دخلت الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني من دون أن تكون هناك أي مؤشرات أو بوادر أو أفق لإنهاء هذه الحرب وحل هذه الأزمة التي أثرت سلبا في العالم أجمع وعلى مختلف الأصعدة والمستويات الاقتصادية والسياسية والغذائية والاجتماعية حيث يدفع الجميع ثمن هذه الحرب غير المبررة التي تسبب فيها الغرب عندما فرضها فرضا على روسيا الاتحادية رغم المحاولات والجهود الكبيرة التي بذلتها روسيا لإقناع الغرب بإيجاد حل للأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية من خلال الحوار العقلاني والهادئ الذي يراعي مصالح الجميع بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا ومنها الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الأمنية لروسيا لحماية حدودها وأمنها القومي وأيضا المحافظة على وحدة الأراضي الأوكرانية واحترام سيادتها في إطار العلاقات الخاصة والتاريخ المشترك وخصوصية الترابط الأسري والاجتماعي الأزلي بين البلدين الشقيقين الروسي والأوكراني حفاظا على الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية التي كانت ساحة لحربين عالميتين خلال أقل من أربعة عقود من الزمان راح ضحيتها الملايين من البشر وعم الخراب الدول الأوروبية كلها انتهت باستخدام السلاح النووي عندما ألقت الولايات المتحدة الأمريكية القنابل الذرية على مدينتي ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين وخلفت الدمار وتسببت في سقوط مئات الآلاف من الضحايا من اليابانيين بين قتيل وجريح ومعاق وتشوهات وأمراض وآلام نفسية واجتماعية لا يزال يعاني منها سكان هذه المدن فمشاهد الرعب التي خلفها السلاح النووي لا تزال راسخة في ذاكرة الأجيال في جميع أنحاء العالم يتذكرها جيلا بعد جيل كلما تحل هذه الذكرى الأليمة ويتذكر معها خطورة استخدام السلاح النووي وجسامة الخراب والدمار الذي يشكله على البشرية وعلى الحياة في كوكبنا الذي نعيش فيه في حالة استخدامه مرة أخرى لا سمح الله.
من الواضح ورغم مرور عام على هذه الحرب غير المبررة بأن دول الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد إنهاء هذه الحرب التي فرضتها على روسيا الاتحادية كما أسلفنا وغير مهتمة بما تحدثه من خراب ودمار وقتل لآلاف الشباب من الروس والأوكرانيين وتحويل العديد من المدن والقرى إلى مدن أشباح بسبب الدمار والخراب الذي حل بها، لأن هذه الحرب هي مصلحة أمريكية بالدرجة الأولى التي ضغطت على دول الاتحاد الأوروبي لعدم شراء الغاز والنفط من روسيا وفي المقابل شراء الغاز والنفط من الولايات المتحدة الأمريكية وبأسعار تزيد على أربعة أضعاف الغاز والنفط الروسيين وتزويد أوكرانيا بالسلاح الأمريكي ما يعني تشغيل مصانع إنتاج السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية بمختلف أشكالها وأنواعها وبالتالي توفير المزيد من فرص العمل للحد من ارتفاع معدل البطالة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي، فضلا عن أن الولايات المتحدة الأمريكية أقل الدول تضررا من هذه الحرب، حيث تقع على بعد آلاف الكيلومترات من ساحة هذه الحرب التي تدور رحاها في القارة العجوز بعكس دول الاتحاد الأوروبي التي تدفع ثمن هذه الحرب من اقتصادها ومستوى معيشة مواطنيها حيث أدت الحرب إلى إغلاق عديد من المصانع والمؤسسات والشركات التجارية والصناعية في عديد من الدول الأوروبية وأدت أيضا إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات غير مسبوقة وارتفاع الأسعار وتراجع مستوى معيشة المواطن الأوروبي.
وعليه فإن من المرجح أن تستمر الحرب وتستمر العمليات العسكرية في ظل انسداد الآفاق وعدم رغبة دول الناتو في إنهائها وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية لأن الهدف الرئيسي لدول الناتو هو إنهاك روسيا واستفزازها، إلا أن الحرب أظهرت بعد عامها الأول بأن روسيا الاتحادية أقوى مما كان يتصوره الغرب فقد صمدت روسيا رغم قساوة العقوبات التي لم يشهدها العالم والتي بلغت أكثر من سبعة آلاف عقوبة ولا تزال العقوبات تفرض عليها، بل إن الاقتصاد الروسي أصبح أقوى مما كان عليه قبل الحرب وأن دول الاتحاد الأوروبي هي من تضررت من هذه العقوبات نرى ذلك في المظاهرات اليومية التي تعم العواصم والمدن الأوروبية ويشارك فيه الآلاف من المواطنين والمقيمين المناوئة لهذه الحرب والداعية إلى وقف العقوبات وعودة روسيا الاتحادية كشريك اقتصادي مهم لأوروبا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك