صدر المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2019 بشأن الوساطة لتسوية المنازعات ليحدث طفرة في النظام القضائي في مملكة البحرين، بعد أن استحدث نظام الوساطة باعتبارها طريقاً خاصاً بديلاً عن القضاء لتسوية المنازعات بمختلف أنواعها، وليكون أول تشريع خليجي معني بتنظيم الوساطة لتسوية المنازعات.
وقد عرفت المادة الأولى من القانون الوساطة بأنها كل عملية يطلب فيها الأطراف من شخص آخر يسمى الوسيط مساعدتهم في سعيهم للتوصل إلى تسوية في نزاع قائم بينهم عن علاقة قانونية عقدية أو غير عقدية، دون أن تكون للوسيط صلاحية فرض حل للنزاع.
وحددت المادة الثانية نطاق تطبيق القانون على الوساطة المحلية، وكذلك على الوساطة الدولية لتسوية المنازعات المدنية والتجارية، واتفاقات التسوية الأجنبية المنبثقة عن تلك الوساطة، بمعنى أن المشرع البحريني لم يقصر نطاق التطبيق على الوساطة المحلية فقط، بل توسع في ذلك ليشمل كذلك الوساطة الدولية واتفاقيات التسوية الأجنبية.
إلا أن المشرع البحريني استثنى من نطاق تطبيق هذا القانون المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، من دون أن يحدد نوعية للمسائل التي تجوز فيها الوساطة، وهو ما يعني أن القانون سن نظام الوساطة لتسوية كافة أنواع المنازعات دون تحديد، بما فيها المنازعات المدنية والتجارية والجنائية والشرعية، وهو ما أكدت عليه المادة 18 من القانون، حينما قررت صراحةً تفويض الوزير المعني بإصدار القرارات اللازمة لتنظيم الوساطة في المسائل الشرعية والجنائية.
تشريع الوساطة البحريني تميز على عدد من التشريعات المقارنة المعنية بتنظيم الوساطة لتسوية المنازعات في مختلف الدول، بعد أن قرر صلاحيات أوسع للوسيط تمكنه من القيام بمهام عمله بأريحيه وتمكنه من مساعدة أطراف النزاع على الوصول إلى اتفاق تسوية مرضي لهما، ومن تلك الصلاحيات إمكانية تحديد القواعد التي تجري بها الوساطة في حال عدم اتفاق الأطراف طبقاً لما ورد في نص المادة 9 من اللائحة التنفيذية لقانون الوساطة البحريني، بالإضافة إلى إمكانية اقتراح الحلول المناسبة على الأطراف لتسوية النزاع دون إمكانية فرض هذه الحلول طبقاً لما ورد في المادة 10 من ذات اللائحة، فضلاً عن إمكانية الكشف لأطراف الوساطة عن ما تقدم به أحد أطرافها ما لم يشترط الأخير سريتها طبقاً لما ورد في المادة 6 من قانون الوساطة.
كما أن قانون الوساطة البحريني راعى خصوصية المنازعات الجنائية والأسرية، ولم يرتب على السير في إجراءات الوساطة أثناء نظر الدعوى فيها، وقف لإجراءاتها بحسب ما ورد في نص المادة 8 من القانون، وقصر تطبيقها على الوساطة في المنازعات المدنية والتجارية، واستثنى المسائل الجنائية والشرعية من نطاق تطبيق هذه المادة بحسب ما ورد في المادة 18 من القانون، وأفرد لها تنظيم خاص في القرارات الصادرة والمعنية بتنظيم الوساطة في المسائل الجنائية والشرعية، ونص صراحةً على عدم وقف إجراءات الدعوى ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك وفقاً لمقتضيات المحاكمة ومصلحة الأطراف، بحسب ما ورد في نص المادة 14 من قرار تنظيم الوساطة في المسائل الجنائية، ونص المادة 16 من قرار تنظيم الوساطة في المسائل الشرعية.
كما أحسن المشرع البحريني حينما رغب الأطراف على اللجوء إلى الوساطة، حتى وإن كان النزاع منظور أمام المحاكم، فقد نص في المادة 15 من القانون، على الإعفاء من الرسم القضائي إذا تمت التسوية أثناء نظر الدعوى، وقدد حددت المادة 15 من اللائحة حالات الإعفاء، وقررت الإعفاء بنسبة 100% من الرسم القضائي إذا تمت التسوية خلال شهر واحد من قيد الدعوى، وبنسبة 50% إذا تمت التسوية خلال أربع شهور، بما يحفز الأطراف على اللجوء إلى الوساطة ويمكنهم من استرجاع الرسوم القضائية في حال إتمام التسوية.
المدير التنفيذي للمركز الدولي الخليجي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك