خاطرة
عبدالرحمن فلاح
هدية المغفرة!
لا يزال في جعبة رمضان العديد من الهدايا التي جاء يحملها إلينا مكافأة لنا على حسن استقبالنا له فيما مضى من أعمارنا، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا هذا العام إلى قيامه، وحسن استقباله ليكتبنا عنده من المتقين.
وهدايا رمضان، هدايا نفيسة ما أشد حاجة المسلمين إليها، والتنبه إلى عظمتها وجلالها، والمغفرة هدية رمضانية لا ترد ولا يستغنى بغيرها عنها.. هدية المغفرة، هدية يحتاجها كل مذنب غلبه شيطانه، وضعفت أمام الشهوات نفسه، فوقع في الحرام، فلازمته نفسه اللوامة، وكاد اليأس من رحمة الله تعالى ومغفرته أن يفضي به إلى القنوط وهو شدة اليأس، فقرأ قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم) (الزمر / 53)، فارتاحت نفوسهم إلى كرم الله تعالى، واطمأنت قلوبهم إلى عطائه وفضله، وتساءلوا في يقين لا تشوبه شائبة من شك أو ريبة: كيف ييأس من يعبد إلهًا هو الغفور الرحيم يقبل التوبة من عباده، ويعفو عن كثير من خطاياهم، ويحي الأمل في نفوسهم حدائق ذات بهجة تسر الناظرين.
إنه سبحانه وتعالى في هذه الآية الجليلة التي يحي بها موات القلوب قد جعل أبواب التوبة والإنابة إليه مشرعة لا تغلق أبدًا، ولم يستودع مفاتيحها أحدًا من خلقه سبحانه، فهو جل جلاله مالك الملك والملكوت لم يشرك أحدًا من خلقه وكيلًا أو نائبًا عنه، قال تعالى: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) الكهف / 51. وقال عن ذاته العلية: (قل هو الله أحد(1) الله الصمد(2) لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له كفوًا أحد (4)) سورة الإخلاص.
ولأنه سبحانه ليس معه أحد من خلقه لا زوجة ولا ولد، فهو وحده سبحانه الغفور، وهو وحده جل جلاله الرحيم، بل لقد سبقت رحمته غضبه، فالمؤمن به، السائر على دربه المستقيم يعيش في ظل مغفرته، ويغرف من فيض كرمه وجوده سبحانه، فلا ييأس أبدًا من رحمته فضلًا عن أن يفضي به يأسه، والمبالغة في لوم نفسه إلى القنوط من رحمته جل جلاله، وكثيرة هي الآيات التي يستشعر منها المسلم الرجاء، ودخول الجنة، وتأملوا قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما(68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا(69) إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا(70)) سورة الفرقان.
وكان يكفي أن يمحو سبحانه سيئات عبده المخطئ لكنه سبحانه يريد أن يبالغ في العطاء لأن عظمة العطية من عظمة المعطي سبحانه، فبدَّل السيئات إلى حسنات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك