العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

نصحني بزوجة إضافية

لست‭ ‬كثير‭ ‬الشكوى‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬المرض‭ ‬والضيق،‭ ‬بل‭ ‬أبتعد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحترف‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬اعتلال‭ ‬الصحة‭ ‬أو‭ ‬قلة‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬نيل‭ ‬ترقية،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬ميالا‭ ‬لتقديم‭ ‬النصح‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يطلبه‭ ‬مني،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تربطني‭ ‬به‭ ‬علاقة‭ ‬دم‭ ‬أو‭ ‬مودة‭ ‬قوية،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬أستشير‭ ‬أحدا‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬عائلي‭ ‬‮«‬خصوصي‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتطوع‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬لإسداء‭ ‬نصح‭ ‬لم‭ ‬أطلبه،‭ ‬ومن‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬بالي‭ ‬الحالة‭ ‬الصحية‭ ‬لزوجتي،‭ ‬فبسبب‭ ‬انضغاط‭ ‬عصب‭ ‬في‭ ‬منطقتي‭ ‬العنق‭ ‬والظهر‭ ‬فإنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬متواصلة‭ ‬تمنعها‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬تصريف‭ ‬بعض‭ ‬شؤون‭ ‬البيت،‭ (‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فأنا‭ ‬والعيال‭ ‬نتعرض‭ ‬لأوامرها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬لأنها‭ ‬تحب‭ ‬النظام‭ ‬والترتيب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنني‭ ‬وعيالي‭ ‬لا‭ ‬نبالي‭ ‬بالفوضى‭ ‬ونستمتع‭ ‬بها‭ ‬أحيانا‭)‬،‭ ‬ومعاناة‭ ‬زوجتي‭ ‬تلك‭ ‬ليس‭ ‬سرا،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬جميع‭ ‬أقاربنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬يعلمون‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬ليست‭ ‬طريحة‭ ‬الفراش‭ ‬ولا‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬الحركة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هناك‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬المجهود‭ ‬الجسماني‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬يسبب‭ ‬لها‭ ‬آلاما‭ ‬مبرحة،‭ ‬فنحرص‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬على‭ ‬تجنيبها‭ ‬المهام‭ ‬الصعبة،‭ ‬ونخرسها‭ ‬بأقراص‭ ‬طبية‭ ‬تسكت‭ ‬الألم‭ ‬واللسان‭.‬

وقبل‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬سألني‭ ‬صديق‭ ‬عن‭ ‬أخبار‭ ‬المدام‭ ‬وصحتها،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬حالتها‭ ‬مستقرة‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬مرتاحة‭ ‬جسديا‭. ‬وبدأ‭ ‬صاحبنا‭ ‬يقول‭ ‬كلاما‭ ‬طيبا‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬الزوجة‭ ‬والأم‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬شؤون‭ ‬الزوج‭ ‬والعيال‭ ‬والبيت،‭ ‬وقال‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬زوجتي‭ ‬يمدحها‭ ‬لكونها‭ ‬سيدة‭ ‬طيبة‭ ‬وخلوقة‭ ‬و«خدومة‮»‬‭ ‬وتعرف‭ ‬الواجب‭. ‬ولحدِّ‭ ‬هنا‭ ‬كويسين‭! ‬ولكنه‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬قيامي‭ ‬بمبادرة‭ ‬لتخفيف‭ ‬العبء‭ ‬عن‭ ‬زوجتي،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬انني‭ ‬طفت‭ ‬بها‭ ‬مستشفيات‭ ‬أربع‭ ‬قارات‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬غير‭ ‬جراحي‭ ‬يعالج‭ ‬آلامها‭! ‬وأحس‭ ‬صاحبنا‭ ‬أنني‭ ‬غبي‭ ‬فدخل‭ ‬في‭ ‬‮«‬الموضوع‮»‬‭ ‬وقال‭ ‬انه‭ ‬يرى‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬حقي‭ ‬أن‭ ‬أتزوج‭ ‬بأخرى‭ ‬ترعى‭ ‬شؤوني‭ ‬وشؤون‭ ‬عيالي،‭ ‬وتساعد‭ ‬المدام‭ ‬في‭ ‬تصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البيت؛‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬بالحرف‭ ‬الواحد‭: ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬انني‭ ‬كنت‭ ‬جاهلا‭ ‬بحقوقي‭ ‬في‭ ‬التثنية‭ ‬والتثليث‭ ‬والتربيع،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬شخص‭ ‬فاعل‭ ‬خير‭ ‬عبقري‭ ‬مثلك‭ ‬لينبهني‭ ‬إليها‭! ‬ولأن‭ ‬الشخص‭ ‬الحشري‭ ‬بارد‭ ‬بطبعه‭ ‬فقد‭ ‬رد‭ ‬علي‭ ‬بقوله‭: ‬الإنسان‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬درجة‭ ‬وعيه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬لمشكلاته‭ ‬بينما‭ ‬الحلول‭ ‬متاحة‭!‬

سأحدثكم‭ ‬عن‭ ‬عيب‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬شخصيتي‭: ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬أنا‭ ‬ميال‭ ‬للمرح‭ ‬والفرح‭ ‬ولكنني‭ ‬سريع‭ ‬الاشتعال‭ ‬عندما‭ ‬يتخطى‭ ‬من‭ ‬يتعامل‭ ‬معي‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬للتهذيب‭ ‬والاحترام،‭ ‬وهناك‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬أطيقهم،‭ ‬أولهم‭ ‬المتغطرس،‭ ‬ثم‭ ‬الغبي‭ ‬الذي‭ ‬يتذاكى،‭ ‬ثم‭ ‬الجلف‭ ‬قليل‭ ‬الذوق‭ ‬ثم‭ ‬فيفي‭ ‬عبده،‭ ‬ثم‭ ‬فاروق‭ ‬الفيشاوي‭ ‬والكوسا‭! ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬صاحبي‭ ‬ذاك‭ ‬نحو‭ ‬عشر‭ ‬ثوان‭ ‬مستعيذا‭ ‬من‭ ‬الشيطان‭ ‬لأن‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬خطر‭ ‬ببالي‭ ‬عندما‭ ‬اقترح‭ ‬عليّ‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أصفعه‭! ‬أو‭ ‬أصيح‭ ‬فيه‭: ‬فِز‭ ‬واطلع‭ ‬من‭ ‬بيتي،‭ ‬ولكنني‭ ‬لعنت‭ ‬إبليس‭ ‬وأخذت‭ ‬نفسا‭ ‬عميقا‭ ‬وقلت‭ ‬له‭: ‬أتزوج‭ ‬على‭ ‬زوجتي‭ ‬لأنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬تمنعها‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬تصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البيت؟‭ ‬هب‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬صارت‭ ‬معاقة‭ ‬–لا‭ ‬قدر‭ ‬الله–‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أنني‭ ‬سأخفف‭ ‬وقع‭ ‬آلامها‭ ‬ومعاناتها‭ ‬بالزواج‭ ‬بثانية؟‭ ‬ثم‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬يتعلق‭ ‬بمساعدة‭ ‬زوجتي‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬المنزلية‭ ‬هل‭ ‬تقترح‭ ‬لي‭ ‬الزواج‭ ‬بـ«الخدامة»؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬لديك‭ ‬قريبة‭ ‬بائرة‭ ‬وصلاحيتها‭ ‬منتهية‭ ‬وتريد‭ ‬ان‭ ‬تشبكها‭ ‬في‭ ‬رقبتي‭! ‬حاول‭ ‬الرجل‭ ‬ان‭ ‬يؤكد‭ ‬لي‭ ‬ان‭ ‬قلبه‭ ‬عليّ‭ ‬وأنه‭ ‬اقترح‭ ‬موضوع‭ ‬الزواج‭ ‬‮«‬لمصلحتي‮»‬،‭ ‬فسألته‭: ‬ومن‭ ‬أعطاك‭ ‬حق‭ ‬رعاية‭ ‬مصالحي؟‭ ‬وهل‭ ‬تعتقد‭ ‬انك‭ ‬أكثر‭ ‬مني‭ ‬رجاحة‭ ‬عقل‭ ‬حتى‭ ‬تعطي‭ ‬نفسك‭ ‬حق‭ ‬الوصاية‭ ‬علي‭. ‬وقلت‭ ‬له‭ ‬فيما‭ ‬قلت‭: ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬سمعت‭ ‬بوفاة‭ ‬زوجتي‭ ‬إياك‭ ‬ان‭ ‬تقترح‭ ‬علي‭ ‬الزواج‭.‬

أدرك‭ ‬الرجل‭ ‬ان‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬ذلك‭ ‬الموضوع‭ ‬سينتهي‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬العناية‭ ‬الفائقة‭ ‬في‭ ‬المستشفى،‭ ‬فاعتذر‭ ‬لي‭ ‬وخرج‭ ‬ولم‭ ‬يعد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عرف‭ ‬ان‭ ‬زوجتي‭ ‬ليست‭ ‬هيونداي‭ ‬أو‭ ‬تويوتا‭ ‬أو‭ ‬بي‭ ‬إم‭ ‬دبليو‭ ‬أستبدلها‭ ‬او‭ ‬‮«‬أركنها‭ ‬على‭ ‬جنب‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬أصيبت‭ ‬بعطل‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا