لقد حذرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً من الانتشار السريع لمرض وخيم في بعض الدول الإفريقية (تنزانيا وغينيا الاستوائية) يسمى حمى ماربورغ النزفية أو MVD ويتسبب في مضاعفات صحية جسيمة، علماً بأن المرض يرجع إلى نوع معين من الفيروس ينتشر بين الناس، فهذا المرض يشبه إلى حد ما مرض الايبولا، فكلاهما لهما القدرة على الانتشار السريع، كما تتشابه فيهما العوارض السريرية إضافة إلى اشتراكهما في حدوث معدلات عالية من الوفيات.
يرجع مسمى المرض إلى بلدة ماربورغ الألمانية التي انتشر فيها الوباء منذ أكثر من 55 عاما (سنة 1967)، حيث كانت القرود الإفريقية الخضراء المستوردة من أوغندا مصدراً للعدوى خلال تفشي فيروس ماربورغ الأول.
إلا أن أحد أصناف الخفافيش يعتبر الحاضن الرئيسي للفيروس الحالي، ومنه ينتقل إلى الإنسان من خلال الدم الحامل للفيروس أو إفرازات الجسم الملوثة عن طريق الجروح أو الأغشية المخاطية من المصاب إلى الإنسان السليم، كما قد تحدث الإصابة في بعض الأحيان من خلال الأسطح والملابس الملوثة بهذه السوائل المحملة بالفيروس وكذلك عن طريق الاتصال الجنسي.
إلا أن احتمالات الإصابة بالعدوى قد تكون أكبر لدى بعض الفئات من المجتمع كمثل الأطباء البيطريين والعاملين في مجال الرعاية الصحية (خلال عنايتهم بمرضى فيروس ماربورغ وعدم التزامهم بإجراءات الوقاية الصارمة)، وكذلك بين العاملين في المقابر عند ملامستهم لجثث موتى المرض والعاملين في المختبرات البحثية على القرود والخفافيش، وتتراوح فترة الحضانة بين 2 و21 يومًا (وهي الفترة الزمنية الفاصلة بين الإصابة بالمرض إلى وقت ظهور الأعراض، حيث يظل الشخص معديا طالما كان الفيروس في دمه).
العوارض:
يشكو المصاب من الحمى الشديدة (أي ارتفاعا كبيرا في درجة حرارة الجسم) وهذيان وحرقة في البلعوم وآلام في الرأس وجميع أنحاء الجسم وخصوصاً آلاما مبرحة في العضلات وآلاما في البطن تصاحبها تقلصات في الأمعاء، كما يصاب المريض بالغثيان والقيء والإسهال الحاد الذي يؤدي إلى نقص كبير في سوائل الجسم فيبدو المريض شاحبا خاملا، وتظهر البثور على الجلد في الصدر والظهر، كما قد يصاب الذكور من المرضى بالتهاب في إحدى أو كلتا الخصيتين، إلا أن العرض الأكثر خطورة المهدد لحياة المريض هو الإصابة بنزيف حاد (بين اليوم الخامس والسابع من التعرض للمرض) من مناطق عديدة في الجسم، فقد يكون من الأنف أو اللثة أو من الجهاز الهضمي، حيث يتقيأ دماً أو ينزف مع الإسهال في البراز، كما أن المرأة قد تصاب بالنزف من المهبل.
وقد يتعرض الجهاز العصبي للاختلال مما قد يؤدى إلى عدم استقرار نفسية المصاب وشعوره بالتهيج والعدوانية، ومن مضاعفاته التهاب الكبد والإصابة بأبوصفار والتهاب البنكرياس وخلل في معظم الأعضاء الحيوية ونقص كبير في وزن الجسم.
وعندما تكون المضاعفات شديدة يتوفى المصاب خلال الأسبوع الثاني من المرض وتتراوح نسبة الوفيات بين 24% و88% من الحالات المصابة.
العلاج:
لا يوجد حتى الآن علاج فعال، كما لا توجد أية لقاحات لهذا المرض، ولكن الدراسات والأبحاث مستمرة في هذا المجال. إلا أن الوقاية واتباع الإرشادات الصحية ومراقبة المرضى المصابين مدة 21 يومًا وعدم السفر إلى البلدان الموبوءة والابتعاد عن مناطق الخفافيش تعتبر السبل المثلى للحماية من الاصابة بالمرض. أما بالنسبة إلى المصابين فيتم عزلهم وتقديم الرعاية الصحية لهم لمنع وعلاج المضاعفات المرضية، وكما هو الحال في كورونا، يتم دفن الموتى بطريقة خاصة لمنع انتشار المرض.
كلية طب أمبريل - لندن - رئيس مركز الرعاية الصحية المنزلية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك