سوريا دولة عربية شقيقة ومهمة في منطقتنا العربية وعمود مهم من أعمدة القوة العربية فاستقرارها من استقرار وطننا العربي الكبير فإذا كانت أحداث الربيع العربي المشؤومة التي أصابت العديد من الدول العربية في بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة بفضل التآمر على أمتنا العربية الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية خلال حكم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونفذته وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون بالتعاون مع القوى والجماعات الإسلامية لإسقاط بعض الأنظمة العربية المستقرة ومنها القطر السوري الشقيق قد أدى إلى حالة من عدم الاستقرار والفوضى حيث لا تزال بعض البلدان العربية تعاني من تبعياتها وتداعياتها إلى يوم الناس هذا مثل ليبيا واليمن وغيرها فإن سوريا لم تعاني من الفوضى فقط وإنما من تحول جزء مهم من الأراضي السورية إلى مرتع للجماعات الإسلامية المتطرفة التي سيطرت على مناطق شاسعة من سوريا تعيث فيها فسادا وتتحكم فيها كيفما تشاء تقتل الناس الأبرياء من دون وجه حق وتفتك بأعراض النساء مثل تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وغيرها، فضلا عن احتلال تركيا لجزء مهم من الأراضي السورية في انتهاك صارخ للسيادة السورية ومخالفة صريحة للقانون الدولي وللأعراف التي تحترم سيادة الدول وتحرم انتهاك سيادتها بحجة محاربة الجماعات الكردية المعارضة الموجودة على الأراضي السورية.
على مدار أكثر من عقد من الزمان وسوريا الشقيقة تعاني انتهاكا لسيادتها ومن التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية حيث فقدت الدولة السورية سيطرتها على عديد من المناطق والقرى والأرياف التي أصبحت ساحة لتصفية الحسابات بين مختلف الجهات والقوى الخارجية.
وعلى المستوى الشعبي اضطرت نسبة كبيرة من المواطنين السوريين إلى الهجرة ومغادرة البلاد هربا من جحيم الحرب وغياب الأمن وتدني الخدمات متجهة نحو الدول الغربية حيث لاقى عدد كبير منهم حتفهم في رحلات قوارب الموت ونحو الدول العربية القريبة وتركيا ليعيشوا في مخيمات لا تتوفر فيها أبسط ضروريات العيش الإنساني يعانون من البرد وغياب الخدمات الأساسية.
وجاء الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا ليزيد الطين بِله كما يقال نتج عنه الدمار والخراب وخلف القتلى والمصابين بمئات الآلاف.
في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تعيشها الجمهورية العربية السورية فإننا نشاهد بوادر على ظهور بعض المؤشرات الإيجابية لعودة القطر السوري الشقيق إلى المجموعة العربية بعد انقطاع دام أكثر من عقد كما أسلفنا وأول هذه المؤشرات الزيارات التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة والحفاوة التي استقبل بها من قبل القيادتين العمانية والإماراتية والاتصالات التي تلقاها الرئيس السوري من قادة بعض الدول العربية بعد الزلزال ومنها اتصال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم ملك مملكة البحرين وزيارة وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري ولقائه الرئيس السوري في دمشق وكذلك زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وتدفق المساعدات الإنسانية والمادية والعينية العربية التي انهالت على سوريا للوقوف إلى جانبها لتجاوز تداعيات هذه المحنة التي ألمت بها من جراء الزلزال المدمر الذي ضربها.
وعليه فإننا نعتقد بأنه قد حان الوقت لاتخاذ خطوات إضافية لعودة سوريا الشقيقة إلى محيطها العربي لتكون استكمالا لتلك الزيارات والمساعدات وأول هذه الخطوات عودة سوريا إلى الجامعة العربية لتحتل كرسيها الشاغر منذ أكثر من عشر سنوات وعودة ما تبقى من السفراء العرب إلى دمشق وافتتاح السفارات لاستئناف عملها الدبلوماسي وعودة الرحلات الجوية ودعم الجهود السورية لاستعادة هضبة الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وضمتها فيما بعد واعتراف الإدارة الأمريكية السابقة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بهذا الضم وزيادة التبادل التجاري مع سوريا لزيادة الدخل القومي السوري لتتجاوز تداعيات الأزمة المالية الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد السوري.
نحن كعرب في حاجة إلى سوريا مثلما سوريا في حاجة إلينا خصوصا في هذه الظروف الصعبة والعصيبة التي يمر بها العالم في ظل الصراعات والخلاف والحروب ما يستدعي لمّ الشمل العربي وتقوية الجبهة العربية وتوحيدها للصمود أمام التهديدات الخطيرة التي تتعرض لها المنطقة العربية لتكون مقدمة لحل الخلافات العربية العربية ومساعدة الدول العربية التي تعاني من الفوضى على تجاوز خلافاتها والجلوس إلى طاولة المفاوضات للخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه ليعم السلام منطقتنا العربية التي تعاني من حالة عدم استقرار منذ أكثر من ثلاثة عقود والبدء في إعادة البناء تمهيدا لانطلاق قطار التنمية العربي المتوقف ليواصل مسيرته لتحقيق أمال وتطلعات الشعوب العربية التي عانت طويلا من الصراعات والخلافات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك