العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحرب الروسية الأوكرانية تدخل عامها الثاني

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٠٣ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

دخلت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬عامها‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مؤشرات‭ ‬أو‭ ‬بوادر‭ ‬أو‭ ‬أفق‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وحل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬سلبا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬وعلى‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬والمستويات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والغذائية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬حيث‭ ‬يدفع‭ ‬الجميع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬الغرب‭ ‬عندما‭ ‬فرضها‭ ‬فرضا‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬رغم‭ ‬المحاولات‭ ‬والجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬روسيا‭ ‬لإقناع‭ ‬الغرب‭ ‬بإيجاد‭ ‬حل‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬العقلاني‭ ‬والهادئ‭ ‬الذي‭ ‬يراعي‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومنها‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬المخاوف‭ ‬الأمنية‭ ‬لروسيا‭ ‬لحماية‭ ‬حدودها‭ ‬وأمنها‭ ‬القومي‭ ‬وأيضا‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬واحترام‭ ‬سيادتها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العلاقات‭ ‬الخاصة‭ ‬والتاريخ‭ ‬المشترك‭ ‬وخصوصية‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي‭ ‬الأزلي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭ ‬الروسي‭ ‬والأوكراني‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ساحة‭ ‬لحربين‭ ‬عالميتين‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬وعم‭ ‬الخراب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬كلها‭ ‬انتهت‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬عندما‭ ‬ألقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القنابل‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬مدينتي‭ ‬ناجازاكي‭ ‬وهيروشيما‭ ‬اليابانيتين‭ ‬وخلفت‭ ‬الدمار‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬سقوط‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬اليابانيين‭ ‬بين‭ ‬قتيل‭ ‬وجريح‭ ‬ومعاق‭ ‬وتشوهات‭ ‬وأمراض‭ ‬وآلام‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬فمشاهد‭ ‬الرعب‭ ‬التي‭ ‬خلفها‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬يتذكرها‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬كلما‭ ‬تحل‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الأليمة‭ ‬ويتذكر‭ ‬معها‭ ‬خطورة‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬وجسامة‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬الذي‭ ‬يشكله‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬وعلى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬كوكبنا‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استخدامه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬ورغم‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وغير‭ ‬مهتمة‭ ‬بما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬ودمار‭ ‬وقتل‭ ‬لآلاف‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الروس‭ ‬والأوكرانيين‭ ‬وتحويل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬أشباح‭ ‬بسبب‭ ‬الدمار‭ ‬والخراب‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بها،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬مصلحة‭ ‬أمريكية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬ضغطت‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لعدم‭ ‬شراء‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬شراء‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبأسعار‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط‭ ‬الروسيين‭ ‬وتزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالسلاح‭ ‬الأمريكي‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تشغيل‭ ‬مصانع‭ ‬إنتاج‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكالها‭ ‬وأنواعها‭ ‬وبالتالي‭ ‬توفير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أقل‭ ‬الدول‭ ‬تضررا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬حيث‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬رحاها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬بعكس‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬اقتصادها‭ ‬ومستوى‭ ‬معيشة‭ ‬مواطنيها‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬إغلاق‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والشركات‭ ‬التجارية‭ ‬والصناعية‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وأدت‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬وتراجع‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬المواطن‭ ‬الأوروبي‭.‬

وعليه‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الحرب‭ ‬وتستمر‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انسداد‭ ‬الآفاق‭ ‬وعدم‭ ‬رغبة‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬إنهائها‭ ‬وخصوصا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لأن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيسي‭ ‬لدول‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬إنهاك‭ ‬روسيا‭ ‬واستفزازها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬أظهرت‭ ‬بعد‭ ‬عامها‭ ‬الأول‭ ‬بأن‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يتصوره‭ ‬الغرب‭ ‬فقد‭ ‬صمدت‭ ‬روسيا‭ ‬رغم‭ ‬قساوة‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬آلاف‭ ‬عقوبة‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬العقوبات‭ ‬تفرض‭ ‬عليها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬أصبح‭ ‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬وأن‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تضررت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬نرى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المظاهرات‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تعم‭ ‬العواصم‭ ‬والمدن‭ ‬الأوروبية‭ ‬ويشارك‭ ‬فيه‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬المناوئة‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬والداعية‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬العقوبات‭ ‬وعودة‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬كشريك‭ ‬اقتصادي‭ ‬مهم‭ ‬لأوروبا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا