العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

مسلمات مستغربات ومتغرِّبات

من‭ ‬الأدلة‭ ‬القاطعة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الغربيين‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬تراث‭ ‬وتقاليد‭ ‬وعادات‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬أنهم‭ ‬يحكمون‭ ‬عليهم‭ ‬بقشور‭ ‬الأمور،‭ ‬ويعممون‭ ‬السلوك‭ ‬السيئ‭ ‬لفرد‭ ‬مسلم‭ ‬على‭ ‬عموم‭ ‬المسلمين،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬رفض‭ ‬المسلم‭ ‬سلوكيات‭ ‬معينة‭ ‬شائعة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬دليل‭ ‬تخلف،‭ ‬وهكذا‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬أفلح‭ ‬الأمريكان‭ ‬في‭ ‬الإطاحة‭ ‬بحكم‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬حتى‭ ‬سمعنا‭ ‬عن‭ ‬شابة‭ ‬أفغانية‭ ‬تشبه‭ ‬شعبان‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬قررت‭ ‬خوض‭ ‬مسابقة‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬العالم،‭ ‬ثم‭ ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬نسائي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ولحين‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬طبلت‭ ‬صحف‭ ‬بريطانيا‭ ‬للعراقية‭ ‬سارة‭ ‬مندلي،‭ ‬لأنها‭ ‬قررت‭ ‬خوض‭ ‬مسابقة‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬إنجلترا‭ ‬ولكونها‭ ‬أول‭ ‬مسلمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬تخوض‭ ‬تلك‭ ‬المسابقة‭.  ‬وسارة‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬خواجية‭/ ‬غربية‮»‬‭ ‬بالميلاد،‭ ‬بل‭ ‬وصلت‭ ‬بريطانيا‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬بالبعيدة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نالت‭ ‬أسرتها‭ ‬حق‭ ‬اللجوء‭ ‬السياسي‭ ‬هناك،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬درجة‭ ‬جامعية‭ ‬في‭ ‬الكيمياء‭ ‬الحيوية،‭ ‬يعني‭ ‬أمامها‭ ‬مستقبل‭ ‬علمي‭ ‬ومهني‭ ‬زاهر‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يحترم‭ ‬التخصصات‭ ‬العلمية،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تعليمها‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬نقول‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬‮«‬القلم‭ ‬لا‭ ‬يزيل‭ ‬بلم‮»‬‭ ‬والبلم‭ ‬هو‭ ‬البلاهة‭ ‬والغباء‭.‬

خاضت‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬سارة‭ ‬مندلي‭ ‬مسلمات‭ ‬أخريات‭ ‬هن‭ ‬ديلاي‭ ‬طوبوزغلو‭ (‬من‭ ‬أصل‭ ‬تركي‭) ‬وسونيا‭ ‬حسنين‭ ‬وحماسا‭ ‬كوهيستاني‭ ‬وهي‭ ‬أي‭ ‬حماسا،‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬لاجئة‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬هربت‭ ‬من‭ ‬أوزبكستان،‭ ‬وقد‭ ‬فازت‭ ‬باللقب‭ ‬وظهرت‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬بتاج‭ ‬يغطي‭ ‬رأسها‭ ‬بينما‭ ‬بقية‭ ‬جسمها‭ ‬معروض‭ ‬‮«‬للفرجة‮»‬،‭ ‬وكانت‭ ‬مبسوطة‭ ‬ومفرفشة‭ ‬لأن‭ ‬الكاميرات‭ ‬واصلت‭ ‬نهش‭ ‬لحمها‭ ‬وعرضه‭ ‬في‭ ‬الفترينات‭ ‬‮«‬هُبر،‭ ‬هُبَر‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المصريون‭ ‬عن‭ ‬كتل‭ ‬اللحم‭ ‬الكبيرة‭.‬

وصار‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬حماسا‭ ‬كوهيستاني‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬إنجلترا‭ ‬في‭ ‬مسابقات‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬الكون،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬اللحوم‭ ‬البيضاء‭ ‬والسمراء‭ ‬والصفراء‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬وخضعت‭ ‬للتقييم‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬سماسرة‭ ‬لا‭ ‬يختلفون‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬نظرائهم‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الغنم‭ ‬الذي‭ ‬يقومون‭ ‬بتثمين‭ ‬وتسعير‭ ‬البهائم‭ ‬بعد‭ ‬فحصها‭ ‬بعيونهم‭ ‬وأيديهم‭ (‬تساءلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬لماذا‭ ‬يتحسس‭ ‬من‭ ‬يريدون‭ ‬شراء‭ ‬الخرفان‭ ‬ذيولها؟‭ ‬يعني‭ ‬اقتنعت‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬بأنهم‭ ‬يفحصون‭ ‬أسنانها‭ ‬ليعرفوا‭ ‬كم‭ ‬عمرها،‭ ‬فوجود‭ ‬أسنان‭ ‬مفقودة‭ ‬أو‭ ‬مسوسة‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الخروف‭ ‬بلاستيكي‭ ‬اللحم،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الذبذبة‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬ذنب‭ ‬الخروف‭ ‬ليعرف‭ ‬المشتري‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الخروف‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الشباب‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬‮«‬هرمنا»؟‭) ‬المهم‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬واجبي‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لسارة‭ ‬مندلي‭: ‬معليش‭ ‬خسارة‭ ‬اللقب،‭ ‬وكفاية‭ ‬عليك‭ ‬لقب‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬بيرمنجهام‭.. ‬بس‭ ‬لو‭ ‬تريدين‭ ‬تفوزي‭ ‬في‭ ‬مسابقات‭ ‬مقبلة‭ ‬لا‭ ‬تجعلي‭ ‬داود‭ ‬حسين‭ ‬مثلك‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬الرشاقة،‭ ‬وبلاش‭ ‬تأكلي‭ ‬الباجا‭ (‬أكلة‭ ‬عراقية‭ ‬لذيدة‭ ‬من‭ ‬فصيلة‭ ‬الكوارع‭).‬

طوال‭ ‬تصفيات‭ ‬مسابقات‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬إنجلترا‭ ‬تلك‭ ‬وكانت‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬ظلت‭ ‬كلمات‭ ‬مثل‭ ‬مسلمة‭ ‬ومسلم‭ ‬وإسلام‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬عناوين‭ ‬الأخبار‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها،‭ ‬طبعاً‭ ‬ليس‭ ‬بغرض‭ ‬التشهير‭ ‬بالإسلام‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التنويه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسلمات‭ ‬‮«‬مستنيرات‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬‮«‬يا‭ ‬ناس‭ ‬يا‭ ‬عسل‭ ‬تأثير‭ ‬العولمة‭ ‬وصل‮»‬‭. ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬حكاية‭ ‬برنامج‭ ‬بيغ‭ ‬براذر‭ (‬الأخ‭ ‬الأكبر‭) ‬على‭ ‬القناة‭ ‬الرابعة‭ ‬للتلفزيون‭ ‬البريطاني‭ ‬الذي‭ ‬شاركت‭ ‬فيه‭ ‬كينغا‭. ‬وهذا‭ ‬البرامج‭ ‬من‭ ‬الفئة‭ ‬المسماة‭ ‬تلفزيون‭ ‬الواقع‭ (‬رياليتي‭) ‬وخلال‭ ‬البرامج‭ ‬شربت‭ ‬كينغا‭ ‬الخمر‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرات‭ ‬وخلعت‭ ‬ملابسها‭ ‬وصرحت‭ ‬بأن‭ ‬لها‭ ‬ابناً‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬وبأنها‭ ‬شاذة‭ ‬جنسياً‭ ‬وبأنها‭ ‬عملت‭ ‬راقصة‭ ‬في‭ ‬الحانات‭. ‬والد‭ ‬كينغا‭ ‬هذه‭ (‬عربي‭) ‬التقى‭ ‬بأمها‭ ‬في‭ ‬بولندا‭ ‬وتزوجها‭ ‬ثم‭ ‬خرج‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الخواجات‭ ‬رأوا‭ ‬أن‭ ‬كينغا‭ ‬‮«‬فاتت‭ ‬الحد‭ ‬وزودتها‭ ‬حبتين‮»‬‭ ‬فقالت‭ ‬المسكينة‭ ‬إن‭ ‬منتجي‭ ‬البرنامج‭ ‬خدعوها‭ ‬وطلبوا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬فعلت‭.‬

عندما‭ ‬تجد‭ ‬طفلاً‭ ‬فالتا‭ ‬وسيئ‭ ‬الأدب‭ ‬تستنج‭ ‬أن‭ ‬والديه‭ ‬قصرا‭ ‬في‭ ‬حقه،‭ ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬آباء‭ ‬وأمهات‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬ارتضين‭ ‬إخضاع‭ ‬لحومهن‭ ‬للتقييم‭ ‬هن‭/‬هم‭ ‬من‭ ‬يستحقون‭ ‬التذكير‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬امة‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تموت‭ ‬فيها‭ ‬الحرة‭ ‬ولا‭ ‬تأكل‭ ‬بثدييها‭ ‬وأردافها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا