دعم المبدعين حجر الزاوية لبناء اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة
خلص منتدى اليوم الخليجي للموهبة والابداع الذي نظمته الجمعية البحرينية للملكية الفكرية صباح امس ببيت التجار، الى أن منظومة الابداع والابتكار تعتبر حجر الزاوية في بناء اقتصاد المعرفة، وهي أحد المؤشرات الأساسية التي تجعل الدولة متقدمة او نامية. حيث ان مؤشرات الاقتصاد تقوم على مقومات منها قياس الإنتاجية من الابداعات والابتكار وريادة الاعمال. كما ان هناك علاقة وثيقة بين دعم الموهوبين وتطوير امكانياتهم، مع تحقيق اهداف التنمية المستدامة التي يسعى اليها 162 بلدا حول العالم، حيث انه «لا يوجد شيء يمكن ان يسهم في رفع مستوى رفاهية الأمم والشعوب أفضل من افراد قادرين على الابداع، لأنهم سيكونون الاقدر على مواجهة التطور التكنولوجي المتزايد وحل المشكلات».
وفي الوقت الذي تعتبر فيه البحرين اول دولة خليجية لديها نظام متكامل لرعاية الموهوبين، فإن الدراسات تؤكد ان نسبة المبدعين النساء في منطقة الخليج أكبر من الرجال. ولكن بالمقابل تدل الدراسات الى ان الرجال أكثر حصدا للتكريم والجوائز من النساء.
وشارك في الفعالية نخبة من المتحدثين والخبراء في مجال تربية ورعاية الموهوبين. وشمل المنتدى باقة من المحاضرات وورشة تدريب استهدفت تنمية مهارات الابتكار والابداع لدى المشاركين.
وفي كلمتها الافتتاحية أوضحت رئيسة الجمعية أسماء النجدي أن هذا المنتدى يأتي تزامنا مع الاحتفال باليوم الخليجي للموهبة والابداع، حث يركز على مفهوم الابداع والابتكار والموهبة واستراتيجيات التفكير الإبداعي واكتشاف المواهب وتوظيفها واستثمارها بما يحقق اهداف التنمية المستدامة.
متطلبات القرن
من جانبها، ألقت الدكتورة أمثال العيفان من دولة الكويت الشقيقة محاضرة حول «الابداع والابتكار.. ماذا ولماذا- استراتيجية التفكير الابداعي». مستهلة بالإشارة الى ان الدراسات تؤكد ان نسبة المبدعين النساء في منطقة الخليج أكبر من الرجال. ولكن بالمقابل تدل الدراسات الى ان الرجال المبدعين أكثر حصدا للتكريم والجوائز من النساء.
وقالت ان أهمية الابداع تضاعفت وباتت ضرورة للجميع لعدة أسباب، أولها انه بات أحد أبرز متطلبات القرن الحادي والعشرين الذي يتميز بأربع مهارات أساسية هي الابداع والتفكير الناقد والتعاون والتواصل.
والسبب الاخر ان منظومة الابداع والابتكار تعتبر حجر الزاوية في بناء اقتصاد المعرفة واحد المؤشرات الأساسية التي تجعل الدولة متقدمة او نامية. حيث ان مؤشرات الاقتصاد تقوم على مقومات منها قياس الإنتاجية من الابداعات والابتكار وريادة الاعمال.
أضف الى ما سبق ان الابداع يساعد على التكيف مع الحياة والاحداث الداخلية والخارجية. وقد افرزت جائحة كورونا العديد من النماذج الإبداعية التي ظهرت نتيجة التحديات. كما ان الابداع ينعكس إيجابا على الفرد وعلى المجتمع. فعلى مستوى الفرد، يرفع مستوى الثقة بالنفس، ويساعد على اكتشاف الذات، ويعزز الصحة النفسية، ويساعد على حل المشكلات، ويطور من الإنتاجية.
وعلى مستوى المجتمع، يساعد على خلق فرص العمل الجديدة، ويرفع القيمة الثقافية في المجتمع، ويعزز الخبرات والكفاءات، ويزيد من التواصل الاجتماعي، وفي النهاية يرفع من اقتصاد الدولة.
وأشارت الدكتورة أمثال الى ان الابداع هو القاعدة الأساسية التي تنطلق منها مفاهيم الاختراع والابتكار وريادة الاعمال. وفي حين يعتبر الاختراع امرا جديدة لا سابق له، يأتي الابتكار ليجدد او يطور ما تم اختراعه، ثم تأتي ريادة الاعمال كفرصة للدخول الى السوق من خلال الابتكار والاختراع.
كما ان الابداع مرتبط أكثر بالمستوى الفردي، والابتكار بالمستوى الجماعي، لذلك نقول شخص مبدع وشركة مبتكرة. والى جانب ذلك، يعتبر الابداع مهارة أكثر من كونه فطرة لدى الفرد. واغلب الأفكار الإبداعية تبدأ في عقل اللاوعي. لذلك قد تأتي الفكرة المبتكرة للإنسان حتى وهو في حالة النوم. وهنا، لابد ان يتبع المنتج او الفكرة الأصلية نوع من الابتكار والتحسين.
وتساءلت المحاضرة: سنويا تتخرج اعداد كبيرة من الخريجين الباحثين عن فرص، فما الذي يجعل الشخص مبدعا دون غيره؟ هل هو المجموع والتحصيل العلمي؟ هل هو اكمال الدراسة في زمن اقل؟ هل هو الحصول على الفرص والبعثات الدراسية؟
وأضافت: كل ذلك إيجابي ولكنه لا يكفي ليكون الشخص مبدعا من دون وجود مهارات أساسية تركز عليها كبريات الشركات عند اختيار الموظفين منها: القدرة على حل المشكلات بطريقة إبداعية، القدرة على التعامل مع التحديات المختلفة، القدرة على الاتيان بأفكار جديدة من خلال العصف الذهني.
وعقب المحاضرة أدار الدكتور أمثال العيفان ورشة عمل حول حل المشكلات بطريقة إبداعية بدءا من مناقشة المشكلة وتحديد الأسباب والحلول الممكنة ووضع المعايير المناسبة لاختيار الحلول، ثم انتقاء أفضل الحلول ووضع خطة عمل للتطبيق.
سمات الموهوب
بدورها القت اخصائية تربية الموهوبين الدكتورة لولوة الفاضل محاضرة حول «تربية الموهوبين ودور المجتمع»، تطرقت فيها الى أبرز سمات الموهوبين والتي يمكن تقسيمها الى سمات عقلية وأخرى نفسية. ومن السمات العقلية القدرة العقلية العالية، حسب الاستطلاع والفضول، القدرة على حل المشكلات، القدرة على تقديم حلول مبتكرة.
ومن السمات النفسية الشعور بالاختلاف عن الاخرين، والميل للوحدة، وحسن الفكاهة.
ولفتت الفاضل الى ان الموهوبين لديهم احتياجات ربما تختلف عن غيرهم، ومن أهمها الوعي بطبيعة هذه الاحتياجات وتلبيتها، والا تحول الامر الى مشكلة. لذلك من الضرورة بمكان معرفة هذه التفاصيل وتقديم الدعم الكافي للموهوب. وهذا ما يقود الى محور هام هو المساندة الاجتماعية التي تمثل منظومة من التفاعلات الاجتماعية مع الاخرين وتشمل علاقات ممتدة يثق بها الفرد ويشعر بانه يمكن الاعتماد عليها.
وتشمل المساندة الاجتماعية ثلاثة ابعاد، هي المساندة الوجدانية التي تشمل التقبل والاهتمام والرعاية والمحبة. والمساندة المادية من خلال مشاركة الموهوب في المجال الذي يتميز به. والمساندة المعلوماتية بتقديم المشورة والنصح والمعلومات وادماجه بالفعاليات والبرامج التي تنمي موهبته.
وفيما يتعلق بمصادر الدعم والمساندة الاجتماعية أوضحت الدكتورة الفاضل ان الوالدين يلعبان الدور المحوري في تقديم المساندة للطفل، ثم الاسرة، يليهم المعلمون والزملاء والأصدقاء. وخلال السنوات الأخيرة برزت السوشل ميديا كأحد وسائل الدعم، حيث بات الصغار يكونون علاقات افتراضية من خلال هذه الوسائل، وهو ما يؤثر عليهم وعلى قدراتهم.
واختتمت بالتأكيد على ان النقطة الأساسية في التعامل مع الموهوب هو الوعي بتميزه واحتياجاته وبأهمية مساندته، بما في ذلك التعامل مع السمات السلبية مثل صعوبة الاندماج مع الغير والشعور بالاختلاف. وهذا ما يتطلب برامج ارشادية تعالج الانعكاسات السلبية في شخصية الموهوب.
تحديات الموهوبين
وفي الفقرة الأخيرة من المنتدى حاضرت الخبيرة التربوية المتخصصة في الابداع والمواهب الدكتورة بدور بوحجي حول «الموهوبون واهداف التنمية المستدامة. وأكدت في مقدمة حديثها ان البحرين تعتبر اول دولة خليجية تمتلك نظاما واحدا لرعاية وتنمية الموهوبين. وان أحد اهم معيقات تحقيق مفاهيم الاستدامة والرؤى في دول العالم هو عدم رعاية وتلبية احتياجات الموهوبين. حيث ان الاستثمار في الموهبة يساهم في زيادة اعداد المبتكرين والمبدعين، ويوفر بيئة مناسبة تحتوي على مثيرات مختلفة تستثير قدراتهم. كما ان ذلك يشجع المؤسسات الاقتصادية والتربوية على تبني مفاهيم الابتكار والقيادة واكتشاف الموهوبين.
واستشهدت بوحجي بتعريف ميرلاند الذي يتبناه مكتب وزارة التربية والتعليم الامريكية والذي يشير الى ان المبدعين والموهوبين هم الأطفال الذين يملكون قدرات غير عادية تظهر في اداءاتهم المتميزة، وتشمل أحد او أكثر من السمات التالية: القدرات العقلية واللغوية العالية. القدرة الاكاديمية والتميز في اختبارات الذكاء. القدرة القيادية وحل المشكلات. المهارات الفنية والادائية. والقدرات المكانية والجسمية.
وأضافت: تبرز هنا العلاقة بين الموهوبين واهداف التنمية المستدامة. حيث يسعى أكثر من 162 بلد حول العالم لتحقيق اهداف هذه التنمية. ولكن مازالت هناك فجوات في هذا الجانب. وهذا ما يؤكد عليه «تورانس» بأنه لا يوجد شيء يمكن ان يسهم في رفع مستوى رفاهية الأمم والشعوب أفضل من أفراد قادرين على الابداع، لأنهم سيكونون الاقدر على مواجهة التطور التكنولوجي المتزايد وحل المشكلات.
واستعرضت بوحجي أبرز التحديات التي قد يواجهها الموهوبون. ومنها:
المثالية الزائدة والسعي نحو الكمال، مما قد يؤدي الى سوء التكيف النفسي او الفشل. التوقعات العالية من الوالدين مما يربك الموهوب ويعيق تقدمه. العزلة الاجتماعية، والوقوع ضحية لتقلب المزاج والاكتئاب. الحساسية المفرطة نتيجة الانتقاد الدائم للذات ومراقبة السلوك. تعدد الاهتمامات والقدرات. النظرة السلبية من بعض الافراد لهم مثل وصفهم بمدمني العمل مما يقود الى نوع من العزلة الاجتماعية والإحباط.
واختتمت الدكتورة بدور بوحجي بتلخيص ابرز حاجات الموهوبين والمبدعين ومنها: الحاجة الى الخبرات الأكاديمية التي تتناسب قدراتهم، الحاجة الى تنمية مهارات التفكير العليا، الحاجة الى المشاركة في الفعاليات التي تبرز قدراتهم وتطورها، الحاجة الى الاندماج الاجتماعي، الحاجة الى تطوير مفاهيم إيجابية عن النفس، الحاجة الى التعبير عن عواطفهم ومشاعرهم، والحاجة الى اكتساب مهارات العمل الجماعي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك