تحتاج النفس إلى أوقات تختلي فيها بنفسها وتتقرب بها إلى الله ربها بعيدة كل البعد عن صخب الدنيا وهمومها، ولا أفضل من بيوت الله تعالى للعيش بهذه السكينة، والانقطاع مع الخالق سبحانه وتعالى لذكره ومراجعة النفس؛ ولذا كان من العبادات المشروعة التي تحقق هذا المقصد عبادة الاعتكاف بأن يلزم الإنسان المسجد للعبادة، فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم من حرصه على هذه العبادة كان يعتكف في أول الأمر العشر الأوسط من رمضان، فلمَّا أُعلم أنَّ ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان واصل اعتكافه إلى نهاية الشهر، وما ذاك إلا لتحري ليلة القدر، ولعظيم أثر الاعتكاف على نفسه وقربه من الله تعالى.
ومن تيسَّرَ له الوقت فليحرص على إحياء هذه السنة، فإذا أراد اعتكاف العشر الأواخر فإنَّه يدخل المسجد قبل غروب شمس يوم العشرين من رمضان، ولا يخرج إلا مع رؤية هلال شوال، ومن تعذر عليه فيجوز الاقتصار على بعض الإيام، أو يعتكف ليلاً بأن يدخل قبل الغروب وينصرف مع الفجر، ورخص بعض أهل العلم حتى ولو جزء من الليل بأن ينوي اللبث والمكث في بيوت الله تعالى لطاعته وعبادته.
ومن وفقه الله تعالى لهذه العبادة فعليه أن يستغل أوقاته بما يقربه الله تعالى من المحافظة على الفرائض في الجماعة، وعلى السنن الرواتب، وقيام الليل مع الإمام حتى ينصرف، والاستكثار من قراءة القرآن الكريم وذكر الله تعالى، ولا يجعل من مكثه في المسجد للقيل والقال، أو تتبع مواقع الاتصال، فإن هذا مخالف لمقصد الاعتكاف.
إدارة الأوقاف السنية
قسم البحوث وشؤون المساجد
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك