الـمملكـة وفــــرت أرضيـــةً صلبـــة للإجمـــاع الخليجـي والعــربــي والإســـلامــي
المنامة احتضنت وفودًا من كل المناطق الساخنة في العالم
المـؤتمـر رد عـلى المشككيـن في حقيقـة أرض التعــايـش والتســامــح
على مدار 5 أيام عاشت مملكة البحرين حدثًا عالميًّا هو الأكبرُ في تاريخها الحديث، أثبتت من خلاله مكانتها الدوليَّة على جميع المستويات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وتمكَّنت من جذب أنظار المجتمع الدولي إلى التطور والتقدم الذي تعيشه المملكة خلال العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم.
جسَّد احتضان المملكة لاجتماعات الجمعية العامة الـ146 للاتحاد البرلماني الدولي قصةَ نجاح بحرينية متكاملة، وذلك مع استضافة أكثر من 1700 شخصية برلمانية تمثل نحو 143 دولة، إلى جانب المنظمات الدولية والاتحادات البرلمانية، توافد أكثر من 60 رئيسَ برلمانٍ في أكبر تمثيل في تاريخ الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، حيث التأم الجميع تحت سماء منامة السلام والتعايش السلمي والتسامح، لمناقشة أجندة عمل عامرة بالقضايا والملفات الملحة، التي تتصدر أولويات شعوب العالم.
ونرصد من خلال هذا التقرير، عددا من المحطات المهمة التي شهدها المؤتمر، وعددا من المكاسب التي حققتها المملكة من هذه الاستضافة التاريخية.
العطاء الفكري واللوجستي
كما أكد مارتن شونجنج الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي في لقائه مع «أخبار الخليج» أن مملكة البحرين وفَّرت الإمكانات اللوجستية والفكرية لإنجاح المؤتمر، ووفرت منصة مثالية للحوار، وهو ما أكده لنا أيضا رئيس الاتحاد البرلماني الدولي دوراتي باتشيكو، قائلا: «روح المنامة فرضت نفسها على المناقشات من خلال وجود ممثلي الشعبة البرلمانية البحرينية في كل جنبات المؤتمر»، وهذا ما انعكس على الملفات الأكثر سخونة التي طرحت على اجتماعات الجمعية العامة سواء بين الشمال والجنوب، أو بين الروس والأوكرانيين.
أبواب المملكة مفتوحة
البحرين فتحت أبوابها لكل برلماني رغب في المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، ولم ترفض المملكة دخول أي برلماني، بل وكانت الرؤية الملكية السامية في طرح «تعزيز التعايش السلمي ومكافحة التعصب وخطابات الكراهية» محل تقدير دولي واسع، في ظل انعقاد المؤتمر في ظروف استثنائية يشهد فيها العالم موجات من الكراهية والعداوة والحروب والكوارث الطبيعية، والأزمات المتعلقة بالتغيرات المناخية والأمن المائي والغذائي، وتفاقم مخاطر التطرف والإرهاب، وغيرها من التحديات التي تمس حاضر البشرية، وتهدد مستقبل الأجيال المقبلة.
شهد المؤتمر حضور وفود من كل المناطق الساخنة في العالم، من روسيا وأوكرانيا وسوريا واليمن وأفغانستان.
وكانت مشاركة وفد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية لافتا، إذ إنه ورغم المواقف الإيرانية تجاه دول الخليج العربية، إلا أن الوفد الإيراني أبدى تقديره الجم لكرم الضيافة البحريني معهم، وأكدوا إعجابهم بمستوى التطور والتقدم الذي تعيشه المملكة.
التنظيم فخر لكل خليجي وعربي
قصة النجاح البحرينية في التنظيم الراقي وتوفير كل الإمكانات اللوجستية، كانت محل فخر لكل بحريني وخليجي وعربي، بشهادة كل الوفود المشاركة، وذلك بفضل جهود الكوادر الوطنية التي أثبتت أن ثروة المملكة الحقيقية في مواطنيها، بداية من تكاتف كل الجهات المعنية مع اللجنة الوطنية المنظمة للمؤتمر برئاسة جمال فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، وصولا إلى كل منتسبي حلبة البحرين الدولية الذين يمتلكون احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الكبرى بعد الخبرات المتراكمة التي لديهم في تنظيم سباق السيارات العالمي «فورمولا 1».
انبهار بمركز البحرين للمؤتمرات والمعارض
ومن المكاسب المهمة لهذا المؤتمر هو إبراز إمكانيات البحرين للمنافسة في مجال صناعة المؤتمرات والمعارض، عبر استضافة كبرى الأحداث العالمية، حيث كان مركز البحرين العالمي للمؤتمرات والمعارض بالصخير، أحد العوامل الرئيسية التي أسهمت في إنجاح المؤتمر، بفضل التجهيزات العالية المستوى سواء في القاعات التي استضافت اجتماعات الجمعية العامة، أو الاجتماعات المصاحبة التي كانت تجري بالتزامن مع الاجتماعات الرئيسية.
كما كان موقع المركز بجوار حلبة البحرين الدولية فرصة إضافية لإقامة اجتماعات جمعية الأمناء العامين وبعض اجتماعات اللجان الدائمة، بكل سهولة ويسر مع توفير وسائل نقل على مدار الساعة لأي عضو برلماني أو إعلامي يرغب في متابعة هذه الاجتماعات.
وقد أبدى عديد من الضيوف المشاركين انبهارهم بهذا المركز والذي يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وأكدوا أن مملكة البحرين تمتلك بنية تحتية عالية المستوى تضاهي بل وتنافس كبريات دول العالم في مجال صناعة المؤتمرات والمعارض، بما يؤهلها لتكون وجهة استثمارية في هذا القطاع الحيوي.
أرضية للإجماع العربي والإسلامي
كان إقامة اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في البحرين فرصة لكل العرب والمسلمين لتطوير أدائهم الجماعي في المحافل الدولية من أجل توصيل رسالتهم إلى المجتمع الدولي، حيث وفرت المملكة الأرضية المناسبة لتحركات الوفد القطري للحصول على الدعم اللازم من الكتل الخليجية والعربية والإسلامية والآسيوية لمقترحهم بتجريم خطابات الكراهية ومكافحة ازدراء الأديان، في تطور كبير للممارسات البرلمانية العربية على مستوى اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي.
وكان العرب والمسلمون قاب قوسين أو أدنى من تمرير هذا المقترح كبند طارئ يدرج على جدول أعمال الجمعية العامة، لولا تصويت المجموعة الإفريقية مع المقترح العربي والمقترح الآخر الخاص بمواجهة الأزمات الإنسانية في عدد من دول العالم.
وكم كان وفد الشعبة البحرينية متعاونا من أجل دعم ومساندة الوفود العربية في انتخابات اللجان الدائمة بالاتحاد البرلماني الدولي ومنتدى النساء البرلمانيات، حيث آثروا الانسحاب من بعض الانتخابات لصالح مرشحي الدول العربية الأخرى.
التوافق بين الدعوة الملكية ومخرجات المؤتمر
على مستوى الإسهام الفكري البحريني في المؤتمر، فرضت دعوة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم بإقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية، وتوافقها مع عنوان المؤتمر الذي اختارته الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي «تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة: مكافحة التعصب»، إطارا فكريا لمناقشات ممثلي البرلمانات المختلفة، وهو ما تم ترجمته بشكل جلي في «إعلان المنامة» في ختام المؤتمر، حيث نص على « نحن ملتزمون باستخدام مهامنا في سن القوانين والتمثيل والإشراف لتحقيق الأهداف التالية: اعتبار الأفعال القائمة على الكراهية وجميع أشكال العنف المرتبطة بالدين أو المعتقد أو رهاب الأجانب أو العنصرية أو التعصب ضد الفئات المهمشة جريمة بموجب القانون».
البحرينيون كلمة السر
على الرغم من أن البحرين جغرافيا ذات مساحة صغيرة، لكنها تمتلك ثروة كبيرة تتمثل في قوتها البشرية التي عبرت بصدق عن الإرث الحضاري والثقافي والإنساني لهذه المملكة العريقة، وكانت الكوادر الوطنية هي الرقم المؤثر وكلمة السر في إنجاح المؤتمر.
نجاحات حقوقية بحرينية
استطاعت البحرين أن تعزز مكتسباتها على الصعيد الدولي من خلال إبراز نجاحاتها في المجالات الحقوقية المختلفة، وعلى رأسها ما وصلت إليه المرأة البحرينية من مكانة متقدمة في العمل السياسي والبرلماني، لتتبوأ مكانة رفيعة على المستويات الخليجية والعربية والأسيوية وتضاهي وتتفوق على بعض الدول المتقدمة في هذا المضمار، وكان تخصيص جلسة جانبية بعنوان «تطبيقات التوازن بين الجنسين.. إنجازات وتشريعات»، إعلان هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة «الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة في التنمية»، فرصة مهمة لنقل حقيقة وضع المرأة المتقدم في البحرين، وتنتقل هذه المنجزات من نطاقها المحلي إلى الآفاق الدولية، كمرجعية بحرينية وطنية خالصة، ترفد العالم بالخبرات المتحققة في هذا المجال.
وعلى المستوى الحقوقي، أتاح المؤتمر الفرصة للبرلمانيين من جميع أنحاء العالم أن يتعرفوا من كثب عن حقيقة الأوضاع في البحرين على صعيد التنمية الشاملة وكذا المسيرة السياسية والديمقراطية والبرلمانية، كما أسهم المؤتمر في تصحيح الصورة الخاطئة التي كانت يتبناها البعض عن الوضع الحقوقي في البحرين، حيث شاهدوا على أرض الواقع حقيقة التعايش بين مكونات المجتمع البحريني.
المراقبون يؤكدون مكاسب المملكة
من جانبهم أكد عدد من المراقبين أهمية استضافة البحرين لاجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني على جميع الأصعدة، وقال د. عبدالله الذوادي عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي إن استضافة البحرين لاجتماعات اللجنة العمومية للاتحاد البرلماني الدولي مطلع هذا الأسبوع، قد جلبت هذه المناسبة العديد من الفوائد للمملكة.
وأضاف أن من بين الفوائد التي ستعود على البحرين، تعزيز الدور الدبلوماسي للبحرين، حيث تعد الدبلوماسية البرلمانية فرصة لزيادة العلاقات الدبلوماسية مع دول أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن استضافة هذه الاجتماعات الدولية تعد فرصة لعقد جلسات واجتماعات مهمة على هامش أعمال الجمعية، ما يعزز صورة البحرين البرلمانية والشعبية في المجتمع الدولي.
وأشار د. الذوادي إلى أن هذه الفعالية تؤدي أيضًا إلى دفع للاقتصاد المحلي بطريقة غير مباشرة، إذ يمكن للاستضافة أن توفر فرص عمل ومصادر دخل لعديد من مقدمي الخدمات والموردين المحليين. وتعد الفائدة غير المباشرة الأهم هي تعزيز السياحة، إذ يمكن لاستضافة الاتحاد البرلماني الدولي أن تفتح الباب لجذب عدد كبير من الزوار الذين يرغبون في تجربة الثقافة المحلية والمعالم السياحية في البحرين.
بدوره قال عبدالرحمن بومجيد عضو مجلس النواب السابق إن مكاسب مملكة البحرين من احتضان اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي عديدة، ولا تقتصر على المجال البرلماني فحسب، مؤكدا أن موافقة الاتحاد البرلماني على إقامة المؤتمر في البحرين هو نتاج للمسيرة الديمقراطية والسياسية التي انتهجتها المملكة خلال العهد الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وأنها تؤكد أن البحرين تسير بخطى واثقة نحو تعزيز هذه المسيرة، كما أن المؤتمر كان فرصة لجميع البرلمانيين المشاركين للاطلاع على التطور الحاصل في البحرين، وعلى تاريخ وحضارة وثقافة المملكة، كما أنها كانت فرصة ليتعرفوا على حقيقية التعايش بين كل مكونات المجتمع البحريني القائم على التعددية واحترام وقبول الآخر، وعدم التمييز بين أفراده، والحريات الدينية في المملكة.
وأشار بومجيد إلى أن بعض البرلمانيين من الدول الغربية كانت تشكك فيما نقوله حول التقدم المتحقق في البحرين، ولكن بحضورهم إلى المملكة تلمسوا هذه الحقائق على أرض الواقع.
وأوضح أن تبني المؤتمر لرؤية جلالة الملك المعظم لتجريم خطابات الكراهية وازدراء الأديان أمر في غاية الأهمية يعكس تعزيز دور البحرين على الصعيد الدولية، كما أن لقاءهم مع جلالته كان إيجابيا، وسوف يسهم في ترسيخ حقائق الأوضاع في البحرين في أذهانهم ويجب أن ينعكس ذلك على مواقفهم في نقل الصورة الحقيقية إلى بلادهم.
وتطرق عضو مجلس النواب السابق إلى أن مشاركة الوفد الإيراني في الاجتماعات، تؤكد أن البحرين دولة تتبنى السلام في كل مواقفها، وتتمسك بحسن الجوار كقيم أساسية في العلاقات الدولية.
ونوه بومجيد إلى أن البحرين قدمت نموذجا يحتذى به في العمل الجماعي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا المؤتمر التاريخي، مشيدا بالتنظيم المتميز من قبل الأمانتين العامتين لمجلسي الشورى والنواب وكل الجهات المساندة.
من جانبه أكد خبير التنمية البشرية ورئيس جمعية البحرين لمعاهد التدريب نواف محمد الجشي أن الكوادر البحرينية أثبتت قدرتها على تنظيم أكبر مؤتمر في تاريخ البحرين اجتماعات الجمعية العامة الـ 146 للاتحاد البرلماني الدولي، داعيا إلى توثيق كل ما يتعلق بعملية الاستضافة والتنظيم التي بلا شك استمرت لأشهر طويلة وشارك فيها كوادر من مجلسي النواب الشورى وكثير من المؤسسات الحكومية وحلبة البحرين الدولية وغيرها، وذلك بهدف الاستفادة من الخبرات التي تراكمت خلال هذه التجربة الثرية، واستخدامها مستقبلا في تنظيم فعاليات على نفس المستوى من الحجم والأهمية، أشار إلى أن هذا الحدث البرلماني الدولي حظي بإشادات من المسؤولين وأعضاء الوفود المشاركة بتميز مملكة البحرين والجهود التي بذلتها لإنجاح استضافة هذا الحدث العالمي الكبير، والذين توفرت لهم جميع تسهيلات الوصول والإقامة والتنقل.
وقال إن المشارك والزائر لمكان انعقاد اجتماعات الجمعية العامة الـ 146 للاتحاد البرلماني الدولي في مركز البحرين العالمي للمعارض في الصخير لمس من قرب الحضور الكبير للكوادر البحرينية في كل مكان في الاستقبال والمرافقة والتنظيم، وفي الخدمات اللوجستية، الإعلام، وغيرها، وهو ما منحه فرصة التعرف على تميز العنصر البشري البحريني، لافتا إلى أن انعقاد الاجتماع في البحرين كان فرصة مهمة للتعريف بما تشهده المملكة من نهضة وتطور في شتى مجالات، كما حقق فوائد مباشرة وغير مباشرة لقطاعات أخرى مثل السياحة والضيافة والنقل وغيرها، مشيرا إلى ضرورة استثمار كل ذلك لاستضافة وتنظيم المزيد من الفعاليات الإقليمية والدولية الكبرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك