تحت رعاية رئيسة جامعة البحرين الدكتورة جواهر بنت شاهين المضاحكة نظّمت اللجنة الثقافية والاجتماعية لكلية الآداب في يوم الإثنين 27 فبراير 2023 في مركز التعلَّم الإلكتروني بجامعة البحرين في حضور أكاديمي وثقافي لافت من الأكاديميين والفاعلين الثقافيين وطلبة الجامعة الندوة التكريمية الاحتفائية بالأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم الناقد والأكاديمي البحريني، وتدشين كتاب (الجهود الفكرية والنقدية للأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم، أعمال ثُلّة من الأساتذة الباحثين)، ومن إشراف وتحرير الأكاديمية والناقدة البحرينية الدكتورة ضياء عبدالله الكعبي رئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية وأستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث المشارك بكلية الآداب بجامعة البحرين، والأستاذ الدكتور عبدالفتَّاح يوسف الأستاذ بالقسم والأستاذ الدكتور عبدالله البهلول الأستاذ سابقًا بالقسم، والكتاب نشر مشترك بين جامعة البحرين ودار الروافد الثقافية ناشرون وصادر في طبعته الأولى في يناير 2023. كما اشتمل التكريم كذلك على جلسة نقدية عنوانها (الجهود الفكرية والنقدية للأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم) تحدَّث فيها كل من الدكتور خليفة ياسين عربيّ أستاذ النقد الأدبي الحديث المساعد بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية والدكتور عبدالقادر خليفة المرزوقي الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية والدكتورة آمنة الربيع الناقدة والكاتبة المسرحية من سلطنة عُمان والدكتورة أنيسة إبراهيم السعدون الناقدة البحرينية.
وقد التقى المحرَّر الثقافي الدكتورة ضياء عبدالله الكعبي رئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية وأستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث المشارك بكلية الآداب بجامعة البحرين ورئيسة اللجنة الثقافية الاجتماعية لكلية الآداب التي قالت:
نحتفلُ اليومَ بتكريمِ قامةٍ نقديةٍ وإبداعيّةٍ لها حضورها الرصينُ المنهجي الباذخُ ليس محليًا فقط وإنَّما على الصعيدِ العربيِّ كذلك، ويفتخرُ قسمُ اللغةِ العربيّةِ والدراساتِ الإسلاميّةِ بأنَّ الأستاذَ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم هو واحدُ من أبرزِ مؤسسيه، وكانت له اليدُ الطولى في تطويرِ مناهجِ القسمِ بشعبتيه عندما كان رئيسًا له، وعندما كان كذلك عميدًا لكليةِ الآداب؛ فقد كانت له رؤيةٌ ثاقبةُ واعيةٌ في استبصارِ أبرزِ المستجداتِ الأكاديميّةِ وتطبيقها في استراتيجية كليةِ الآدابِ آنذاك، ولم يتوقفْ دوره ولن يتوقفَ في إسداءِ النصحِ والمشورةِ فيما يتعلقُ بالقضايا الأكاديميّةِ.
يُعد الأكاديميُّ والناقدُ البحرينيُّ الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم، أستاذ النقد الأدبيّ الحديث بجامعة البحرين واحدًا من أهمِ الأسماءِ النقديةِ على مستوى المشهدِ النقديِّ العربيِّ تنظيرًا منهجيًا وإضافاتٍ إبداعيةً نقديةً رصينةً. لقد تشكَّل خطابه النقدي والإبداعي عبر مراحلَ متعدّدةٍ من التكوينِ التأسيسي الأول في السبعينيات وصولاً إلى النظرياتِ النقديةِ الحديثةِ منذ ثمانينيات القرن الماضي في كتبه الأولى: «القصة القصيرة في الخليج العربي» (1980)، و«ظواهر التجربة المسرحية في البحرين (1980)، و«المسرح والتغيّر الاجتماعي في سوسيولوجيا التجربة المسرحية في الخليج العربي» (1986)، و«الثقافة وإشكالية التواصل الثقافي في مجتمعات الخليج العربي» (1989). لقد كان هاجس تأصيل البدايات الإبداعيّة الخليجيّة وتوثيقها، وإخضاعها إلى مقاربات سوسيولوجيّة عن النظريات النقدية الغربيّة هو الهاجس الكبير الذي شكَّل وعي أ.د إبراهيم غلوم في هذه المرحلة من مساره النقدي. كما مثَّلت النصوص الإبداعيّة المسرحية ونصوص القصة القصيرة في البحرين والكويت مجالاً تطبيقيًا نقديًا له في كتابيه اللذين هما في الأصل أطروحتين أكاديميتين الأول رسالة ماجستير، والآخر أطروحة دكتوراه: «القصة القصيرة في الخليج العربي» (1980)، و«المسرح والتغيّر الاجتماعي في سوسيولوجيا التجربة المسرحية في الخليج العربي» (1986).
لقد استمرَّ هاجس تأصيل البدايات الإبداعيّة والنقدية الأولى عند أ.د إبراهيم غلوم في كتابيه «مسرح إبراهيم العريّض، دراسة وتوثيق» (1996)، و«عبدالله الزايد وتأسيس الخطاب الأدبيّ الحديث» (1996)؛ وهما الكتابان اللذان تناول فيهما البواكير الإبداعية البحرينيّة الحديثة ممّثلة في الشاعر إبراهيم العريّض والأديب عبدالله الزايد مؤسِّس الصحافة البحرينيّة في تأسيسه الخطاب الأدبي البحريني الحديث. وسيمثل كتاب «المرجعية والانزياح: دراسة لبدايات النقد الأدبيّ في الخليج العربي حول تجربة الشاعر عبدالرحمن المعاودة» (1996) مسارًا نقديًا مغايرًا وثَّق فيه د. غلوم السجالات النقدية الخاصة بتجربة عبدالرحمن المعاودة مع رباعيات الخيَّام. ويمثل كتابه «الخاصية المنفردة في الخطاب المسرحي، دراسة نقدية» (1997) الانشغال بالبحث عن عناصر الحساسية المنفردة في الخطاب المسرحي. وفي كتابه «عالم روائي في القصة القصيرة، دراسات نقدية» (2007) برز سؤال الأنساق وسؤال التجنيس الأدبي في السَّرديات؛ إذ لا توجد أجناس معزولة وإنَّما توجد صيغ وتقنيات متنوعة لعوالم قصصية لا ترتضي بالنهايات المطلقة. ويمثِّل كتابه «المسافة وإنتاج الوعي النقدي، أحمد المناعي والوعي بالحركة الأدبيّة الجديدة في البحرين» (2010) اجتراحًا نقديًا لمصطلح نقدي جديد هو «المسافة النقدية». إنَّ «المسافة النقدية» تعني أنَّ تجربة الناقد تمنح إمكانيات كبيرة لتأويلها وفهمها بعمق أكثر ممّا يتوقعها هو، أو يتوقعها الزمن المؤسّس لها، وهذه واحدة من كشوف فلسفة الخطابات المؤولة، فكثيرًا ما يطمس زمنٌ ما نصوصًا وتجارب دون أن يعني ذلك نقصها الفادح، وعدم امتلاكها لروح الحدث وعمق التأسيس في الوعي.
تمثّل الخطابات الموازية مكونًا رئيسًا من مكونات الخطاب النقدي لدى الناقد البحريني الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم، ويتضح هذا المكوِّن النقدي في كتابيه «المسرح الموازي في سوسيولوجيا البدايات المسرحية والوعي القومي في الخليج العربي» (2013)، و«مسرح القضية الأصلية، البنية الفكرية في مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي» (2015). إنَّ الوعي العميق بالخطابات الموازية في علاقتها بالإبداع الأدبي هو امتداد نقدي طبيعي لبحث د. غلوم عن التقابلات البنيوية بين الفنون الدرامية (المسرح، القصة القصيرة، القصيدة، الرواية) وحركة التغيّر الاجتماعي والسياسي في مجتمعات الخليج العربي. ويشكّل سؤال النسق والبنية إشكالية البحث في الخطابات الموازية لمسرح سلطان القاسمي؛ فالقضية الأصلية وبنية السؤال واحدة في حين أنَّ النصوص مترامية، متعدَّدة بين مسرح، وتاريخ، ورواية، وسيرة ذاتية».
يتوفَّر الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم على وعي عميق بأهمية الثقافة الشعبيّة وضرورة إخضاعها للدرس الأكاديمي المنهجي؛ ولذلك فهو يُعد مؤسِّسًا لمقرر «الأدب الشعبي» (الفولكلور)، وجعله مقررًا في برنامج البكالوريوس في اللغة العربيّة وآدابها. إنَّ جامعة البحرين تاريخيًا هي من أوائل الجامعات الخليجيّة تنبهًا ووعيًا إلى أهمية الثقافة الشعبيّة وعلاقتها بالهُوية الثقافيّة. يقول أ. د غلوم في هذا السياق: «إنَّ غياب هذا الحقل أو غياب اختصاص واحد من هذا الحقل يُعد نقصًا فادحًا وخطيرًا في المعرفة الجامعية فقمتُ بإدخال هذا الحقل حتّى يسد الفجوة الكبيرة التي كانت موجودة في مجال العلوم الإنسانيّة. فالهدف الاستراتيجي الأول الذي دفعني إلى تدريس هذا المقرر هو محاولة استكمال المعرفة الإنسانيّة المطروحة داخل الجامعة فلا يجوز إغفال حقل الدراسات الشعبيّة لأنَّ ذلك يعتبر نقصًا. وقد قمتُ كذلك بإدخال هذا المقرر ضمن المقررات الاختيارية في علم الانثروبولوجيا».
أيَّها الحفل الكريم،
نحتفي اليومَ بتدشين كتاب “الجهود النقدية والفكرية للأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم، أعمال ثلة من الأساتذة الباحثين»، وهو كتاب نشر مشترك بين جامعة البحرين ودار الروافد الثقافية ناشرون في طبعته الأولى 2023. لقد صدرت فكرة هذا الكتاب التكريمي عن رغبة قسم اللغة العربيّة والدراسات الإسلاميّة في الاحتفاء بالمنجز النقدي والإبداعي للناقد البحريني الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم الذي هو مؤسِّس القسم وأحد أهم أساتذته؛ والجامعة بذلك تدشن تقليدًا أكاديميًا رصينًا في الاحتفاء بعلاماتها النقدية التأسيسيّة، وهي تقاليد الجامعات العلميّة العريقة. شكر مستحق للدكتورة جواهر بنت شاهين المضاحكة رئيسة جامعة البحرين على دعمها الكبير ومساندتها للمبادرة منذ تأسيسها إلى تجلياتها الأخيرة، وعلى دعمها التأسيسي الكبير كذلك لأدوار الأكاديميين البحرينيين المثقفين من خلال الشراكات الأكاديمية الثقافية الفاعلة ودعم أهداف التنمية الثقافية المستدامة لمملكة البحرين. شكر مستحق لسعادة عميد كلية الآداب الدكتور عبدالعزيز محمد بوليلة على دعمه ومساندته لهذا التقليد الأكاديمي الرصين في الاحتفاء بالرموز التأسيسية الأكاديمية البحرينية الرصينة. شكر مستحق لهذه النخبة الاستثنائية من النقاد والباحثين البحرينيين والعرب وعددهم ثمانية وعشرون ناقدًا وأكاديميًا ومثقفًا (من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، وسلطنة عُمان، والأردن، وسوريا، ومصر، وتونس. يتشكّل هذا الكتاب التكريمي من مقارباتهم النقدية وهم: أ.د محمد الهادي الطرابلسي، عبدالعزيز السريّع، أحمد علي المناعي، يوسف الحمدان، قاسم حدّاد، كريم رضي، عبدالقادر عقيل، د. عبدالقادر المرزوقي، د. راشد نجم النجم، د. فهد حسين، أ.د إبراهيم السعافين، أ.د سامي سليمان أحمد، أ.د معجب العدواني، أ.د سليمان الشطي، د. لولوة بنت خليفة آل خليفة، د. آمنة الربيع. د. مي يوسف السادة. د. أنيسة إبراهيم السعدون. أ.د سعد البازعي، د. حميد لحمداني. أ.د حسن البنا عزالدين، أ.د محمد نجيب العمامي. أ.د عبدالله الغذَّامي. أ.د أحمد محمد ويس. أ.د عبدالفتَّاح يوسف. د. إيهاب محمد أبوستة، د. خليفة بن عربي، أ.د عبدالله البهلول. التي توزعت على ثلاثة حقول: دراسات عن المنجز النقدي والإبداعي، وشهادات، وأبحاث مهداة. وشكر مستحق كذلك لزميليّ الأستاذ الدكتور عبدالفتّأح يوسف أستاذ الأدب والدراسات النقدية الحديثة والأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد بهلول أستاذ البلاغة والنقد السابق بالقسم. لقد كنتُ سعيدة جدًا بفريقنا البحثي الذي شكلناه لتحرير هذا الكتاب التكريمي بشغف كبير وصبر جميل لإنجازه حتى تحقّقه النهائي بشكل رصين ومتقن يليق بأستاذنا العزيز بعد مرور حوالي عام ونصف العام على بدء الاشتغال به.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك