خاطرة
عبدالرحمن فلاح
حبل الله (تعالى) المتين!
حبل الله تعالى المتين هو وحيه المبارك، الذي أنزله تعالى في شهر رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة مباركة هي ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي ليلة لن يجود الزمان بمثلها، ثم نزل القرآن من السماء الدنيا منجما بحسب الأحداث طوال ثلاثة وعشرين عاما.
إنه الحبل المتين، والمنهاج السديد الذي ما تمسك به قوم إلا هدوا إلى الصراط المستقيم، قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) آل عمران / 103.
إنه الحبل الًممدود من السماء إلى الأرض فيه شفاء لما في الصدور، وهو لا يخلق على كثرة الرد مهما تلاه التالون، ورتله المرتلون، وتدبر آياته وسوره المتدبرون. من حكم به عدل، ومن عمل بأوامره ونواهيه صلح حاله في الدنيا والآخرة. إنه كتاب لا ينتهي عطاؤه، ولا ينضب معينه، من جعل تعاليمه أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعلها خلف ظهره، وأهمل العمل بأوامره ونواهيه قاده -والعياذ بالله - إلى النار.
إن في هذا الكتاب(المعجز) نجاتنا، وفلاحنا، ونستطيع أن نحقق به سعادة الدارين: الدنيا والآخرة. وهو منهاج حياتنا لا تستقيم الحياة إلا به، فيه نبأ الأولين، وخبر الآخرين، وفيه أنباء المستقبل، وإشارات علمية من تدبرها كشفت له حجب الغيب، وأعانته على تطوير حياته وارتقائها. كتاب جمع بين الشرعة والمنهاج والمعجز، ولَم تجتمع هذه الأمور الثلًاثة في كتاب قبله، ولن تجتمع في كتاب بعده. إنه الحبل المتين، وكيف لا يكون كذلك وطرفه الأول بيد الله تعالى، والطرف الآخر مدلى في السماء من تمسك به نجا، وتحقق له كل ما يتمنى، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكا، قال تعالى: (قال اهبطا منها جميعًا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى(123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى(124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا(125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى(126) سورة طه.
هذا هو كتاب الله الذي تعهد الحق سبحانه وتعالى بحفظه، والدفاع عنه، وبه تحدى أرباب البلاغة والبيان من فصحاء العرب الذين كانوا يقيمون المهرجانات الأدبية، ويحتفلون بالنابهين من شعراء العرب، والتي تعمل لهم المسابقات الشعرية ومن يفوز منهم تعلق قصيدته على أستار الكعبة المشرفة تكريمًا للقصيدة ولنظامها حتى سميت هذه القصائد بـ(المعلقات السبع) وكون هذا الكتاب المعجز ينزل بلغة العرب، فهذا دليل لا يلحقه الشك في عظم مكانة اللغة العربية، وشموخها على غيرها من اللغات، وبالتالي لن ينالها شيء من خلوده.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك