العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أبو الجعافر تنساوي

لاحظ‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتي‭ ‬باستنكار‭ ‬ظاهر‭ ‬أمرا‭ ‬غريبا‭ ‬في‭ ‬عاداتي‭ ‬وسلوكي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صرت‭ ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬مباريات‭ ‬بطولة‭ ‬التنس‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وأستراليا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬وصرت‭ ‬مثقفا‭ ‬نسبيا‭ ‬أتكلم‭ ‬بمناسبة‭ ‬وبدون‭ ‬مناسبة‭ ‬عن‭ ‬روجر‭ ‬فيدرر‭ ‬ورفائيل‭ ‬نادال‭ ‬وأندي‭ ‬مري‭ ‬ونوفاك‭ ‬والروسيتين‭ ‬ماريا‭ ‬شارابوفا‭ ‬وآنا‭ ‬كورنيكوفا‭ (‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬دخلت‭ ‬مجال‭ ‬التنس‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬البوابة‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬بها‭ ‬هيفاء‭ ‬وهبي‭ ‬على‭ ‬الغناء،‭ ‬أي‭ ‬بوابة‭ ‬عرض‭ ‬المفاتن،‭ ‬ثم‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬الظهور‭ ‬على‭ ‬أغلفة‭ ‬المجلات‭ ‬بالملابس‭ ‬البليغة‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬كوامن‭ ‬الفتنة‭ ‬عائدها‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬عائد‭ ‬لعب‭ ‬التنس‭)‬،‭ ‬ولأنني‭ ‬دقة‭ ‬قديمة‭ ‬فلم‭ ‬أتمكن‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬حفظ‭ ‬واستذكار‭ ‬أسماء‭ ‬نجوم‭ ‬التنس‭ ‬الجدد‭.‬

ولكنني‭ ‬ولأسباب‭ ‬عرقية‭ - ‬عنصرية‭ ‬كنت‭ ‬أتحدث‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬سيرينا‭ ‬وأختها‭ ‬فينوس‭ ‬وليامز،‭ ‬وكأنهما‭ ‬من‭ ‬‮«‬بقية‭ ‬أهلي‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسي‭ ‬لا‭ ‬أحبهما‭ ‬كما‭ ‬سأشرح‭ ‬لاحقا،‭ ‬وعموما‭ ‬فإنني‭ ‬أنفعل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬اللاعب‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مباراة‭ ‬التنس‭ ‬حامية‭ ‬الوطيس‭ (‬والله‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬معني‭ ‬‮«‬الوطيس‮»‬‭ ‬ولكنني‭ ‬سمعت‭ ‬الناس‭ ‬يصفون‭ ‬المعارك‭ ‬الساخنة‭ ‬بتلك‭ ‬الكلمة،‭ ‬وناشدت‭ ‬القراء‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬ان‭ ‬يشرحوا‭ ‬لي‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الكراديس‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬الجسم،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬غوغل‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬معناها‭ ‬ويضع‭ ‬لي‭ ‬خطاً‭ ‬أحمر‭ ‬تحتها‭ ‬كلما‭ ‬كتبتها‭) ‬وإذا‭ ‬قالوا‭ ‬لي‭ ‬إن‭ ‬فلانا‭ ‬يريدني‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬أثناء‭ ‬مباراة‭ ‬تنس‭ ‬دولية‭ ‬أصيح‭ ‬فيهم‭: ‬قولوا‭ ‬له‭ ‬مش‭ ‬فاضي‭.‬

بدأت‭ ‬الحكاية‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬بمفردي‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬ومررت‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬عشرين‭ ‬قناة‭ ‬تلفزيونية،‭ ‬وكانت‭ ‬جميعها‭ ‬تسد‭ ‬النفس‭ ‬فقررت‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬قناة‭ ‬كانت‭ ‬تبث‭ ‬مباريات‭ ‬التنس،‭ ‬وأمسكت‭ ‬بعدد‭ ‬جديد‭ ‬لمجلة‭ ‬تايم‭ ‬الأمريكية،‭ (‬لأنني‭ ‬دقة‭ ‬قديمة‭ ‬فإنني‭ ‬مازلت‭ ‬أجد‭ ‬المتعة‭ ‬فقط‭ ‬بالإمساك‭ ‬بمطبوعات‭ ‬على‭ ‬الورق‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬أنني‭ ‬قلبت‭ ‬المجلة‭ ‬فلم‭ ‬يستوقفني‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬مقال‭ ‬واحد،‭ ‬وكما‭ ‬المضطر‭ ‬الذي‭ ‬يركب‭ ‬الصعب،‭ ‬جلست‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬لاعبي‭ ‬التنس،‭ ‬وانتبهت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لعبة‭ ‬صعبة‭ ‬وبها‭ ‬جماليات‭ ‬ومهارات‭ ‬لافتة‭ ‬للانتباه،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬صرت‭ ‬أجلس‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬التلفزيون‭ ‬لمتابعة‭ ‬مباريات‭ ‬ويمبلدون‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬وأجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬معنياً‭ ‬بأن‭ ‬يفوز‭ ‬زيد‭ ‬أو‭ ‬عبيد‭.. ‬يعني‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬معي‭ ‬إذا‭ ‬فاز‭ ‬سويسري‭ ‬أو‭ ‬سنغالي‭. ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أتمنى‭ ‬الفوز‭ ‬للشقيقتين‭ ‬الأمريكيتين‭ ‬سيرينا‭ ‬وفينوس‭ ‬وليامز،‭ ‬ولم‭ ‬أحزن‭ ‬لهزيمتهما‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مباراة،‭ ‬بل‭ ‬أحسست‭ ‬بالراحة‭ ‬عندما‭ ‬علمت‭ ‬باعتزالهما‭ ‬اللعب‭. ‬عجيب‭! ‬لأنه‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬الجنس‭ ‬على‭ ‬الجنس‭ ‬رحمة،‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬مثلي،‭ ‬ولكن‭ ‬كراهيتي‭ ‬للمغني‭ ‬المائع‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‭ ‬جعلتني‭ ‬أسيء‭ ‬الظن‭ ‬بسود‭ ‬أمريكا،‭ ‬والثنائي‭ ‬وليامز‭ ‬باعتراف‭ ‬أبيهما‭ ‬مبرمجتان‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬كي‭ ‬تفوزا‭.. ‬وبس‭.. ‬يعني‭ ‬هما‭ ‬مثل‭ ‬فريق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الألماني‭ ‬الذي‭ ‬يفوز‭ ‬بمباريات‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬بأسلوب‭ ‬لعب‭ ‬رتيب‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬لمسات‭ ‬فنية‭.. ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فالمهم‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنس‭ ‬الذي‭ ‬دخلته‭ ‬متأخراً‭ ‬هو‭ (‬الفرجة‭) ‬على‭ ‬لعبة‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنها‭ ‬قمة‭ ‬في‭ ‬الامتاع‭ ‬وتتطلب‭ ‬لياقة‭ ‬بدنية‭ ‬ومهارات‭ ‬عالية،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬ساحات‭ ‬التنس‭ ‬لاعب‭ ‬عربي‭ ‬خلال‭ ‬المائة‭ ‬عام‭ ‬المقبلة،‭ ‬مصحوباً‭ ‬بمشجعين‭ ‬يقرعون‭ ‬وينفخون‭ ‬في‭ ‬الأبواق،‭ ‬وعندما‭ ‬يخسرون‭ ‬المباراة‭ ‬يعزون‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬مؤامرة‭ ‬صهيونية‭.‬

زوجتي‭ ‬تفسر‭ ‬تعلقي‭ ‬بالتنس‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الخَرف،‭ ‬ولو‭ ‬قالت‭ (‬الخرف‭ ‬المبكر‭) ‬لما‭ ‬حزَّ‭ ‬في‭ ‬نفسي،‭ ‬ولكنها‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬مرت‭ ‬بي‭ ‬وعيناي‭ ‬معلقتان‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬تقول‭: ‬اختشي‭ ‬على‭ ‬دمك‭ ‬يا‭ ‬راجل‭.. ‬عيب‭ ‬عليك‭ ‬تتفرج‭ ‬على‭ ‬عيال‭ ‬ينططوا‭ ‬بكورة‭ ‬صغيرة‭! ‬وكي‭ ‬أؤكد‭ ‬لها‭ ‬أنني‭ ‬أشاهد‭ ‬التنس‭ ‬بكامل‭ ‬قواي‭ ‬العقلية‭ ‬فإنني‭ ‬فور‭ ‬سماع‭ ‬عباراتها‭ ‬التهكمية‭ ‬تلك‭ ‬أنتقل‭ ‬إلى‭ ‬قناة‭ ‬روتانا‭ ‬أو‭ ‬ميلودي‭ ‬أو‭ ‬إم‭ ‬تي‭ ‬في‭.. ‬وعينك‭ ‬ما‭ ‬تشوف‭ ‬إلا‭ ‬النور‭! ‬تتحول‭ ‬أم‭ ‬الجعافر‭ ‬إلى‭ ‬وحش‭ ‬كاسر‭ ‬وتتوجه‭ ‬إلى‭ ‬لوحة‭ ‬مفاتيح‭ ‬الكهرباء‭ ‬وتسحب‭ ‬كل‭ ‬الفيش‭ ‬والفيوزات‭ ‬حتى‭ ‬يغرق‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬الظلام‭.. ‬عندئذ‭ ‬أقول‭ ‬بكل‭ ‬خبث‭: ‬أهه،‭ ‬التنس‭ ‬والا‭ ‬أبصبص‭ ‬في‭ ‬روبي‭ ‬وأليسا‭ ‬والعجرمية؟‭ ‬هنا‭ ‬ألمح‭ ‬الهزيمة‭ ‬في‭ ‬وجهها‭ ‬فتسمح‭ ‬لي‭ ‬باستئناف‭ ‬متابعة‭ ‬مباريات‭ ‬التنس‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا