العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

السودان.. «كل حزب بما لديهم فرحون»..!!

أليس‭ ‬غريبا‭ ‬ومثيرا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مبادرات‭ ‬المصالحة‭ ‬وعودة‭ ‬العلاقات،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الخلافات‭ ‬والصراعات،‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬يفاجئ‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬بالاشتباكات‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬والجيش‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬السودان‭ ‬الشقيقة‭..‬؟؟

هل‭ ‬محكوم‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬دولا‭ ‬وشعوبا،‭ ‬ألا‭ ‬تستقر‭ ‬ولا‭ ‬تهدأ؟‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬للمنطقة‭ ‬أن‭ ‬تسكن‭ ‬وتعمل‭ ‬وتتجه‭ ‬نحو‭ ‬الإنجاز‭ ‬والتنمية؟‭ ‬هل‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬وأحزاب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬امتهنت‭ ‬خلق‭ ‬الأزمات‭ ‬وافتعال‭ ‬المشكلات‭ ‬كي‭ ‬تعيش‭ ‬عليها‭ ‬وتقتات؟

ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬اليوم،‭ ‬ليس‭ ‬وليد‭ ‬لحظة،‭ ‬لكنه‭ ‬نتيجة‭ ‬لمقدمات‭ ‬كانت‭ ‬واضحة‭ ‬وصريحة،‭ ‬جراء‭ ‬أوضاع‭ ‬غير‭ ‬سليمة،‭ ‬ولا‭ ‬تتسق‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬لديها‭ ‬قانون‭ ‬ونظام‭ ‬ومؤسسات‭ ‬عسكرية‭ ‬وأمنية،‭ ‬رسمية‭ ‬ونظامية،‭ ‬واحدة‭ ‬وموحدة‭.‬

في‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬كتب‭ ‬الخبير‭ ‬السوداني‭ ‬محمد‭ ‬المبارك‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬السودان،‭ ‬وتنبأ‭ ‬بالأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬هنالك‭ ‬نظرة‭ ‬تشاؤمية‭ ‬للمستقبل،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بعض‭ ‬الحركات‭ ‬العسكرية‭ ‬والكيانات‭ ‬الحزبية،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬توطيد‭ ‬وتمكين‭ ‬نفسها،‭ ‬تبعا‭ ‬لمصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬النفوذ‭ ‬والتسلط،‭ ‬بأي‭ ‬سبيل‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح،‭ ‬بينما‭ ‬تضيع‭ ‬الأكثرية‭ ‬الكاثرة‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬وتلك‭!‬

يخشى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬تبوء‭ ‬محاولات‭ ‬التضامن‭ ‬ولمّ‭ ‬الشمل‭ ‬السوداني‭ ‬بفشل‭ ‬ذريع‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬مرة،‭ ‬لكثرة‭ ‬طلاب‭ ‬السياسة‭ ‬والمنشغلين‭ ‬بها،‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬المرض‭ ‬أو‭ ‬الهاجس‭ ‬عند‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يصرفهم‭ ‬عن‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬المضني‭ ‬النشط،‭ ‬والإنتاج‭ ‬النوعي‭ ‬المثمر،‭ ‬والتنمية‭ ‬الإبداعية‭ ‬الوثَّابة،‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬النامية‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬غلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬وتفاقم‭ ‬التدهور‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬يتوق‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬بالطبع‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الطامة‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬بأي‭ ‬طريق،‭ ‬ويأملون‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬التنازلات‭ ‬والمُداراة،‭ ‬والحكمة‭ ‬والصبر،‭ ‬وإلا‭ ‬سيخسر‭ ‬الجميع‭ ‬لا‭ ‬محالة‭..!‬

هنالك‭ ‬استياء‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬السوداني،‭ ‬من‭ ‬تجمد‭ ‬وتعنت‭ ‬ولجاجة‭ ‬بعض‭ ‬‮«‬القادة‭ ‬والزعماء‮»‬،‭ ‬وعدم‭ ‬نيتهم‭ ‬الخالصة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬وسطى‭ ‬ترضي‭ ‬الجميع‭ ‬توافقا‭ ‬ومواءمة،‭ ‬ولو‭ ‬إلى‭ ‬حين،‭ ‬حتى‭ ‬تُجرى‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وتفوِّض‭ ‬غالبية‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬يحكم‭.‬

الشدة‭ ‬والحدة،‭ ‬والتحدي‭ ‬والتعدي،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬بخير‭.. ‬والسودان‭ ‬بعديد‭ ‬انتماءاته‭ ‬وتحدياته،‭ ‬والأكثرية‭ ‬الحائرة‭ ‬فيما‭ ‬يجري،‭ ‬فإن‭ ‬غاية‭ ‬المبتغى‭ ‬نرجو‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬يثوب‭ ‬الكل‭ ‬إلى‭ ‬رشده،‭ ‬ويقدم‭ ‬تنازلات‭ ‬عاجلة‭ ‬وفاصلة،‭ ‬حتى‭ ‬يواصل‭ ‬الناس‭ ‬المسير‭ ‬إلى‭ ‬العبور‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬الأبية‭ ‬بأهلها،‭ ‬والغنية‭ ‬بمواردها،‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬بال‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬وفقا‭ ‬لحاجاته‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬كقدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وُظفت‭ ‬طاقاتها‭ ‬وإمكاناتها‭ ‬الهائلة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أمثل‭ ‬وأمين‭ ‬للمصلحة‭ ‬العامة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬وخارجها‭.‬

السودان‭ ‬ومنذ‭ ‬‮«‬الاستقلال‮»‬‭ ‬تعاقبت‭ ‬عليه‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ (‬52‭ ‬سنة‭ ‬حكما‭ ‬عسكريا،‭ ‬مقابل‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬حكما‭ ‬مدنيا‭)‬،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬موفقة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬توجهاتها؛‭ ‬استعدادا‭ ‬وإدارة‭ ‬وإنجازا،‭ ‬جراء‭ ‬أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬والصراعات‭ ‬الحزبية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬والمكايدات‭ ‬الفئوية،‭ ‬والنعرات‭ ‬القبلية‭ ‬والطائفية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انقسامات‭ ‬مريرة،‭ ‬معلنة‭ ‬وغير‭ ‬معلنة،‭ ‬وإعجاب‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬رأي‭ ‬برأيه،‭ ‬‮«‬كُلُّ‭ ‬حِزْبٍ‭ ‬بِمَا‭ ‬لَديْهِمْ‭ ‬فَرِحُونَ‮»‬‭.. ‬وهذا‭ ‬بالتمام‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬مشكلة‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمستقبل‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا