العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

احذروا غضب الحليمات

كتبت‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬سيدة‭ ‬مصرية‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬ميت‭ ‬عقبة‭ ‬بالعجوزة‭ ‬بمحافظة‭ ‬الجيزة‭ ‬اسمها‭ ‬هويدا،‭ ‬ترملت‭ ‬وهي‭ ‬شابة،‭ ‬ونصحت‭ ‬القراء‭ ‬بالابتعاد‭ ‬عنها،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تواجه‭ ‬تهمة‭ ‬قتل‭ ‬زوجها،‭ ‬وملخص‭ ‬قضيتها‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬متزوجة‭ ‬برجل‭ ‬وصفته‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬جِلدة‭/ ‬قيحة‮»‬‭ ‬يعني‭ ‬بخيل‭: ‬البيت‭ ‬ما‭ ‬فيهوش‭ ‬لحمة‭. ‬وما‭ ‬تنساش‭ ‬تجيب‭ ‬معاك‭ ‬رغيف‭ ‬مرحرح‭..  ‬يا‭ ‬ولية‭ ‬انتي‭ ‬متعرفيش‭ ‬إن‭ ‬اللحمة‭ ‬فيها‭ ‬كوليسترول‭ ‬وبتسبب‭ ‬النقرس‭.. ‬وبعدين‭ ‬فين‭ ‬الرغيف‭ ‬اللي‭ ‬اشتريناه‭ ‬يوم‭ ‬الأسبوع‭ ‬اللي‭ ‬قبل‭ ‬اللي‭ ‬فات؟‭  ‬وتكرر‭ ‬المشهد‭ ‬والسيناريو‭ ‬حسب‭ ‬رواية‭ ‬هويدا،‭ ‬عندما‭ ‬سألها‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬وجبة‭ ‬الغداء‭ ‬فقالت‭ ‬له‭: ‬منين‭ ‬يا‭ ‬حسرة‭ ‬وإحنا‭ ‬لينا‭ ‬أسبوع‭ ‬ما‭ ‬اشتريناش‭ ‬لا‭ ‬عيش‭ ‬ولا‭ ‬لحمة،‭ ‬فانفعل‭ ‬البعل‭ ‬واتهمها‭ ‬بالتبذير،‭ ‬ففقدت‭ ‬هويدا‭ ‬أعصابها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فاض‭ ‬بها‭ ‬الكيل‭ ‬وهجمت‭ ‬على‭ ‬الزوج‭ ‬وغرزت‭ ‬أسنانها‭ ‬في‭ ‬صدره،‭ ‬فصارت‭ ‬أرملة‭. ‬يعني‭ ‬زوجها‭ ‬مات‭ ‬فورا‭.‬

ولكن‭ ‬العض‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬هويدا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بطريقة‭ ‬آكلة‭ ‬لحوم‭ ‬البشر،‭ ‬بل‭ ‬اكتفت‭ ‬أن‭ ‬غرست‭ ‬أسنانها‭ ‬في‭ ‬صدره‭ ‬لبضع‭ ‬ثوان‭ ‬ثم‭ ‬تركته‭.  ‬يعني‭ ‬لم‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬نزفاً‭ ‬في‭ ‬الصدر‭ ‬ولم‭ ‬تنهش‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬صدره‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬عضة‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يترك‭ ‬آثاراً‭ ‬بسيطة‭.  ‬نعم‭ ‬كانت‭ ‬عضة‭ ‬شخص‭ (‬مقهور‭) ‬وغاضب‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عضة‭ ‬‮«‬وحشية‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الرجل‭ ‬سقط‭ ‬جثة‭ ‬هامدة‭ ‬ونقلوه‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬وقال‭ ‬الطبيب‭ ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬المباشر‭ ‬للوفاة‭ ‬السكتة‭ ‬القلبية،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬العضة‭ ‬سببت‭ ‬تلك‭ ‬السكتة،‭ ‬ليس‭ ‬لشراستها،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬البعل‭ ‬الراحل‭ ‬لم‭ ‬يصدق‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬‮«‬النعجة‮»‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التمرد‭ ‬المسلح‭ ‬ولو‭ ‬بالأسنان‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحتج‭ ‬حتى‭ ‬باللسان‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مقبولة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬البيوت‭.‬

تابعت‭ ‬قضية‭ ‬هويدا‭ ‬ويسعدني‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنها‭ ‬انتهت‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬وتم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحها‭ ‬بعد‭ ‬اعتبار‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬قضتها‭ ‬رهن‭ ‬الاعتقال‭ ‬للاستجواب‭ ‬عقوبة‭ ‬كافية‭ ‬لانتفاء‭ ‬القصد‭ ‬الجنائي‭ ‬وسبق‭ ‬الإصرار‭ ‬والترصد،‭ ‬ولكن‭ ‬الدرس‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ‬معشر‭ ‬الرجال‭ ‬أن‭ ‬نتعلمه‭ ‬من‭ ‬حكاية‭ ‬هويدا‭ ‬هذه‭ ‬هو‭: ‬الفلوس‭ ‬رايحة‭ ‬رايحة‭.. ‬أشتري‭ ‬راحة‭ ‬بالك‭ ‬وسلامتك‭ ‬بفلوسك،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬الكائن‭ ‬الوديع‭ ‬الجالس‭ ‬أمامك‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يرتجف‭ ‬أحياناً‭ ‬إذا‭ ‬رمقته‭ ‬بنظرة‭ ‬حادة‭ ‬قد‭ ‬يملك‭ ‬مخالب‭ ‬وأسناناً‭ ‬تسبب‭ ‬الفشل‭ ‬الكلوي‭ ‬أو‭ ‬انسداد‭ ‬الشرايين‭. ‬والمرأة‭ ‬صبورة‭ ‬وطويلة‭ ‬البال،‭ ‬ولكن‭ ‬حكماءنا‭ ‬نصحونا‭ ‬بتجنب‭ ‬غضب‭ ‬الحليم،‭ ‬وأنا‭ ‬أنصحك‭ ‬بتجنب‭ ‬غضب‭ ‬‮«‬حليمة‮»‬،‭ ‬وكلنا‭ ‬سمعنا‭ ‬بزوجات‭ ‬قمن‭ ‬بتقطيع‭ ‬أزواجهن‭ ‬ترنشات‭ ‬بالساطور‭ ‬ووضعهن‭ ‬في‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة،‭ ‬وأفادت‭ ‬دراسات‭ ‬اجتماعية‭ ‬بأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬يتعرضون‭ ‬للضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬زوجاتهم‭.‬

وبالمناسبة‭ ‬فإنني‭ ‬لا‭ ‬أتهم‭ ‬أولئك‭ ‬الزوجات‭ ‬بالشراسة،‭ ‬فمن‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الملل‭ ‬والنحل‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬أكثر‭ ‬رقة‭ ‬وحناناً‭ ‬ورحمة،‭ ‬وأقل‭ ‬ميلاً‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭.. ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الأحوال‭ ‬فإن‭ ‬الزوجة‭ ‬لا‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الزوج‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالتين‭: ‬يفيض‭ ‬بها‭ ‬الكيل‭ ‬فتفقد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬أعصابها‭ ‬وتوازنها‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬الزوج‭ ‬عيوب‭ ‬كبيرة‭ ‬لم‭ ‬يفلح‭ ‬في‭ ‬معالجتها‭ ‬أو‭ ‬الإقلاع‭ ‬عنها،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬الزوج‭ ‬ضعيف‭ ‬الشخصية‭ (‬وما‭ ‬يجيش‭ ‬إلا‭ ‬بالضرب‭).. ‬وأعرف‭ ‬رجالاً‭ ‬كثيرين‭ ‬يستأهلون‭ ‬الضرب‭ ‬بالجزمة‭ ‬القديمة‭: ‬رجل‭ ‬يكفي‭ ‬دخله‭ ‬الشهري‭ ‬بالكاد‭ ‬لتوفير‭ ‬الخبز‭ ‬وينفق‭ ‬جانباً‭ ‬كبيراً‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬السجائر‭ ‬أو‭ ‬الخمر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬شراء‭ ‬الجرائد‭.. ‬نعم‭ ‬فشراء‭ ‬الصحف‭ ‬والكتب‭ ‬يكون‭ ‬ضرباً‭ ‬من‭ ‬السفه‭ ‬والبذخ‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المشتري‭ ‬قليل‭ ‬الحيلة‭ ‬مالياً،‭ ‬وراتبه‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لشراء‭ ‬ضروريات‭ ‬الحياة‭ ‬لأفراد‭ ‬أسرته‭..  ‬وكذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقصر‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬أناقته‭ ‬ومظهره‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فيزور‭ ‬المطاعم‭ ‬الراقية‭ ‬ويشتري‭ ‬فاخر‭ ‬الثياب‭ ‬وزوجته‭ ‬حبيسة‭ ‬الجدران‭ ‬وتستحي‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬أهلها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يروها‭ ‬في‭ ‬الأسمال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬ملابس‭ ‬زفافها‭.. ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نساء‭ ‬متوحشات،‭ ‬ولكن‭ ‬لجوء‭ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الرجل‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحوال‭ ‬بسبب‭ ‬عيب‭ ‬في‭ ‬الرجل‭... ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬الغم‭ ‬والضرب‭: ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬رجلاً‭ ‬قال‭ ‬لزوجته‭ ‬إنه‭ ‬قتل‭ ‬ثلاث‭ ‬ذبابات‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬وأنثى‭ ‬واحدة‭ ‬وسألته‭ ‬كيف‭ ‬عرف‭ ‬جنس‭ ‬الذباب،‭ ‬فقال‭ ‬إن‭ ‬الذكور‭ ‬كانوا‭ ‬يجتمعون‭ ‬فوق‭ ‬السكر‭ ‬بينما‭ ‬الأنثى‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬المرآة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا