العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

شباب البحرين قادر على التميز

بقلم: مريم الصائغ

الأربعاء ١٢ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

تطالعنا‭ ‬الصحف‭ ‬اليومية‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬بأنه‭ ‬تم‭ ‬توظيف‭ ‬آلاف‭ ‬الشباب‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬حقيقة‭ ‬فإننا‭ ‬أمام‭ ‬تساؤلين؛‭ ‬الأول‭: ‬ما‭ ‬هو‭ ‬العدد‭ ‬الحقيقي‭ ‬للعاطلين؟‭ ‬والآخر‭: ‬إذا‭ ‬آمنا‭ ‬جدلاً‭ ‬بصحة‭ ‬توظيف‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد،‭ ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الآلاف‭ ‬يشتكون‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬العمل؟

من‭ ‬موقعي‭ -‬كممثل‭ ‬للشعب‭- ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمضي‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬دون‭ ‬تسلم‭ ‬عشرات‭ ‬السير‭ ‬الذاتية‭ ‬لعاطلين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل،‭ ‬ألا‭ ‬يتنافى‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات؟‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬المناقشات‭ ‬والتصريحات‭ ‬الأخرى‭ ‬لغالبية‭ ‬السادة‭ ‬النواب‭ ‬حول‭ ‬الأرقام‭ ‬الحقيقية‭ ‬للبطالة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬على‭ ‬العاطلين،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬تخصصاتهم،‭ ‬فنجد‭ ‬خريج‭ ‬التربية‭ ‬الرياضية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يعمل‭ ‬بشهادة‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬ليأسه‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬معلم؛‭ ‬كون‭ ‬الوزارة‭ ‬مكتفية‭ ‬بعدد‭ ‬المعلمين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬توظيفهم‭. ‬ففي‭ ‬الثاني‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬اجتمعت‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬عاطلي‭ ‬هذا‭ ‬التخصص؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬سبل‭ ‬حلحلة‭ ‬أوضاعهم،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬خريجو‭ ‬التربية‭ ‬الرياضية‭ ‬الثلاثمائة‭ ‬عاطل‭!! ‬فوجهت‭ ‬إليهم‭ ‬سؤالاً‭ ‬عن‭ ‬أكبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬سناً،‭ ‬فإذا‭ ‬بي‭ ‬أُصدم‭ ‬بالإجابة‭ ‬بأن‭ ‬أكبرهم‭ ‬تجاوز‭ ‬الأربعين‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬فرصته‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬أشرت‭ ‬أعلاه‭ ‬إلى‭ ‬مشكلة‭ ‬عاطلي‭ ‬التربية‭ ‬الرياضية،‭ ‬فما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬خريجي‭ ‬التخصصات‭ ‬الأخرى؟‭ ‬كالطب‭ ‬بمختلف‭ ‬تخصصاته،‭ ‬والهندسة،‭ ‬والطيران،‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬والقانون،‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬وإدارة‭ ‬الأعمال،‭ ‬والآداب،‭ ‬والإعلام،‭ ‬والتخصصات‭ ‬التربوية،‭ ‬وغيرها‭ ‬مما‭ ‬يطول‭ ‬سرده،‭ ‬فحل‭ ‬مشكلة‭ ‬العاطلين‭ ‬يتطلب‭ ‬تكاتف‭ ‬وتعاون‭ ‬السلطتين‭ ‬تعاوناً‭ ‬حقيقاً‭ ‬وبإرادة‭ ‬صادقة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬آفة‭ ‬البطالة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تنخر‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الوطن‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬خريجي‭ ‬الطب‭ ‬تحديداً؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬أهاليهم‭ ‬يستدينون‭ ‬ويبذلون‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬لتعليم‭ ‬أبنائهم،‭ ‬وبعد‭ ‬تخرجهم‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬أبسط‭ ‬متطلبات‭ ‬التخرج،‭ ‬وأعني‭ ‬هنا‭ ‬سنة‭ ‬الامتياز،‭ ‬وهذه‭ ‬الفترة‭ ‬التدريبية‭ ‬إجبارية‭ ‬لخريجي‭ ‬الطب،‭ ‬فلا‭ ‬يحصل‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬التخرج‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬إتمامه‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬التدريب‭ ‬السريري‭ ‬الفعلي‭ ‬بعد‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مواد‭ ‬الخطة‭ ‬الدراسية،‭ ‬فقد‭ ‬صادفت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬مجالاً‭ ‬للتدريب‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬المملكة؛‭ ‬إلا‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬مستشفيات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية؛‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬الحمل‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬أهاليهم‭ ‬بتكبدهم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التكاليف‭ ‬الباهظة،‭ ‬فقد‭ ‬أخبرني‭ ‬بعضهم‭ ‬أن‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬يكلف‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬300‭ ‬و400‭ ‬دينار‭ ‬شهرياً؛‭ ‬فماذا‭ ‬بوسع‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬فعله‭ ‬طالما‭ ‬أنه‭ ‬متطلب‭ ‬إجباري‭ ‬سوى‭ ‬الرضوخ؟‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬التخرج‭ ‬دون‭ ‬اجتياز‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭. ‬ولولا‭ ‬التوجيه‭ ‬الكريم‭ ‬لسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬لزيادة‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الأطباء‭ ‬البحرينيين‭ ‬ودعم‭ ‬مستواهم‭ ‬المهني‭ ‬لما‭ ‬تم‭ ‬تحريك‭ ‬ساكن‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬توظيف‭ ‬الأطباء‭. ‬فهل‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬سموه‭ ‬لحلحلة‭ ‬مشكلة‭ ‬عاطلي‭ ‬جميع‭ ‬التخصصات؟‭!! ‬

فمن‭ ‬منطلق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬يجب‭ ‬ذكر‭ ‬ما‭ ‬كفله‭ ‬دستور‭ ‬المملكة؛‭ ‬إذ‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ ‬13‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ (‬أ‭): ‬‮«‬العمل‭ ‬واجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن،‭ ‬تقتضيه‭ ‬الكرامة‭ ‬ويستوجبه‭ ‬الخير‭ ‬العام،‭ ‬ولكل‭ ‬مواطن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬اختيار‭ ‬نوعه‭ ‬وفقا‭ ‬للنظام‭ ‬العام‭ ‬والآداب‮»‬‭. ‬والفقرة‭ (‬ب‭): ‬‮«‬تكفل‭ ‬الدولة‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬وعدالة‭ ‬شروطه‮»‬‭. ‬فحدد‭ ‬الدستور‭ ‬مسؤولية‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أولا‭. ‬ويقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬تشريع‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬بحرنة‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات،‭ ‬فبحسب‭ ‬إحصائية‭ ‬السكان‭ ‬لعام‭ ‬2021م‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬تحتضن‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ ‬53%‭ ‬من‭ ‬تعداد‭ ‬السكان؛‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يتجاوز‭ ‬780‭ ‬ألف‭ ‬أجنبي‭ ‬جميعهم‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الوظائف،‭ ‬ونعجز‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬وظائف‭ ‬لبني‭ ‬جلدتنا،‭ ‬فديننا‭ ‬الإسلامي‭ ‬الحنيف‭ ‬أوصانا‭ ‬بأن‭ ‬الأقربين‭ ‬أولى‭ ‬بالمعروف،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬ملموس،‭ ‬أسوة‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬التي‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬توطين‭ ‬أغلب‭ ‬الوظائف؛‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لبلوغ‭ ‬ذلك‭ ‬وجود‭ ‬النص‭ ‬الدستوري،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬جعله‭ ‬واقعاً‭ ‬ملموساً‭ ‬بجعل‭ ‬المواطن‭ ‬أولا‭.‬

ومن‭ ‬باب‭ ‬المسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬فإنني‭ ‬أمد‭ ‬يد‭ ‬التعاون‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إحلال‭ ‬البحريني‭ ‬لتبوء‭ ‬الوظائف‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬بدأته‭ ‬فعلاً،‭ ‬عندما‭ ‬تقدمت‭ ‬باقتراح‭ ‬برغبة‭ ‬بصفة‭ ‬الاستعجال‭ ‬بقيام‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬بوضع‭ ‬برنامج‭ ‬لتطوير‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬لصقل‭ ‬مهاراتها‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬مهنياً‭ ‬وزيادة‭ ‬تنافسيتها‭ ‬وازدهارها‭ ‬بالسوق‭ ‬المحلي‭ ‬بما‭ ‬يدعم‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬تنفيذية،‭ ‬والذي‭ ‬نال‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬وتمت‭ ‬إحالته‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة؛‭ ‬لإيمان‭ ‬الجميع‭ ‬بأن‭ ‬شباب‭ ‬البحرين‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تولي‭ ‬زمام‭ ‬الإدارة‭ ‬والتميز‭ ‬أينما‭ ‬حل‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا