تلقى قسم الطوارئ في مستشفى السلام حالة تبدو بسيطة لطفل في عمر الثماني سنوات يشكو من آلام في الرقبة، وقد شخصت حالته قبل اللجوء إلى مستشفى السلام بأنه يعاني من شد عضلي في الرقبة وتم صرف بعض العقاقير المسكنة للألم والمرخية للعضلات، واستمر على هذا الحال فترة تقارب الأسبوع
إلا أن حالته كانت تزداد سوءاً وبدأت عليه آثار الحمى وآلام شديدة في الرقبة.
مباشرة تم معاينة المريض بواسطة الطبيب الاستشاري للأطفال في مستشفى السلام الدكتور محمد الرفاعي، حيث طلب إجراء موجات فوق الصوتية للرقبة بشكل عاجل.
عند معاينة نتائج الموجات فوق الصوتية، اتضح أن هناك تجمعا صديديا في البلعوم واحتمال وجوده في الرقبة، إذ قام الدكتور الرفاعي بإدخاله المستشفى وتواصل فورا مع استشاري الأذن والأنف والحنجرة الدكتور عبد الكريم الساعي لمعاينة المريض وتم الاتفاق بأن تعمل أشعة مقطعية للرقبة
أكدت الأشعة المقطعية وجود تجمع صديدي داخل الرقبة في الجهة اليسرى مع امتداد إلى منطقة خلف البلعوم، والأمر المقلق أن التجمع الصديدي في الرقبة كان متخللا الوريد الوداجي والشريان السباتي للرقبة.
بعد التأكد من وجود التجمع الصديدي تم نقل المريض إلى غرفة العمليات لاستخراج الصديد من الرقبة حيث استغرقت العملية 45 دقيقة تحت تأثير التخدير العام. ومن بعدها تماثل المريض للشفاء السريع، وتم إخراج المريض من المستشفى بعد 48 ساعة من إجراء العملية.
وصرح الدكتور عبد الكريم الساعي لـ «الخليج الطبي»: أن هذه الحالة ليست من الحالات الشائعة التي تحول إلى قسم الأذن والأنف والحنجرة، والغريب في الأمر بالنسبة إلى هذا المريض لم تكن هناك أي علامات ظاهرية على الرقبة أو البلعوم تدل على وجود تجمع صديدي، لذلك تم علاجه قبل أن يراجع مستشفى السلام على أنها حالة شد عضلي.
ويرجع الفضل إلى الدكتور محمد الرفاعي في تشخيص الحالة بشكل سريع جدا وإلمامه بطرق العلاج، ولم يتأخر بتحويل الحالة بقسم الأذن والأنف والحنجرة.
وأيضا يعرب الدكتور عبد الكريم الساعي عن دهشته من سرعة الإجراءات في مستشفى السلام، (لم أتخيل أن الوقت الذي استغرق في إجراء الأشعة المقطعية للتأكد من التشخيص ووجود الأشعة مباشرة في الملف الإلكتروني للمريض، ثم تسارع فريق قسم التخدير لمعاينة المريض، ثم نقل المريض إلى غرفة العمليات بواسطة طاقم التمريض، استغرق 3 ساعات فقط، بالرغم من وجود العديد من الحالات في غرفة العمليات وانشغال فريق التخدير في العمليات، ولم تتأخر أي حالة عن إجراء عمليتها)، هذا لا يحدث إلا في المستشفيات ذات الكفاءات العالية.
لن أنسى والدة المريض التي كانت مستعدة ومن دون تردد لإجراء العملية وكانت هي الدافع في اتخاذ القرار السريع لإجراء العملية بنسبة توتر أقل. أقول بنسبة توتر أقل لأن تعقيد الحالة لتصريف الصديد من بين شرايين الرقبة ثم الانتقال إلى منطقة خلف البلعوم من خلف الشرايين أمر يزيد من مستوى القلق والتوتر.
وجدير بالذكر، كان المريض يعاني من نوبة زكام قبل أن تبدو عليه آلام الرقبة، وهذه من المضاعفات التي قد تحدث بعض الالتهابات البسيطة مثل التهاب جدار البلعوم. لذلك يجب توخي الحذر عند ظهور أعراض مثل آلام الرقبة أو الصعوبة الشديدة في البلع مع ارتفاع في الحرارة مباشرة بعد نوبة الزكام أو التهاب الحلق، وإن لم تكن هذه المضاعفات شائعة، بمراجعة الطبيب المتخصص في أمراض الأذن والأنف والحنجرة.
في نفس الفترة تم إزالة كيس خيشومي كبير من الرقبة لمريض كان يعاني من انتفاخ كبير في أسفل الرقبة مباشرة أعلى الترقوة اليسرى.
الأكياس الخيشومية تعد من الحالات الخلقية تتكون في الجنين وبعدها تختفي أثناء نمو الجنين. لكن في بعض الحالات يستمر وجودها بعد الولادة وقد تظهر وتكبر في العقد الثاني أو الثالث من العمر. هذه الأكياس تعد أكياسا حميدة، لكن يجب إزالتها بسبب حجمها وبروزها في الرقبة، أو بسبب الالتهابات المتكررة التي تتعرض لها. أما احتمال تحولها إلى أورام فهو أمر نادر.
الغريب في هذه الحالة هو أن هذا النوع من الأكياس الخيشومية غالبا ما توجد في الثلث الأعلى من الجزء الأمامي من جانب الرقبة. لكن في هذه الحالة كان وجودها فوق الترقوة وبحجم كبير جدا وكان ملاصقا لشرايين الرقبة ومجاورة للشريان الكبير تحت الترقوة وملاصقا لقناة السائل اللمفي في الجهة اليمنى، وعميقا للعضلة في الرقبة، ما يجعل إزالتها أكثر تعقيدا
تم إزالة هذا الكيس من دون إحداث أي ضرر في الأجزاء المجاورة والملاصقة للكيس.
وأضاف الدكتور الساعي أنه أول مرة يرى كيسا خيشوميا في غير موضعه الاعتيادي وبهذا الحجم. ويعد من المواضع النادرة التي يظهر فيها الكيس الخيشومي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك