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬التي‭ ‬يقدم‭ ‬الابن‭ ‬قلب‭ ‬أمه‭ ‬دواءً‭ ‬لزوجته‭ ‬وحين‭ ‬سقط‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬قال‭ ‬قلب‭ ‬الأم‭: ‬اسم‭ ‬الله‭ ‬عليك‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬غيرة‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬زوجة‭ ‬ابنها‭ ‬التي‭ ‬حازت‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يوليه‭ ‬لها‭ ‬ابنها‭ ‬قبل‭ ‬زواجه‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬مصدرا‭ ‬للشر‭.‬

‭ ‬وتمثل‭ ‬الزوجة‭ ‬نصف‭ ‬المجتمع‭ ‬ومصدر‭ ‬إلهام‭ ‬للجوانب‭ ‬العاطفية‭ ‬للرجل‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬ملهما‭ ‬للكفاح‭ ‬ومصدرا‭ ‬للخيانة‭ ‬الزوجية‭ ‬والتفنن‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬حب‭ ‬الزوج‭ ‬مقابل‭ ‬حب‭ ‬أمه‭ ‬باستخدام‭ ‬الغيرة‭ ‬والانتقام‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬الزوج‭ ‬وأخت‭ ‬الزوج‭.‬

وفي‭ ‬الحكاية‭ ‬أيضا،‭ ‬تفقد‭ ‬الحماة‭ ‬‭ ‬أم‭ ‬الزوج‭ - ‬قسطا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬حب‭ ‬ابنها‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬زواجه،‭ ‬أن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كله‭ ‬فجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬حبه‭ ‬يذهب‭ ‬للفتاة‭ ‬الغريبة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬حين‭ ‬تدخل‭ ‬زوجة‭ ‬لابنها،‭ ‬وكي‭ ‬تسترد‭ ‬الأم‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭ ‬تسعى‭ ‬جاهدةً‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ (‬كنتها‭) ‬في‭ ‬نظر‭ ‬ابنها‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬وتنوع‭ ‬الحيل‭ ‬ومختلف‭ ‬التدابير‭. ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ (‬أم‭ ‬لجريو‭ ‬تأكل‭ ‬جريوها‭). ‬

‭ ‬وتسعى‭ ‬أم‭ ‬الزوجة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬زوج‭ ‬ابنتها‭ ‬حفاظا‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬أهله‭ ‬ضد‭ ‬حرية‭ ‬ابنتها؛‭ ‬وذلك‭ ‬بتقديم‭ ‬النصائح‭ ‬لابنتها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬صيدا‭ ‬سهلا‭ ‬لأم‭ ‬الزوج‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬ابنتها‭ ‬الزوجية‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬هزات‭ ‬قد‭ ‬توصل‭ ‬للطلاق‭.‬

وتعتبر‭ ‬زوجة‭ ‬الأب‭ ‬مصدر‭ ‬الشر‭ ‬واختيار‭ ‬شتى‭ ‬أساليب‭ ‬التشريد‭ ‬والقتل‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬بنت‭ ‬زوجها‭ ‬أو‭ ‬ابن‭ ‬زوجها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬‮«‬سفوف‮»‬‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬الفرنسية‭ ‬‮«‬سندريلا‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬‮«‬بياض‭ ‬الثلج‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬تستعين‭ ‬زوجة‭ ‬الأب‭ ‬بعجوز‭ ‬تقدم‭ ‬تفاحة‭ ‬مسمومة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬بياض‭ ‬الثلج‭ ‬البنت‭ ‬التي‭ ‬تفوقها‭ ‬جمالاً‭ .‬

أما‭ ‬البنت‭ ‬فتكون‭ ‬عادةً‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬جميلة‭ ‬محبوبة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بلا‭ ‬حظ‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحكاية‭ ‬ويتيمة‭ ‬ومغلوبة‭ ‬على‭ ‬أمرها‭ ‬وحين‭ ‬تكون‭ ‬وحيدة‭ ‬تتعرض‭ ‬للظلم‭ ‬من‭ ‬زوجة‭ ‬أبيها‭. ‬فهي‭ ‬إما‭ ‬فقيرةً‭ ‬مظلومة‭ ‬أو‭ ‬غنية‭ ‬تقدم‭ ‬هدية‭ ‬للزوج‭ ‬البطل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬قرار‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحالات‭ ‬تكون‭ ‬نهايتها‭ ‬سعيدة‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬بطل‭ ‬الحكاية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا