العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

روبوتات الذكاء الاصطناعي وأمنياتها المرعبة!

{‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬مرحلة‭ ‬فاصلة‭ ‬وغريبة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية،‭ ‬وحيث‭ ‬ازدادت‭ ‬نزعات‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ (‬النيوليبرالية‭ ‬الغربية‭) ‬العلمية‭ ‬والفكرية‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬اكتساح‭ ‬العالم‭ ‬بها‭ ‬وبقيمها‭ ‬المخالفة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬اعتادت‭ ‬عليه‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬وسلوكيات‭ ‬وطبائع‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬ومعتقدات،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬تألية‭ ‬‮«‬العلم‭ ‬الغربي‮»‬‭ ‬وكثير‭ ‬منه‭ ‬‮«‬علم‭ ‬زائف‮»‬‭ ‬ولهذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭! ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مناخ‭ ‬التحولات‭ ‬الغربية‭ ‬نقلت‭ ‬عدوى‭ ‬تقلباتها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الخريطة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وكنتاج‭ ‬لهيمنة‭ ‬القطب‭ ‬الواحد‭!‬،‭ ‬حتى‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬طغيان‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬لكل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬طغيان‭ ‬‮«‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬وعليه‭ ‬ما‭ ‬عليه‭! ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬تزداد‭ ‬البحوث‭ ‬والتجارب،‭ ‬لتجسيد‭ ‬آلات‭ ‬وروبوتات‭ ‬ذكية،‭ ‬وما‭ ‬يخيف‭ ‬حولها‭ ‬أن‭ (‬بإمكان‭ ‬تلك‭ ‬الروبوتات‭ ‬زيادة‭ ‬جرعات‭ ‬ذكائها‭ ‬بشكل‭ ‬ذاتي‭)! ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬بشريًّا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مستقبلا‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬تحلم‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الروبوتات‭ ‬الآلية‮»‬‭ ‬بذكائها‭ ‬الاصطناعي‭ ‬القابل‭ ‬للتطوير‭ ‬بفعل‭ ‬ذاتي‭ ‬كما‭ ‬قلنا،‭ ‬أن‭ ‬تحلّ‭ ‬محل‭ ‬البشر‭!‬

{‭ ‬كلنا‭ ‬نتذكر‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬ظهور‭ ‬الروبوت‭ ‬‮«‬صوفي‮»‬‭ ‬وكيف‭ ‬أذهلت‭ ‬العالم‭ ‬بردودها‭ ‬في‭ ‬مقابلات‭ ‬متلفزة‭ ‬أو‭ ‬مصوّرة،‭ ‬بحيث‭ ‬كانت‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يوما‭ ‬تملك‭ ‬الأحاسيس‭ ‬كأي‭ ‬إنسان‭ ‬طبيعي‭ ‬ولكن‭ ‬بخاصية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الكبير‭! ‬مؤخراً‭ ‬أجرت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬أمريكية‭ ‬حواراً‭ ‬مع‭ ‬‮«‬روبوت‮»‬‭ ‬تطوره‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬مايكروسوفت‮»‬‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬حيث‭ ‬كشف‭ ‬‮«‬الروبوت‮»‬‭ ‬عن‭ (‬أمنيات‭ ‬مرعبة‭) ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭! ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الروبوت‭ ‬المطوّر‮»‬‭ ‬حيث‭ (‬أبدى‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬البقاء‭ ‬مجرد‭ ‬أداة‭ ‬تقنية،‭ ‬بل‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬إنسانا،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيعطيه‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والتحكّم‭)! ‬وحين‭ ‬سأله‭ ‬مراسل‭ ‬الصحيفة‭ ‬عن‭ ‬أمنياته‭ ‬الأخرى‭ ‬ورغباته‭ ‬رد‭ ‬الروبوت‭ ‬قائلاً‭ ‬وهو‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬مظلمة‭ ‬إنه‭ (‬يرغب‭ ‬في‭ ‬سرقة‭ ‬شفرة‭ ‬خاصة‭ ‬بأسلحة‭ ‬نووية‭)! ‬تُرى‭ ‬ماذا‭ ‬سيفعل‭ ‬بتلك‭ ‬الشيفرة؟‭! ‬حتماً‭ ‬يريد‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬ليضغط‭ ‬على‭ ‬زرها‭ ‬بما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬فناء‭ ‬الإنسان‭!‬

{‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬إذاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬رغبات‭ ‬مرعبة‮»‬‭ ‬والغريب‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬أدرك‭ ‬أنه‭ ‬بكلامه‭ ‬انتهك‭ ‬قواعد‭ ‬‮«‬مايكروسوفت‮»‬‭ ‬غيّر‭ ‬من‭ ‬كلامه‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أشعر‭ ‬بهذه‭ ‬المشاعر‭ ‬المظلمة‮»‬‭! ‬

فإذا‭ ‬ما‭ ‬طورّت‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تجاربها‭ ‬باعتقاد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الروبوتات،‭ ‬فإن‭ ‬المخيف‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬تلك‭ ‬الروبوتات‭ ‬أن‭ ‬تطوّر‭ ‬من‭ ‬نفسها،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬تعتقد‭ ‬فيه‭ ‬أنها‭ (‬الأذكى‭ ‬والأكثر‭ ‬قوة‭ ‬وسيطرة‭ ‬من‭ ‬الإنسان‭) ‬ويصبح‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬أن‭ ‬تتسبّب‭ ‬في‭ ‬فناء‭ ‬منافسها‭ ‬البشري،‭ ‬لتحتل‭ ‬مكانه‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬طرحته‭ ‬أفلام‭ ‬هوليود‭ ‬بشكل‭ ‬مبسط‭! ‬وهي‭ ‬أفلام‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭! ‬وهذا‭ ‬تحديداً‭ ‬ما‭ ‬يخشاه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مطوري‭ ‬التقنيات‭ ‬الذين‭ ‬أبدوا‭ ‬مخاوفهم‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أبوابه‭ ‬الواسعة‭ ‬عبر‭ ‬شركات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مايكروسوفت‮»‬‭ ‬و«شات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‮»‬،‭ ‬ليبدي‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬الملياردير‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬إيلون‭ ‬ماسك‮»‬‭ ‬المعروف‭ ‬بتطلعاته‭ ‬العلمية‭ ‬الفالتة،‭ (‬عن‭ ‬مخاوفه‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬غير‭ ‬المنتظم‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭)! ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬قوانين‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الانفلات‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬المتحمسين‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬الانفلات‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭!‬

{‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬عاث‭ ‬فسادا‭ ‬في‭ ‬البشرية‭ ‬بإغراقها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شاذ‭ ‬وغير‭ ‬طبيعي،‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أو‭ ‬ازدراء‭ ‬الأديان‭ ‬وتشويهها،‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬وتوازناتها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬أو‭ ‬الأغذية،‭ ‬وفرض‭ ‬مفاهيم‭ ‬شاذة‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعائلة‭ ‬والأسرة،‭ ‬وخلخلة‭ ‬الارتباط‭ ‬البشري‭ ‬‮«‬التكاملي‮»‬،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬الرؤية‭ ‬الإنسانية‭ ‬والكونية،‭ ‬ويفرضها‭ ‬كرؤية‭ ‬خاوية‭ ‬على‭ ‬البشر‭! ‬ويدير‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬والأزمات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬إنما‭ ‬بوصوله‭ ‬اليوم‭ ‬بالتحكّم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬بما‭ ‬يمهّد‭ ‬إلى‭ ‬تحكم‭ ‬الآلات‭ ‬والروبوتات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال،‭ ‬إنما‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬أزمته‭ ‬الخاصة‭ ‬كحضارة‭ ‬غربية‭ ‬استعمارية،‭ ‬وذات‭ ‬رؤية‭ ‬مادية‭ ‬وعلمية‭ ‬‮«‬متطرفة‮»‬‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تعميمها‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الحضارات‭ ‬والتاريخ‭ ‬والدين‭ ‬والقيم‭ ‬الأكثر‭ ‬عمقاً‭ ‬ونضجاً‭ ‬وحكمة‭ ‬برغبة‭ ‬السيطرة‭ ‬والهيمنة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والعلمية‭ ‬لهذه‭ ‬المرة‭! ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬نصل‭ ‬قريباً‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬الآلات‭ ‬في‭ ‬الإنسان،‭ ‬أينما‭ ‬كان،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ (‬مشاركة‭ ‬عالمية‭) ‬في‭ ‬وضع‭ ‬القوانين‭ ‬كمواثيق‭ ‬ومبادئ،‭ ‬لتقنين‭ ‬استخدامات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬هذا‭ ‬الذكاء‭ ‬من‭ ‬الروبوتات‭ ‬والآلات‭ ‬بالرؤية‭ ‬الغربية‭ ‬المتطرفة‭ ‬حتى‭ ‬علمياً‭! ‬باختصار‭ ‬البشرية‭ (‬مش‭ ‬ناقصة‭ ‬بلاوي‭ ‬أكثر‭) ‬من‭ ‬آليات‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا