تغطية: أحمد عبدالحميد
تصوير - عبدالأمير السلاطنة
وافق مجلس الشورى في جلسته أمس برئاسة د. جهاد الفاضل النائب الثاني لرئيس المجلس على اتفاقية نظام ربط المدفوعات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «آفاق»، والتي تهدف إلى دعم التكامل الاقتصادي المنشود بين دول مجلس التعاون تماشيًا مع الاتفاقية الاقتصادية لدول المجلس الرامية إلى تعزيز اقتصاداتها في ضوء التطورات الاقتصادية العالمية، مع تعزيز سلامة وكفاءة نظم المدفوعات الخليجية المشتركة للحد من أية مخاطر محتملة عليها، بما يؤدي إلى المحافظة على الاستقرار المالي بدول المجلس ويخدم مصالحها، وتسهم في إرساء صلاحيات البنوك المركزية والإشرافية والرقابية على نظم المدفوعات بين دول المجلس، والعمل على تطويرها، بالإضافة إلى تعزيز وتطوير عمليات المقاصة بالآلية والإجراءات التي تتفق عليها البنوك المركزية، وتساعد على تأسيس بنية تحتية إقليمية والحفاظ على سلامتها لتكون الركيزة التي تستند عليها نظم المدفوعات المشتركة بين دول المجلس.
وقال خالد المسقطي رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية إن من أهم أهداف هذه الاتفاقية هو دعم التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، وتحقيق الاستقرار المالي لهذه الدول، حيث نتطلع إلى نظام ربط وأنظمة مدفوعات مأمونة وتسهم في تسديد المدفوعات العابرة للحدود.
وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين مملكة البحرين والدول الشقيقة في مجلس التعاون الخليجي بلغ 3.9 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2022، أي بزيادة تقدر بـ14% عن نفس الفترة من عام 2021، مضيفا أن التبادل التجاري بين البحرين والسعودية قد وصل إلى 1.903 مليار دولار بارتفاع مقداره 21% عن نفس الفترة في عام 2021، وكذا ارتفع التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان بنسبة 21.4%، ومع دولة الكويت كان التبادل التجاري بقيمة 233 مليون دولار، أما التبادل التجاري مع دولة الإمارات فبلغ 1.342 مليار دولار.
وأشار المسقطي إلى أن هناك في ظل وجود تبادل تجاري بين دول المجلس فإن هناك حاجة إلى وجود نظام مدفوعات مشترك متميز وآمن يتم من خلاله إتمام عمليات التحويل بين دول مجلس التعاون، لافتا إلى أنه خلال فترة الستينيات كان يتم الاعتماد على نظام خدمة التلكس في المدفوعات، وفي السبعينيات تم تطوير نظام «السويفت» الذي تم استخدامه عالميا في عمليات التحويل العابرة للحدود في سداد التبادل التجاري.
وتابع رئيس اللجنة المالية أنه بعد 46 عاما من استخدام نظام السويفت كان هناك سلبيات من التعامل بهذا النظام، ومنها أنه على الرغم من أن هذا النظام كان ينجر المعاملات بصورة آمنة، ولكن إنهاء اجراء هذه العمليات يستغرق وقتا طويلا، بالإضافة إلى ارتفاع الكلفة في حال وجود وسطاء في عملية التسديد.
وقال المسقطي: حسنا فعلت دول مجلس التعاون بابتكار منصة آفاق، لتنظم عملية الدفع بين دول الخليج العربية، وجمعت هذه المنصة المزايا المتحققة من النظام العالمي مع مراعاة المتطلبات المستقبلية.
وأشار إلى هذا النظام سوف يتيح لدول مجلس التعاون تمويل التبادل التجاري عبر منصة «آفاق» ويسهم في التبادل بالعملات الخليجية المحلية، مع إعطاء المصارف المركزية لدول التعاون بتحديد سعر الصرف في هذه المعاملات، مع إضافة العملات العالمية الأخرى التي يمكن استخدامها للسداد ضمن هذا النظام.
وأكد خالد المسقطي أن قرار إنشاء نظام ربط المدفوعات صدر من قادة دول مجلس التعاون، وتم ترك المجال لكل دولة على حدة للمصادقة على هذه الاتفاقية، وتفعيلها، ومن ثم إيداعها للأمانة العامة لمجلس التعاون بالرياض، وحاليا هناك مصادقة من المملكة العربية السعودية وتم إيداع هذه المصادقة في الأمانة العامة، والبحرين تسير في هذا الاتجاه، وبحسب الاتفاقية بوجود مصادقة دولتين وايداعها فإنه يمكن استخدام هذه المنصة للتحويل فيما بينهم، وكل بلد لديها الحرية في اختيار الوقت المناسب لتفعيل هذه الاتفاقية.
وأكد أن اللجنة المالية مقتنعة أن هذه خطوة إلى الأمام، وتم الأخذ في الاعتبار الاحتياجات المستقبلية لوجود منصة لتسديد مدفوعات التبادل التجاري المتنامي بيننا، ولا يوجد أي نوع من المخاطر مقارنة بالأنظمة الأخرى التي قد تظهر نتيجة لظروف اقتصادية أو عالمية قد تحد من استخدام النظام العالمي للتحويل.
من جانبها قالت حصة عبدالله السادة المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بمصرف البحرين المركزي، إن هناك خمس دول خليجية وقعت على الاتفاقية وجميع الدول في طور خطوات المصادقة على الاتفاقية، وهناك دولة واحدة صادقت وأودعت المصادقة لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون، وهناك دولتين صادقتا على الاتفاق وفي طريقهما إلى إيداع المصادقة خلال الأسابيع القادمة.
وحول آلية صرف العملة المحلية، أشارت السادة إلى أن منصة آفاق كل مصرف مركزي يضع معدلات أسعار صرف العملات لديه يوميا، وبالتالي أسعار الصرف تكون معلنة في صباح أي يوم عمل.
وأوضحت أن جميع أنواع العمليات ممكن أن تتم عبر المنصة، سواء كانت فردية أو عمليات تجارية شراء سلع أو خدمات، صادرات وواردت، لافتة إلى أنه في السابق هذه العمليات كانت تتم عبر نظام سويفت قد تستغرق وقتا، ولكن العملية إذا ما تمت عبر نظام آفاق يمكن أن تتم في نفس اليوم بكلفة أقل.
وحول إلحاق البنوك التجارية بنظام آفاق، كشفت السادة عن أن مصرف البحرين المركزي تمكن بنجاح من الحاق جميع البنوك التجارية العاملة في المملكة إلى النظام، والمملكة هي أول دولة من دول المجلس التي ألحقت مصارفها، كما أن البحرين والسعودية هما أول دولتين تعاملتا مع النظام في ديسمبر 2020، ثم التحقت دولة الكويت في 2022، وبقية الدول تسير خطوات الالتحاق بالنظام.
وأكدت المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بالمصرف المركزي أنه لا يوجد حد للتعاملات في الوقت الراهن لأنها تركز على العمليات التجارية، ولكن البنوك المشاركة في النظام خاضعة للقوانين والأنظمة المتعلقة بالأمان وغسل الأموال.
وبشأن العملة الرقمية أوضحت السادة أن من ضمن خطة التعافي لمصرف البحرين المركزي طرح الدينار الرقمي، وهو مشروع ضمن أولويات المصرف المركزي، وتم العمل عليه منذ 2018، وحاليا يتم دراسة جميع التقنيات الموجودة، وندرس تجارب الدول التي قامت بهذا الطرح، وحاليا ندرس طرح عمليات تجريبية، ونتطلع إلى طرح دينار رقمي في القريب العاجل.
وأكد عبدالرحمن جمشير أهمية الاتفاقيات المالية، بين دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيعزز التعاون في المجال الاقتصادي والمالي بما يعود بالنفع والفائدة على الأوطان والشعوب.
وشدد د. محمد الخزاعي على أهمية نظام المدفوعات لدعم التكامل الاقتصادي الذي تسعي إليه دول مجلس التعاون، بما يضمن الإشراف على عملية التحويلات والمدفوعات بدلا من الاعتماد الشركات الأجنبية التي تقوم بهذه العملية حاليا.
ووصف عبدالله النعيمي عضو المجلس هذه الخطوة بأنها تدعو إلى لفخر لدول مجلس التعاون، مشددا على أهمية دور لجنة البنوك المركزية والتي تتطلب جهدا عمليا في إعداد كوادر المشغلين والشركات المشغلة، ويجب التركيز على الكوادر المحلية والوطنية خاصة في مجال الأمن الالكتروني التي تحتاج إلى أمن وقائي قوي، ويجب التركيز على أبناء دور المجلس وتدريبهم في مجالات برامج الحماية الالكترونية.
بدورها أكدت د. جميلة السلمان أن معظم دول العالم تتجه إلى التحالفات والتكتلات، واتفاقية ربط المدفوعات تصب في هذا الاتجاه، كما أنها سوف تساعد في تسيير التبادل التجاري بين دول الخليج، وتقلل الكثير من الجهد والتكاليف للتبادل، ورفع مستوى التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، بما يعكس مستوى الثقة بين هذه الدول والعلاقات التاريخية القوية الراسخة بينها، وصولا إلى التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة التي نتطلع إليها.
وتطرقت إلى بعض الملاحظات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، مشددة على أهمية وجود وضوح في آلية صرف العملة المحلية والمدفوعات بالعملات الأجنبية، مع وجود حد أقصى للتعاملات للتحكم في أي عمليات غير مشروعة، كما أكدت أهمية البنية التحتية التكنولوجية التي يجب أن تكون مستقرة، مع ضرورة وجود آلية واضحة لفض المنازعات لتفادي المشكلات في المستقبل، مع ضرورة توعية المواطنين بمزايا هذه الاتفاقية.
وقالت دلال الزايد رئيسة لجنة الشؤون التشريعية إن هذه الاتفاقية هي من الأمور التي عمل عليها قادة دول مجلس التعاون لتحقيق المصالح المشتركة لدول المجلس، وخاصة فيما يتعلق بالقطاع المالي والاستثماري وعوائد هذا الأمر على السياسات والنقد الخليجي في هذا الجانب، مشددة على أهمية يتم تبيان أوجه المصروفات والمدفوعات وماهية المعاملات التي سوف تندرج تحت هذه الاتفاقية والتسوية، وكيف يمكن للتجار وغرفة البحرين الاستفادة من هذه الاتفاقية في التبادل التجاري.
وشددت على أهمية الاتفاقية في تجنب أي ضغوطات سياسية أو اقتصادية أو مالية مرتبطة بالاقتراض الدولي.
وأعرب د. علي الحداد عن تطلعه أن يمتد نظام المدفوعات المالية بين دول الخليج العربية ليشمل في المستقبل استخدامات الأفراد على غرار نظام «البنفت» في مملكة البحرين لربط الخارطة الجيوسياسية في مجلس التعاون، حيث إن الجميع يتطلع إلى تدشين العملة الخليجية الموحدة.
وتساءلت لينا قاسم عن كيفية تحفيز البنوك التجارية المحلية والأجنبية العاملة والمرخصة في مجلس التعاون الخليجي من أجل إنشاء منصة كبيرة تسهل خدماتها لجميع العملاء بغض النظر عن الجهة التي يتعاملون معها.
وأكدت د. ابتسام الدلال أن المكاسب الاقتصادية الناتجة عن نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول الخليج لا تقل شأنا عن المكاسب السياسية التي تحققها مملكة البحرين، وهو يستهدف تطوير البنية التحتية للسياسات الاقتصادية المشتركة التي ستنعكس على استقرار الأسعار والتضخم وغيرها من المكاسب، معبرة عن أملها في إيداع وثائق التصديق من كافة دول مجلس التعاون نظرا إلى أهمية هذه الاتفاقية، والتي تعد إحدى البنى التحتية للتكامل الاقتصادي بين دول الخليج، ونتطلع أن نرى العملة الموحدة قريبا.
وأكد الشيخ أحمد آل خليفة أن نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول مجلس التعاون الخليجي سيحقق فوائد إيجابية فيما يتعلق بالتحويلات المالية الناتجة عن المشاريع الاستثمارية المشتركة، التي لها مردود كبير سواء كان بين دولتين أو أكثر، وهو يعزز من القوة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وتساءلت د. فاطمة الكوهجي عن وجودة خطة استراتيجية موحدة لتفادي أي مخاطر مستقبلية محتملة، وكيفية مساندة أي دولة، وفي حال وجود خلاف بين دولتين، هل يؤثر ذلك على تطبيق الاتفاقية.
وأكد عادل المعاودة أن هذه اتفاقية تخص الجميع وتنفعهم، وذات نظرة بعيدة تبين الجهد الذي يقوم به قادة مجلس التعاون، هذه محاولة قوية للخروج من الهيمنة العالمية التي قد تستغل في وقت من الأوقات، بحيث يضمن التعاون بين دول المجلس، ويحول دون تدخل الدول الأخرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك