لمّا كان أداء الأجر من الالتزامات التي تقع على عاتق صاحب العمل تجاه العامل، فقد كفل الفقه الإسلاميّ للعامل بعض الضمانات التي تمكّنه من الحصول على أجره من صاحب العمل. ومن هذه الضمانات:
أوّلًا: امتياز دَيْن الأجر الذي يكون للعامل بمقتضاه الحقُّ في الحصول على الأجر بالتقدّم على سائر دائني صاحب العمل. وقد تناول الفقهاء هذا الضمان عند الحديث عن الحكم في حالة إفلاس المستأجر، وما إنْ كان يجوز للأجير الخاصّ حبس العين المعقود عليها من أجل استيفاء الأجر أم لا. والرّاجح هو جواز حبس العين حتى يستوفي الأجيرُ أجره.
وقد نصّت المادّة (48) في قانون العمل البحرينيّ على أنّه: «يكون للأجور والمبالغ المستحقّة للعامل، أو للمستحقّين عنه، طبقًا لأحكام هذا القانون امتياز على جميع أموال صاحب العمل العقاريّة والمنقولة، وتستوفى قبل أيّ دَين آخر بما في ذلك الديون المستحقّة للدولة».
وهكذا؛ فإنّ قانون العمل البحرينيّ يتفق مع الفقه الإسلاميّ.
ثانيًا: ضمان المدينين في الوفاء بالأجر
وممّا يحرص الفقه الإسلاميّ على مراعاته للحفاظ على أجر العامل، الوسائل التي تضمن الوفاء به في حال لم يستلم الأجير الأجر من صاحب العمل. ومن ذلك أنّه أجاز أخذ الكفالة بالأجر المستحقّ في المستقبل، فالأجر دَين على كلٍّ من صاحب العمل وكفيله.
ولكن، هل هذه الكفالة تضامنيّة؟ بمعنى هل يجوز للدائن الرجوع على الكفيل والمدين معًا؟ أو أيّهما شاء؟ أم أنّه لا يجوز له مطالبة الكفيل إلا بعد رجوعه على المدين وعجزه عن الحصول على حقّه منه؟
الراجح في الفقه الإسلامي أنّ الكفالة تضامنيّة، أيْ أنّه يجوز للدائن الرجوع على الكفيل والمدين ومطالبتهما معًا أو مطالبة أيّهما؛ لحديث رسول االله صلّى االله عليه وسلّم: «الزعيم غارم». ولم يقنّن قانون العمل البحرينيّ هذه المسالة، غير أنّه تمّ تقنينها ضمن الموادّ المتعلّقة بعقد الكفالة في القانون المدنيّ، وفي المادّة (35) من قانون شركة التضامن: «لدائني الشركة حقّ الرجوع عليها في أموالها، ولهم أيضًا حقّ الرجوع على أيّ شريك كان عضوًا في الشركة وقت التعاقد في أمواله الخاصّة. ويكون جميع الشركاء ملزمين بالتضامن نحو دائني الشركة. وكلّ اتّفاق على خلاف ذلك لا يحتجّ به على الغير».
محاضر رئيس في معهد البحرين للدراسات المصرفيّة والماليّة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك