يعتبر تحقيق التحديث الصيني النمط مسعى دؤوبا للشعب الصيني منذ العصر الحديث، ومسعى مشتركا لجميع شعوب العالم. واتحد الحزب الشيوعي الصيني مع أبناء الشعب الصيني من كافة القوميات وقادهم ونجح في إيجاد طريق تنموي يتفق مع الظروف الصينية الوطنية بعد وقت طويل من الاستكشاف الشاق، ويمضي حاليا قدما ببناء دولة قوية وتحقيق النهضة للأمة على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط.
فما هو التحديث الصيني النمط؟ باختصار، يتميز التحديث الصيني النمط بخمس خصائص: هو تحديث يغطي حجما سكانيا هائلا وتحديث يتمتع فيه أبناء الشعب كافة برخاء مشترك وتحديث يحقق التوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية وتحديث يتعايش فيه الإنسان والطبيعة بانسجام ووئام. يشكل الإنسان والطبيعة مجموعة حياة مشتركة وتحديثا يسلك طريق التنمية السلمية.
أولا: إن تحديثا يغطي حجما سكانيا هائلا سيضخ حتما ديناميكية أقوى للتعافي الاقتصادي العالمي. وبعد دخول 1,4 مليار ونيف من سكان بلادنا بأسرهم في المجتمع الحديث، يتجاوز حجمه السكاني مجموع تعداد سكان البلدان المتطورة حاليا، فمن البديهي أن مدى المشقة والتعقيد لتحقيق هذا التحديث لم يسبق له مثيل. غير أنه في نفس الوقت، سيخلق هذا التحديث مساحة سوق أوسع وموارد بشرية أوفر وزخم تنمية أقوى. قد أصبحت الصين اليوم شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وتتدفق الاستثمارات الصينية المباشرة بقيمة 320 مليون دولار أمريكي إلى العالم يوميا، وتقوم أكثر من 3000 شركة أجنبية بالتسجيل في الصين شهريا.
على مدى العقد الماضي، تتقدم الصين على مجموعة الدول السبع مجتمعة من حيث نسبة المساهمة في النمو العالمي. مع دخول 1,4 مليار ونيف من سكان الصين بالكامل إلى المجتمع الحديث، ستقدم الصين قوة دافعة أكبر للاقتصاد العالمي حتما.
ثانيا: إن تحديثا يتمتع فيه جميع أبناء الشعب برخاء مشترك سيشق حتما مسارا أوسع للتنمية المشتركة لكافة الدول. تعتبر التنمية التي نسعى إليها تنمية تفيد الشعب وتوفر فرصة لكل شخص للمشاركة في مسيرة التحديث من خلال جهوده والتمتع بنتائج تطور الدولة عبر مساهماته. إن التحديث لا يعني كون الأغنياء أكثر ثراء والفقراء أكثر فقرا، أو خدمة قلة قليلة من الدول والناس. وإن تحقيق الرخاء المشترك لشعوب العالم كلها يتطلب التنمية المشتركة لكافة الدول. تعد مبادرة «الحزام والطريق» ومبادرة التنمية العالمية منفعة عامة وفرتها الصين للمجتمع الدولي، ومنصة مفتوحة تسهم في تحقيق التنمية المشتركة والرخاء المشترك. منذ طرح «الحزام والطريق» قبل 10 سنوات، تم التحديد لتشييد أكثر من 3000 مشروع تعاون، مما حفز الاستثمارات بقيمة قرابة تريليون دولار أمريكي، ووفر 420 ألف فرصة عمل للدول المطلة على «الحزام والطريق». وحظيت مبادرة التنمية العالمية ترحيبا عاما في المجتمع الدولي، ونالت لغاية الآن دعما من أكثر من 100 دولة والعديد من المنظمات الدولية. وتولي الصين اهتماما بالغا لمعالجة قضايا المديونية التي تواجهها الدول النامية، وتنفذ مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الديون على نحو نشط وشامل، وقد أسهمت بـ63% من حصتها لتعليق مدفوعات خدمة الديون.
ثالثا: إن تحديثا يوفق بين الحضارة المادية والحضارة المعنوية سيفتح حتما آفاقا أفضل لتقدم المجتمع البشري. أكد الرئيس شي جينبينغ أن الهدف النهائي للتحديث هو تحقيق التنمية الحرة والشاملة للإنسان. فإن التنمية الشاملة للإنسان لا تعني فقط الوفرة المادية، بل أبعد من ذلك، تعني الثراء المعنوي. لا يعني العالم الحديث عالما تقنيته عالية ومواردها غنية، بل يعني عالما حضارته الاجتماعية متطورة ومؤهلات شعبه الروحية عالية. في هذا السياق، طرح الرئيس شي جينبينغ بشكل مهيب مبادرة الحضارة العالمية، التي تدعو إلى الاهتمام بالتوارث والإبداع الحضاريين، واحترام التنوع الحضاري للعالم، والتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات. فيسعى التحديث الصيني النمط إلى التنسيق بين الحضارة المادية والحضارة المعنوية، ما يفتح مستوى جديدا للتحديث العالمي.
رابعا: إن تحديثا يتعايش فيه الإنسان والطبيعة بانسجام ووئام سيوفر حتما حلا أكثر قابلية للتنفيذ لبناء عالم نظيف وجميل. يعتبر احترام الطبيعة والتماشي معها وحمايتها متطلبات داخلية لبناء دولة حديثة اشتراكية على نحو شامل. تتحمل الصين بوعي مسؤولية حماية البيئة الإيكولوجية ومواجهة تغير المناخ على عاتقها، وتتصدر العالم في المجالات التالية: مساحة الغابات الاصطناعية التي تشكل ربع إجمالي مساحتها في العالم؛ حجم تطوير واستغلال الطاقة المتجددة، حيث تشكل القدرات المركبة للطاقة الريحية والشمسية في الصين ثلث إجمالي القدرات المركبة في العالم؛ حجم إنتاج ومبيعات السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، حيث تسير في الصين نصف السيارات العاملة بالطاقة الجديدة في العالم. قد قطعت الصين تعهدا جديا بشأن بلوغ ذروة الكربون وحياد الكربون أمام العالم، وسيستغرق الانتقال من ذروة الكربون إلى حياد الكربون فيها 30 سنة فقط، وهذا أقل مما تحتاج إليه الولايات المتحدة والدول الأوروبية من الفترة الزمنية بما يتراوح بين بضع عشرة سنة و40 سنة ونيف.
خامسا: إن تحديثا يسلك طريق التنمية السلمية سيأتي حتما بمزيد من العوامل المؤكدة للسلام والاستقرار في العالم. باختلاف من تحقيق بعض دول العالم التحديث عبر نهب وحرب، إن التحديث الصيني النمط يتمسك بطريق التنمية السلمية. لا تهدف الصين من تنميتها إلى الهيمنة ولا توجد عبادة «حتمية الهيمنة لدولة قوية» في قاموس الثقافة الصينية. ظلت الصين الجديدة، بعد تأسيسها، تتخذ المبادئ الخمسة للتعايش السلمي كحجر الأساس المهم لسياستها الخارجية. فى هذا السياق، أكد الرئيس شى جين بينغ مرارا أنه مهما تطورت الصين، لن تسعى إلى الهيمنة أو التوسع. فعند مواجهة العالم المليء بالصراعات والتحديات، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة الأمن العالمي، ما يوضح الاتجاه الصائب لتحقيق الأمن المشترك والأمن العالمي. وظلت الصين تدعو إلى إيجاد حلول سلمية للصراعات الدولية عبر التشاور والحوار وتعمل دائما على دفع تحقيق الأمن والتنمية والازدهار الإقليمي والدولي. إن التحديث الصيني النمط ابتكرته الصين، ويمكن للعالم أن يستفيد من الفرصة التي أتى بها. فعند مواجهة التغيرات غير المسبوقة منذ 100 سنة، ستتمسك الصين بطريق التنمية السلمية وتدفع إلى بناء علاقات دولية جديدة الطراز المتمثلة في الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك، وتكون دوما من يبني سلام العالم ويسهم في التنمية العالمية ويحافظ على النظام الدولي. ستوفر تنمية الصين حتما فرصا جديدة لسلام وتنمية العالم، ويضفي مزيدا من حيوية وقوة لمواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين الصين والبحرين وتعزيز التعاون العملي في شتى المجالات. فيتطلع الجانب الصيني إلى بذل جهود مشتركة مع الجانب البحريني لدفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
السفير الصيني في البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك