خاطرة
عبدالرحمن فلاح
هدية الهداية!
الهداية في القرآن هدايتنا، الأولى: هداية الدلالة، والثانية: هداية المعونة والتمكين -كما يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى - والهدايتان جاءت الإشارة إليهما في سورة البقرة، الهداية العامة في قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان..) البقرة/185. و«الناس» لفظ عام يفيد كل الناس، وهذه هي هداية الدلالة فمن أقبل عليها، وآمن بالإسلام استحق بعد ذلك الهداية الثانية، وهي هداية المعونة والتمكين، وهذه جاءت الإشارة إليها في بداية سورة البقرة في قوله تعالى: (ألم(1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين(2)) البقرة.
وهؤلاء الذين بلغوا مرتبة التقوى بعد أن قبلوا هداية الدلالة، واجتهدوا في العبادة والتقرب إلى الله تعالى.. هؤلاء استحقوا المعونة والتمكين، فأنزل عليهم ربهم رحماته وبركاته، وفتح لهم أبواب عطائه، فأخذوا بالأسباب وارتقوا في سلم الدرجات حتى صاروا من المتقين وهذه من هدايا رمضان وبره بهم، فيسر السبيل لهم، ودلهم على صراط الله المستقيم، فذاقوا حلاوة الإيمان، وشعروا بمآثر رمضان، وحسن زيارته لهم بعد أن أحسنوا استقباله، وأخلصوا في أداء ما افترضه الله تعالى عليهم من تكاليف، ثم زادوا عليها النوافل التي سنها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) عليهم، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.
ورمضان شهر تكثر فيه الطاعات من: تلاوة للقرآن، وإنفاق في سبيل الله تعالى، والبر بالوالدين وصلة الأرحام.. إنه شهر الخيرات والبركات لا يدع المسلم فيه شيئًا من أعمال البر إلا أتاه وبالغ فيه، وعلى المسلم الصائم أن يكثر من عمل الطاعات لبلوغ الأهداف والغايات متخذًا من الوسائل المشروعة ما يعينه على ذلك ولا شك أن الصيام يعين على الطاعة حين تصفو النفوس من الأكدار، وتطمئن القلوب حين تشع أنوار الهداية الربانية لتملأ جوانح المسلم، فيسعى على بصيرة، يقول تعالى: (أفمن يمشي مكبًا على وجهه أهدى أمَّنْ يمشي سويًا على صراط مستقيم) الملك /22.
والاستقامة في الأقوال والأفعال أرجى لبلوغ الغايات.. إن لفظ الاستقامة لفظ عامرٌ بالإيمان، زاخر بالعطاء فإذا اتخذه المسلم سبيلًا لمرضاة الله تعالى قاده إلى خيري الدنيا والآخرة.
هذا هو بعض عطاء رمضان وبره بأهله.. وهذه بعض هداياه التي يتفضل بها علينا كل عام، فهل تستنكرون علينا فرحتنا بقدومه، وتشوقنا إلى لقياه وتنسم عبير عطائه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك